الاستدانة خيانة !

صانع التاريخ

عضو بلاتيني
في أعقاب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي عاد إليها بعد أسبوع ولي العهد الشيخ سعد العبد الله وتلاه بأسبوع آخر الأمير الشيخ جابر الأحمد رحمهما الله ، سجد الشيخ جابر على أرض المطار سجدة شكر لله في حين كان يرى بعينيه دخان نار الحقد الأسود يتصاعد من آبار شريان الكويت ( النفط ) ويكلفها ما يقارب 120 مليون دولارا يوميا ؛ وكان مشهدا مؤثرا حقا لا يمكن نسيانه .

مع تصاعد دخان نار الحقد العراقي من آبار النفط الكويتية كانت بطبيعة الحال الصناعة النفطية في البلاد مشلولة وكان مركزها المالي يُرْثَىْ له بعد أن نهبها لصوص العراق من داخلها وسرقها لصوص الكويت من خارجها !

كانت حصة الكويت من حقل الخفجي وعوائد الاستثمارات الخارجية التي لم تطلها أيدي لصوص الكويت هي التي صرفت على الشعب والبلد إلى أن تعافت الصناعة النفطية من آثار العدوان العراقي ؛ وكان من الطبيعي أن تضطر بلد في ظروف كالتي مرت بها الكويت إلى الاستدانة من بنوك عالمية ، ومع كل تلك الصعوبات أسقط الأمير الراحل الشيخ جابر يرحمه الله كل ديون المواطنين ومنح كل صامد 500 دينار فضلا عما مُنِحَ للكويتيين في الخارج إبان فترة الاحتلال ؛ كما تم إسقاط كل فواتير الكهرباء حتى تاريخ 14/2/1992 م ولم يتم رفع أسعار المحروقات مُداراة للشعب الكويتي الذي عاش فترة الغزو الغاشم ما بين الصمود واللجوء وقدم في سبيل وطنه كوكبة من الشهداء والشهيدات .

بعد ما يقارب الخمس سنوات من تحرير الكويت استكملت البلاد سداد كامل ديونها للبنوك العالمية ؛ ومر اقتصادها منذ ذلك الحين في حالات جزر ومد ارتبطت بوضع سوق النفط وكان أصعب الأعوام على الكويت هو عام 1999 م حيث وصل برميل النفط إلى قرابة سبع دولارات واضطرت الحكومة إلى زيادة محدودة في أسعار المحروقات وروجت بعض الأوساط السياسية لشعار ( شدوا الحزام ) ، ومع ذلك لم نسمع عن استدانة لا من بنوك محلية ولا من بنوك عالمية .

بفضل الله تعافت السوق النفطية منذ عام 2002 م وتصاعدت أسعار النفط حتى بلغت 140 دولار عام 2009 وأدرت على البلاد خيرات كانت كفيلة بالتغطية على الفساد المالي أمام المواطن البسيط على الأقل ، وما زالت الكويت تنعم بآثار خيرات ارتفاع أسعار النفط في السنوات الماضية رغم تدنيها المفاجئ الذي هوى بها في العام الماضي إلى 20 دولارا للبرميل !!!

تحسنت أسعار النفط هذا العام نسبيا مقارنة بالعام الماضي وباتت قريبة جدا من الأسعار التفضيلية التي كان يُباع بها نفط الكويت لبعض الدول الآسيوية ( 50 دولارا للبرميل ) إبان فترة انتعاش السوق النفطية أي بما يزيد قليلا على ثلث سعر برميل خامات أوبك ، كما رفعت الحكومة أسعار البنزين ورسوم بعض الخدمات مما حقق توازنا جيدا لخزينة الدولة أكدته كرستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي !

في ظل هذه الظروف الجيدة رغم عدم مثاليتها لا تحتاج بلد مثل الكويت إلى استدانة من بنوك محلية ولا عالمية ؛ إلا أننا نسمع اليوم لَطْمًا ونوحا على الحالة المالية للدولة وحديثا عن استدانة مبالغ مليارية بفوائد فلكية ستقوم بها حكومة الكويت من بنوك محلية يُديرها علية القوم وأخرى عالمية يُديرها بعض ربعهم من الخواجات وربما كان بعض علية القوم عندنا يملكون أسهما فيها !!!

لقد قبلنا بقرار زيادة سعر البنزين وتفهمناه ودافعنا عنه لأنه صحيح ؛ أما الاستدانة من البنوك فإنها تمثل شكلا بشعا من أشكال الخيانة للكويت لأنها ببساطة تعني دفع عشرات المليارات كفوائد للدائنين خلافا لأصول الديون ذاتها ، لذلك فإن الاستدانة في ظل عدم حاجة الكويت إليها تعتبر قرارا غير أمين يصعب تصنيفه في خانة حسن النية وسوء التقدير !!!

إن كان رفع سعر البنزين وبعض رسوم الخدمات إضافة إلى تحسن أسعار النفط لا تكفي لمعالجة آثار تدنيها في العام الماضي فإن الحل يكمن في تقليل الهدر ، فهناك لجان تتشكل في كافة وزارات ومؤسسات الدولة تقوم بأعمال يمكن إنجازها أثناء فترة الدوام الرسمي ؛ فلا حاجة إذًا لتشكيلها والإنفاق عليها ، وهناك مسؤولون يتم منحهم سيارات من الحكومة مع كوبونات بنزين ونجد سيارات الدولة التي يقودونها متوقفة عند الجواخير والشاليهات وحتى جبرة الخضرة ؛ فبأي حق يُمنح هؤلاء السيارات والبنزين المجاني ؟

وهناك أوجه أخطر للهدر معروفة لدى صُناع القرار يجب وقفها فورا إن كانت النوايا مخلصة ؛ إذ بوقفها تعمر خزينة الدولة وتعود إليها مليارات كثيرة بدل أن تدمر تلك الخزينة بديون مليارية تجعل من الكويت العزيزة ذليلة مكبلة بفوائد يتعدى رقمها أصل تلك الديون !
 

ماجد11

عضو بلاتيني
اين ذهبت ايرادات النفط؟!
اعتقد ذهبت الى محاربة داعش ٥٠٠مليار دولار على حسب ما نشر دفعتها دول الخليج للعمة أمريكا
 
أعلى