عمر بن معاويه
عضو مخضرم
الطب النفسي.. والجرائم الغامضة ... إدعِ الجنون واهْـرُبْ
الأحد 28 فبراير 2016 - الأنباء
العديد من المتهمين ومنذ أعوام سابقة صدرت بحقهم أحكام بالإعدام لكنهم ينعمون بالحرية خارج البلاد
الأغلبية الساحقة من المتهمين يطلبون بعد وصولهم إلى القاضي إحالتهم إلى الطب النفسي للكشف على قواهم العقلية
أعذار مثل: «لم أكن أقصد» أو «لم أتوقع أن يموت» أو «كانت ساعة غضب لم أدرك بها أفعالي» هذه كلها أمور لا يعتد بها القانون
ان معدل الجريمة في الكويت في ازدياد مستمر، ومقارنة بنسبة السكان نجد ان الكويت من الدول التي يرتفع لديها مؤشر الجريمة، حيث تطل علينا كل يوم جريمة جديدة تقشعر لها الأبدان، ويشيب لها الولدان.
فها هو ذاك الذي يقدم على قتل شقيقه، وذلك الذي يقدم على قتل زوجته وأبنائه، وذلك الذي يرمي الناس بالرصاص في الطرقات، جرائم بشعة يقف فيها المتهم خلف القضبان ينتظر العقاب، ويأتي العقاب في كثير من الأحيان متصفا بانه عقاب ليس رادعا، لماذا؟!
ان المتهم الحقيقي الذي يقف خلف القضبان هو متهم وهمي في أغلب الاحيان يتخذه القاتل ومحاميه ذريعة يتهرب بها من العقاب.
وقد احتلت جرائم القتل والاعتداء على النفس المرتبة الثالثة من بين الجرائم الجنائية، مما يشير الى ان هذه الجريمة بالفعل أصبحت خطرة، وفي غاية السهولة من قبل البعض، وأغلبهم من المراهقين.
وتوضح احصائية نشرت حديثا ان عدد هذه النوعية من الجرائم، والتي وردت الى النيابة العامة خلال عام واحد بلغ 700 جريمة، وان الجرائم الأعلى ارتكابا هي جرائم الاعتداء على المال، يليها في المرتبة الثانية جرائم المخدرات والخمور.
مدعو الجنون
ففي المحكمة المتهم بالقتل يدعي بأنه مريض نفسيا فورا، والقاضي بدوره يحيله للفحص على قواه العقلية لأن القانون اعطاه هذا الحق وبالتالي اصبح كل قاتل يدعي الجنون.
وهناك العديد من المتهمين ومنذ أعوام سابقة صدرت فيها احكام بالاعدام، لكنهم ينعمون بالحرية خارج البلاد بعد هروبهم.
حوادث عديدة
شهدت محاكم الكويت العديد من الحوادث التي تثير الالتباس الكبير في ادعاء الجنون وقد قام أحد المتهمين بجريمة قتل ـ خلال محاكمته ـ بعمل حركات توحي بانه مريض نفسيا من داخل قفص الاتهام، وكان تارة يضحك وتارة يهز القفص الحديدي حتى ان القاضي نبهه بأن حركات مثل هذه لا تكون في مصلحته، لكنه لم يهدأ حتى جاء تقرير الطب الشرعي وأثبت انه مدرك تماما لتصرفاته وصدر عليه حكم الاعدام النهائي.
تزوير التقارير
في شهر ديسمبر عام 2010 أدى اكتشاف تقارير طبية مزورة صدرت من مستشفى الطب النفسي الى ازمة داخل وزارة الصحة بمراجعة جميع التقارير.
التقارير الطبية المزورة التي تم اكتشاف امرها لم يكن الهدف الوحيد منها ارسال اصحابها للعلاج في الخارج بل اتضح ان هناك أهدافا أخرى وراءها، ومن هذه الأهداف الافراج عن سجين أو تبرئة مجرم أو انقاذ تاجر أو قاتل من حبل المشنقة.
وأهداف اخرى لها علاقة بالطلاق والميراث والذمم المالية وذلك عن طريق التزوير في تقارير مستشفى الطب النفسي التي تثبت ان الشخص يعاني مرضا نفسيا يجعله غير مسؤول عن تصرفاته.
وتم التركيز آنذاك على تقارير صدرت من مستشفى الطب النفسي من خلال حالة تم اقرار علاجها بالخارج وتشخيصها من واقع الملف، بينما المريض خارج البلاد منذ سبعة أشهر ما أدى الى رفع مدير إدارة العلاج بالخارج تقريرا بهذه الواقعة يتعلق بحالة مصاب «بالانفصام» ارتاب في أمرها ورفعها الى وكيل وزارة الصحة، الأمر الذي جعل وزير الصحة الأسبق د.هلال الساير يلتقي الطبيب المسؤول وطبيبا استشاريا للاستماع لرؤيتهما حول إحالة شخص مصاب بالانفصام لأول مرة للعلاج بالخارج وهو الأمر الذي جعل الوزير الاسبق الساير يخشى من ان يفتح الباب على مصراعيه لإحالة هذا النوع من الحالات للعلاج بالخارج، فيما تتجاوز اعداد المصابين بهذا المرض 5 آلاف مصاب يراجعون مستشفى الطب النفسي.
جاء هذا الاهتمام من قبل الوزير الاسبق د. هلال الساير في وقت كان يدرس فيه مسؤولو الوزارة عددا كثيرا من التقارير التي شابتها ملاحظات كثيرة قد تكون متجاوزة الخطوط الحمراء لبروتوكولات التقارير الطبية المعتادة بالطب النفسي.
تسميم أبنائه
ومن القضايا التي شهدتها الكويت عندما أحالت محكمة الجنايات (مؤيد.س) المتهم بقتل خمسة من أبنائه بالسم ومحاولة قتل الثلاثة الآخرين إلى مستشفى الطب النفسي لتلقي العلاج بعد ان ثبت للمحكمة ان المتهم غير مسؤول جزائيا.
وكان المتهم قد قام بدس السم لأولاده الثمانية في أكواب العصير في الحادي والعشرين من ابريل 2006 بعد ان ايقظ اولاده الثمانية في منتصف الليل وأعطاهم السم ليتجرعوه وقام هو الآخر بتجرع السم ثم اتصل على زوجته التي تركت بيت الزوجية وذهبت الى بيت اهلها وأخبرها بأنه وأولاده قد شربوا العصير المسموم.
وقد قتل من الأبناء الثمانية س (10 سنوات)، ع. (8)، ط. (4)، أ. (3) قبل وصول الشرطة الى المنزل بعد اتصال والدتهم، كما لقيت البنت الكبرى ذ. (16) حتفها بعد وصولها الى المستشفى، وقد نجا من المذبحة الاسرية كل من ب. (14)، ع. (12)، وب. (9) بالإضافة الى والدهم الذي نجا من الموت بعد اجراء اللازم له بمستشفى الجهراء.
قاتل أسرته
قضية أخرى حكمت فيها محكمة الجنايات عام 2007 بإعدام مهندس كمبيوتر من غير محددي الجنسية (ظ.ف.) كانت النيابة العامة قد اتهمته بقتل زوجته وابنه وابنته.
وكان المتهم قد اطلق النار على زوجته (36 سنة) وابنه الأكبر 21 وابنته 14 اثناء نومهم في منزل الاسرة بالصليبية في الثامن من ديسمبر من العام 2004 وبعد اتمام جريمته اخذ اولاده الثلاثة الاخرين (10 سنوات) و(8 سنوات) و(5 سنوات) في سيارته متجها الى الواجهة البحرية، مدعيا انه في انتظار اتصال من «المهدي المنتظر» ليبارك ما فعل.
وأثناء التحقيقات ادعى المتهم ان المهدي المنتظر جاءه في المنام وأمره ان يقتل زوجته وولده وابنته اللذين كانا دائما يقفان مع والدتهما ضده عندما كان يدب الخلاف بينهما، كما ادعى بأن زوجته قامت بعمل سحر له مما جعله يعاني من مشكلات اسرية ونفسية ومادية، وقد جاء تقرير الطب النفسي ليؤكد ان المتهم مسؤول عن تصرفاته.
الأحد 28 فبراير 2016 - الأنباء
العديد من المتهمين ومنذ أعوام سابقة صدرت بحقهم أحكام بالإعدام لكنهم ينعمون بالحرية خارج البلاد
الأغلبية الساحقة من المتهمين يطلبون بعد وصولهم إلى القاضي إحالتهم إلى الطب النفسي للكشف على قواهم العقلية
أعذار مثل: «لم أكن أقصد» أو «لم أتوقع أن يموت» أو «كانت ساعة غضب لم أدرك بها أفعالي» هذه كلها أمور لا يعتد بها القانون
ان معدل الجريمة في الكويت في ازدياد مستمر، ومقارنة بنسبة السكان نجد ان الكويت من الدول التي يرتفع لديها مؤشر الجريمة، حيث تطل علينا كل يوم جريمة جديدة تقشعر لها الأبدان، ويشيب لها الولدان.
فها هو ذاك الذي يقدم على قتل شقيقه، وذلك الذي يقدم على قتل زوجته وأبنائه، وذلك الذي يرمي الناس بالرصاص في الطرقات، جرائم بشعة يقف فيها المتهم خلف القضبان ينتظر العقاب، ويأتي العقاب في كثير من الأحيان متصفا بانه عقاب ليس رادعا، لماذا؟!
ان المتهم الحقيقي الذي يقف خلف القضبان هو متهم وهمي في أغلب الاحيان يتخذه القاتل ومحاميه ذريعة يتهرب بها من العقاب.
وقد احتلت جرائم القتل والاعتداء على النفس المرتبة الثالثة من بين الجرائم الجنائية، مما يشير الى ان هذه الجريمة بالفعل أصبحت خطرة، وفي غاية السهولة من قبل البعض، وأغلبهم من المراهقين.
وتوضح احصائية نشرت حديثا ان عدد هذه النوعية من الجرائم، والتي وردت الى النيابة العامة خلال عام واحد بلغ 700 جريمة، وان الجرائم الأعلى ارتكابا هي جرائم الاعتداء على المال، يليها في المرتبة الثانية جرائم المخدرات والخمور.
مدعو الجنون
ففي المحكمة المتهم بالقتل يدعي بأنه مريض نفسيا فورا، والقاضي بدوره يحيله للفحص على قواه العقلية لأن القانون اعطاه هذا الحق وبالتالي اصبح كل قاتل يدعي الجنون.
وهناك العديد من المتهمين ومنذ أعوام سابقة صدرت فيها احكام بالاعدام، لكنهم ينعمون بالحرية خارج البلاد بعد هروبهم.
حوادث عديدة
شهدت محاكم الكويت العديد من الحوادث التي تثير الالتباس الكبير في ادعاء الجنون وقد قام أحد المتهمين بجريمة قتل ـ خلال محاكمته ـ بعمل حركات توحي بانه مريض نفسيا من داخل قفص الاتهام، وكان تارة يضحك وتارة يهز القفص الحديدي حتى ان القاضي نبهه بأن حركات مثل هذه لا تكون في مصلحته، لكنه لم يهدأ حتى جاء تقرير الطب الشرعي وأثبت انه مدرك تماما لتصرفاته وصدر عليه حكم الاعدام النهائي.
تزوير التقارير
في شهر ديسمبر عام 2010 أدى اكتشاف تقارير طبية مزورة صدرت من مستشفى الطب النفسي الى ازمة داخل وزارة الصحة بمراجعة جميع التقارير.
التقارير الطبية المزورة التي تم اكتشاف امرها لم يكن الهدف الوحيد منها ارسال اصحابها للعلاج في الخارج بل اتضح ان هناك أهدافا أخرى وراءها، ومن هذه الأهداف الافراج عن سجين أو تبرئة مجرم أو انقاذ تاجر أو قاتل من حبل المشنقة.
وأهداف اخرى لها علاقة بالطلاق والميراث والذمم المالية وذلك عن طريق التزوير في تقارير مستشفى الطب النفسي التي تثبت ان الشخص يعاني مرضا نفسيا يجعله غير مسؤول عن تصرفاته.
وتم التركيز آنذاك على تقارير صدرت من مستشفى الطب النفسي من خلال حالة تم اقرار علاجها بالخارج وتشخيصها من واقع الملف، بينما المريض خارج البلاد منذ سبعة أشهر ما أدى الى رفع مدير إدارة العلاج بالخارج تقريرا بهذه الواقعة يتعلق بحالة مصاب «بالانفصام» ارتاب في أمرها ورفعها الى وكيل وزارة الصحة، الأمر الذي جعل وزير الصحة الأسبق د.هلال الساير يلتقي الطبيب المسؤول وطبيبا استشاريا للاستماع لرؤيتهما حول إحالة شخص مصاب بالانفصام لأول مرة للعلاج بالخارج وهو الأمر الذي جعل الوزير الاسبق الساير يخشى من ان يفتح الباب على مصراعيه لإحالة هذا النوع من الحالات للعلاج بالخارج، فيما تتجاوز اعداد المصابين بهذا المرض 5 آلاف مصاب يراجعون مستشفى الطب النفسي.
جاء هذا الاهتمام من قبل الوزير الاسبق د. هلال الساير في وقت كان يدرس فيه مسؤولو الوزارة عددا كثيرا من التقارير التي شابتها ملاحظات كثيرة قد تكون متجاوزة الخطوط الحمراء لبروتوكولات التقارير الطبية المعتادة بالطب النفسي.
تسميم أبنائه
ومن القضايا التي شهدتها الكويت عندما أحالت محكمة الجنايات (مؤيد.س) المتهم بقتل خمسة من أبنائه بالسم ومحاولة قتل الثلاثة الآخرين إلى مستشفى الطب النفسي لتلقي العلاج بعد ان ثبت للمحكمة ان المتهم غير مسؤول جزائيا.
وكان المتهم قد قام بدس السم لأولاده الثمانية في أكواب العصير في الحادي والعشرين من ابريل 2006 بعد ان ايقظ اولاده الثمانية في منتصف الليل وأعطاهم السم ليتجرعوه وقام هو الآخر بتجرع السم ثم اتصل على زوجته التي تركت بيت الزوجية وذهبت الى بيت اهلها وأخبرها بأنه وأولاده قد شربوا العصير المسموم.
وقد قتل من الأبناء الثمانية س (10 سنوات)، ع. (8)، ط. (4)، أ. (3) قبل وصول الشرطة الى المنزل بعد اتصال والدتهم، كما لقيت البنت الكبرى ذ. (16) حتفها بعد وصولها الى المستشفى، وقد نجا من المذبحة الاسرية كل من ب. (14)، ع. (12)، وب. (9) بالإضافة الى والدهم الذي نجا من الموت بعد اجراء اللازم له بمستشفى الجهراء.
قاتل أسرته
قضية أخرى حكمت فيها محكمة الجنايات عام 2007 بإعدام مهندس كمبيوتر من غير محددي الجنسية (ظ.ف.) كانت النيابة العامة قد اتهمته بقتل زوجته وابنه وابنته.
وكان المتهم قد اطلق النار على زوجته (36 سنة) وابنه الأكبر 21 وابنته 14 اثناء نومهم في منزل الاسرة بالصليبية في الثامن من ديسمبر من العام 2004 وبعد اتمام جريمته اخذ اولاده الثلاثة الاخرين (10 سنوات) و(8 سنوات) و(5 سنوات) في سيارته متجها الى الواجهة البحرية، مدعيا انه في انتظار اتصال من «المهدي المنتظر» ليبارك ما فعل.
وأثناء التحقيقات ادعى المتهم ان المهدي المنتظر جاءه في المنام وأمره ان يقتل زوجته وولده وابنته اللذين كانا دائما يقفان مع والدتهما ضده عندما كان يدب الخلاف بينهما، كما ادعى بأن زوجته قامت بعمل سحر له مما جعله يعاني من مشكلات اسرية ونفسية ومادية، وقد جاء تقرير الطب النفسي ليؤكد ان المتهم مسؤول عن تصرفاته.