تمهيد : مقال قديم كنت قد كتبته منذ فترة طويلة و كنت قد عانيت كثيراً في صياغة أفكاره بعد أن كانت تدور في خلدي منذ زمن حيث كنت أجد نفسي أسير هذا الصراع النفسي بين ما أكتب و بين ما أمارس. اليوم ، أجد الفرصة مواتية الآن لكتابة ما بنفسي دون أن يتم إسقاط هذا الشئ على شخص آخر. فهذا الحديث يدور بيني و بين نفسي منذ فترة و حان وقت البوح.
جميعنا يتكلم عن فضيلة الحوار كوسيلة للتفاهم و طرح الأفكار و التواصل المعرفي بين الأفراد و المجموعات. و جميعنا أيضاً تصادفه بعض الإشكالات خلال حواره مع أطراف معينة قد تكون عائدة الى ذهنيته و طريقته و إسلوبه في الحوار أو قد تكون مختصة بالطرف الآخر. و يختلف إسلوب شخص لآخر في الحوار. البعض يرى أن الحوار العقلاني هو أفضل الطرق شريطة التجرد من الأهواء و الأفكار الموروثة و عدم إعتماد أي قيم غيبية مسبقة قبل الدخول في هذا الحوار و أهمية إحترام الطرف المقابل مهما كانت إطروحاته. بينما هناك مجموعة أخرى ترى أن ضرورة عدم التقيد بالخطوط الحمراء هو أحدى الوسائل التي تكفل الإبداع و نقل النقاشات الى مستويات أخرى قد لا تدور في خلد الأطراف المتناقشة.
أنا أقول بأن كل هذا لا يهم. المهم هو أن يقبل الطرفين بطريقة تناسبهما للحوار. شخصياً أرى لزاماً علي أن أتقبل كافة الآراء المطروحة (مهما بلغت شدة الإختلاف و حدته) على أنها آراء موجودة. لكنني لا أدعي أبداً بأنه يسعني إحترامها كلها.
أعتقد و اؤمن حقيقةً بضرورة إحترام الآخر و تقبل أفكاره مهما كانت غريبة و متضادة معي. حاولت أن أكتب و ان انشر هذا و ان أمارسه أيضاً. لكنني في الوقت نفسه وجدت بأنني ضحية لإستغلال كثيرين لي. بحيث كنت أقف مع أشخاص في سبيل حريتهم و في سبيل مصلحتهم و لكن لا أجد نفس الموقف منهم ، ليس فقط بما يخصني فهذا لا يهم ، و لكن فيما يخص فئات و مجموعات تعيش بين ظهرانينا.
لا يمكنني أن أحترم رأي غير المحترم ، المتقلب ، المتلون ، الإنتهازي ، الذي يسعى لمصلحته دوناً عن مصالح الآخرين ، الذي يلهث فقط وراء رغباته و اهوائه ضارباً بعرض الحائط أية قيم قد نؤمن بها. لا يسعني ذلك إطلاقاً و لن توجد هناك قوة على الأرض تلزمني بأن أناقش آراء غير المحترم. تعريف هذا الإحترام و حدوده و شروطه أحددهما أنا الفرد المتحاور. و لكن كي لا نسقط في فخ الديكتاتورية و إهمال الآراء أشرت بالفرق بين تقبل الرأي و ما بين إحترامه. فالتقبل يعني وجود الرأي دون إلزام مناقشته. لكن الإحترام يفتح المجال للنقاش و المحاورة.
نعم أنا أختلف مع كثيرين. أبدل رأيي بسهولة. أكره أن أؤثر في الآخرين و أن أرتدي ثوب الواعظ أو الحكيم. إنا فقط أطرح أفكاري للنقاش بغرض التحسين و التطوير (بما يصب في مصلحتي أنا أولا و أخيراً) ، أي أنا المستفيد الحقيقي من هذا الحوار لا أنتم. الغرض ليس نشر أفكاري ! أبداً لم يكن هذا الهدف بل أنا أتجنب طرح أهوائي الشخصية و قناعاتي الدينية و الإجتماعية. فهي خيار شخصي لي لا علاقة له بما أكتب أو اعلق.
من هنا أنا لا أرى أن القسوة في نقد الأفكار و الأشخاص هي أمر خاطئ بالضرورة. قد تقلل عدد الأصدقاء و لكن مثلما أسلفت الهدف ليس زيادة عدد القراء أو الأصدقاء. لكن الرد على من لا يحترم قناعات الآخرين و لا يقيم لها وزناً هو أمر مهم جداً بل قد يؤسس مجالات أرحب و أرضيات مشتركة بين باقي الأفراد و الجماعات.
على سبيل المثال ، أنا أدعي بأن لا مشكلة بيني و بين أي شخص لا يتمتع بنعمة اليقين الإيماني. له أن يعتقد و يقول و يصرح بما يعتقد. بل أجد من اللازم ان أفتح عقلي و قلبي لهؤلاء فهم جزء من مجتمعنا هذا ، و يجب علينا أن لا نهمشهم كي لا يلجئوا الى أساليب غير محمودة. و لكن في الوقت نفسه هناك الكثيرون ممن إمتهنوا الطعن في معتقدات الآخرين و تسفيهها و الحط من قيمة الآخرين. هنا أتساءل ، هل من الواجب علي أن أحترم ممن لا يستحق الإحترام؟ ممن لا يمارس نفس القيمة التي أجبر نفسي عليها؟
أنا أرى نماذج مريضة نفسياً و تعاني من هلوسات فكرية. تعاني من متلازمة الكره. الكره لكل شئ يحيط بها ، المجتمع ، الأسرة ، الحكومة ، الدين ، كل شئ. أنا حقاً أرثى لهم ، و اعتقد بأننا (كمجتمع) سبب رئيسي في ضياع هذه الشخصيات. نحن من جعلهم يميلون لهذا النوع من التطرف الفكري بسبب أخطاءنا التي لا يمكن لأي عاقل أن ينكرها. لكني دعوني أكون صريحاً ، هذا لا يبرر أن أتحمل عدم إحترامهم لما نعتقد أو نظن.
ربما قد يكون لدى أشخاص منكم سعة الصدر هذه بما يسمح له إحترام غير المحترم ، ربما يملك هذا الإيمان بأفكاره و مبادئه الذي يجعله يتجاوز و يترفع. لكنني أعترف ، أنا لست بهذا القدر من الإيمان. و لا يجوز لأحد أن يلزمني أن أحترم من لا يستحق الإحترام. لذا فإنني أجد أن القسوة قد تكون مبررة.
هناك ذلك التساؤل الآخر حول القسوة. هل يجوز لنا أن نقسي على أشخاص آخرين؟ إستعرضت أحداث حياتي و تصرفاتي و ناقشت نفسي بها و أقسم بالله بأنني لم اكن أبحث عن مبررات بقدر ما كنت أستكشف وجهة نظري حول هذا الأمر. في البداية قالت لي نفسي، إن القسوة تجوز مع من أحب. لكنها غير مبررة مع الغرباء و الآخرين ، فلا شئ في الدنيا يعطيني المبرر الكافي للقسوة على من لا تربطني صلة به. لكن بعد قليل من التفكير ، طورت مفهومي هذا ليكون كالتالي :
القسوة مبررة من أجل و في سبيل ما نحب. من أجل العائلة و الأطفال و الأصدقاء قد أكون قاسياً معهم. من أجل الوطن و الدين قد أكون قاسياً. من أجل المبادئ التي تربطني بالآخرين قد أكون قاسياً.
قد أكون مخطئاً ، لا أدري ، لكن هذه كانت نتيجة إجابتي على تساؤلاتي
جميعنا يتكلم عن فضيلة الحوار كوسيلة للتفاهم و طرح الأفكار و التواصل المعرفي بين الأفراد و المجموعات. و جميعنا أيضاً تصادفه بعض الإشكالات خلال حواره مع أطراف معينة قد تكون عائدة الى ذهنيته و طريقته و إسلوبه في الحوار أو قد تكون مختصة بالطرف الآخر. و يختلف إسلوب شخص لآخر في الحوار. البعض يرى أن الحوار العقلاني هو أفضل الطرق شريطة التجرد من الأهواء و الأفكار الموروثة و عدم إعتماد أي قيم غيبية مسبقة قبل الدخول في هذا الحوار و أهمية إحترام الطرف المقابل مهما كانت إطروحاته. بينما هناك مجموعة أخرى ترى أن ضرورة عدم التقيد بالخطوط الحمراء هو أحدى الوسائل التي تكفل الإبداع و نقل النقاشات الى مستويات أخرى قد لا تدور في خلد الأطراف المتناقشة.
أنا أقول بأن كل هذا لا يهم. المهم هو أن يقبل الطرفين بطريقة تناسبهما للحوار. شخصياً أرى لزاماً علي أن أتقبل كافة الآراء المطروحة (مهما بلغت شدة الإختلاف و حدته) على أنها آراء موجودة. لكنني لا أدعي أبداً بأنه يسعني إحترامها كلها.
أعتقد و اؤمن حقيقةً بضرورة إحترام الآخر و تقبل أفكاره مهما كانت غريبة و متضادة معي. حاولت أن أكتب و ان انشر هذا و ان أمارسه أيضاً. لكنني في الوقت نفسه وجدت بأنني ضحية لإستغلال كثيرين لي. بحيث كنت أقف مع أشخاص في سبيل حريتهم و في سبيل مصلحتهم و لكن لا أجد نفس الموقف منهم ، ليس فقط بما يخصني فهذا لا يهم ، و لكن فيما يخص فئات و مجموعات تعيش بين ظهرانينا.
لا يمكنني أن أحترم رأي غير المحترم ، المتقلب ، المتلون ، الإنتهازي ، الذي يسعى لمصلحته دوناً عن مصالح الآخرين ، الذي يلهث فقط وراء رغباته و اهوائه ضارباً بعرض الحائط أية قيم قد نؤمن بها. لا يسعني ذلك إطلاقاً و لن توجد هناك قوة على الأرض تلزمني بأن أناقش آراء غير المحترم. تعريف هذا الإحترام و حدوده و شروطه أحددهما أنا الفرد المتحاور. و لكن كي لا نسقط في فخ الديكتاتورية و إهمال الآراء أشرت بالفرق بين تقبل الرأي و ما بين إحترامه. فالتقبل يعني وجود الرأي دون إلزام مناقشته. لكن الإحترام يفتح المجال للنقاش و المحاورة.
نعم أنا أختلف مع كثيرين. أبدل رأيي بسهولة. أكره أن أؤثر في الآخرين و أن أرتدي ثوب الواعظ أو الحكيم. إنا فقط أطرح أفكاري للنقاش بغرض التحسين و التطوير (بما يصب في مصلحتي أنا أولا و أخيراً) ، أي أنا المستفيد الحقيقي من هذا الحوار لا أنتم. الغرض ليس نشر أفكاري ! أبداً لم يكن هذا الهدف بل أنا أتجنب طرح أهوائي الشخصية و قناعاتي الدينية و الإجتماعية. فهي خيار شخصي لي لا علاقة له بما أكتب أو اعلق.
من هنا أنا لا أرى أن القسوة في نقد الأفكار و الأشخاص هي أمر خاطئ بالضرورة. قد تقلل عدد الأصدقاء و لكن مثلما أسلفت الهدف ليس زيادة عدد القراء أو الأصدقاء. لكن الرد على من لا يحترم قناعات الآخرين و لا يقيم لها وزناً هو أمر مهم جداً بل قد يؤسس مجالات أرحب و أرضيات مشتركة بين باقي الأفراد و الجماعات.
على سبيل المثال ، أنا أدعي بأن لا مشكلة بيني و بين أي شخص لا يتمتع بنعمة اليقين الإيماني. له أن يعتقد و يقول و يصرح بما يعتقد. بل أجد من اللازم ان أفتح عقلي و قلبي لهؤلاء فهم جزء من مجتمعنا هذا ، و يجب علينا أن لا نهمشهم كي لا يلجئوا الى أساليب غير محمودة. و لكن في الوقت نفسه هناك الكثيرون ممن إمتهنوا الطعن في معتقدات الآخرين و تسفيهها و الحط من قيمة الآخرين. هنا أتساءل ، هل من الواجب علي أن أحترم ممن لا يستحق الإحترام؟ ممن لا يمارس نفس القيمة التي أجبر نفسي عليها؟
أنا أرى نماذج مريضة نفسياً و تعاني من هلوسات فكرية. تعاني من متلازمة الكره. الكره لكل شئ يحيط بها ، المجتمع ، الأسرة ، الحكومة ، الدين ، كل شئ. أنا حقاً أرثى لهم ، و اعتقد بأننا (كمجتمع) سبب رئيسي في ضياع هذه الشخصيات. نحن من جعلهم يميلون لهذا النوع من التطرف الفكري بسبب أخطاءنا التي لا يمكن لأي عاقل أن ينكرها. لكني دعوني أكون صريحاً ، هذا لا يبرر أن أتحمل عدم إحترامهم لما نعتقد أو نظن.
ربما قد يكون لدى أشخاص منكم سعة الصدر هذه بما يسمح له إحترام غير المحترم ، ربما يملك هذا الإيمان بأفكاره و مبادئه الذي يجعله يتجاوز و يترفع. لكنني أعترف ، أنا لست بهذا القدر من الإيمان. و لا يجوز لأحد أن يلزمني أن أحترم من لا يستحق الإحترام. لذا فإنني أجد أن القسوة قد تكون مبررة.
هناك ذلك التساؤل الآخر حول القسوة. هل يجوز لنا أن نقسي على أشخاص آخرين؟ إستعرضت أحداث حياتي و تصرفاتي و ناقشت نفسي بها و أقسم بالله بأنني لم اكن أبحث عن مبررات بقدر ما كنت أستكشف وجهة نظري حول هذا الأمر. في البداية قالت لي نفسي، إن القسوة تجوز مع من أحب. لكنها غير مبررة مع الغرباء و الآخرين ، فلا شئ في الدنيا يعطيني المبرر الكافي للقسوة على من لا تربطني صلة به. لكن بعد قليل من التفكير ، طورت مفهومي هذا ليكون كالتالي :
القسوة مبررة من أجل و في سبيل ما نحب. من أجل العائلة و الأطفال و الأصدقاء قد أكون قاسياً معهم. من أجل الوطن و الدين قد أكون قاسياً. من أجل المبادئ التي تربطني بالآخرين قد أكون قاسياً.
قد أكون مخطئاً ، لا أدري ، لكن هذه كانت نتيجة إجابتي على تساؤلاتي