اسكوبار.. تاجر السم

البريكي2020

عضو فعال
اسكوبار.. تاجر السم


بقلم: أحمد مبارك البريكي
Twitter: @ahmad_alburaiki
Instagram: @qdeem



جزء من ليل آذار، أمتهنُ الإبحار فيه بطيفِ الشاشة ونطاق الهدوء مع جنة مفقودة في عالم (بابلو اسكوبار جافيريا)، أعظم زعيم عصابات عرفته أمريكا اللاتينية في القرن العشرين، وعرّاب الهيروين وتاجر السم الأبيض رقم واحد في العالم، الذي جمع من طحين الزعاف ثروة لا تُحسب، تضاهي بضخامتها ميزانية بلاده كولومبيا.
عرف اسكوبار بتنظيمه للجريمة ومنهجتها بشكل مؤسسي، ليترك لمن بعده إرثا ونمطا من الإجرام سارت على خطواته مجموعات المافيا في ما بعد، واعتمد في كل ذلك على القوة واستخدام السلاح والتهديد والرعب والابتزاز، حتى وصل إلى مراكز قانونية، وسلطة مغطاة بورقة الاقتراع الشعبي ففاز بعضوية البرلمان الكولومبي.
قالت عنه تقارير جهاز المخابرات المركزية الأميركية (CIA): "كان بابلو اسكوبار زعيما للمافيا، هو مهرب لا يعرف الرحمة، ربما قتل عددا أكبر من الناس بالمقارنة مع أي مهرب آخر في تاريخ كولومبيا، أي أنه قاتل لا يرحم، وقد تحالف مع مجموعات إرهابية، وضعت المتفجرات في الطائرات المدنية إنه مجرم جماعي، لم يكن بابلو اسكوبار مجرد مهرب عادي، بل سيبقى في تاريخ كولومبيا لأكثر من مئة عام".
لكن برغم كل ذلك التعطش الكبير للعنف والقتل الذي استنّه في القضاء على كل خصم يحاول وضع متراس القضاء في دولاب جريمته المنظمة بلا رحمة ولا تهادن.. فإنه يملك في نفسه وجهاً آخر معاكساً لكل تلكم البشاعة، فقد مارس وظيفة "روبن هود" الشهيرة، فصار بطلاً قومياً عند فقراء قومه الذين راح يوفِّر لهم من نقودهم المطليّة بدمائهم بيوت الطبابة والتعليم والسكن، فهو يرى بأن نبتة المخدرات ليست إلا منتجاً وطنياً تقليدياً يقدمه بشرف لكل الدنيا.
فطلبته الولايات المتحدة وأوروبا بعد أن أغرق شبابها في وحل الأبيض القاتل، فلم تنل منه عبر مطاردتها له لعدة سنين، لكن رصاصة شرطي كولومبي كتبت خاتمة القصة التي أرهقت فصولها جمهورية كولومبيا لعقود، وأدخلتها حرباً أهلية مجنونة طوال فترة الثمانينيات، راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء، والمئات من رجال الشرطة وقضاة العدل والوزراء ومرشحي الرئاسة، وأقصيت البلد بذلك من تنظيم أكبر تظاهرة رياضية وهي كأس العالم لكرة القدم عام 1986، التي رُحّلت منافساتها إلى مكسيكو.
 
أعلى