قراءة في نتائج الإنتخابات

وطني حر

عضو مميز


و إنتهت أخيراً الإنتخابات النيابية التي أصابت الكثيرين بالضجر. فنفس المشهد بات يتكرر كل سنتين. حشد للأنصار و كثيرٌ من الوعود و الخلافات أيضاً. تشحذ همم الناخبين الذين يخوضون معارك فكرية مع أحبائهم و أصدقائهم ثم يرون الوضع على طمام المرحوم فيصابون بالإحباط بعد أن خسروا أصدقائهم و أحبائهم بسبب تلك الخلافات و المشاحنات التي لم تفسر إلا عن أعضاء يلهثون وراء مصالحهم.

إنتخابات هذه السنة كانت هادئة جداً و خلت من الزعيق الإنتخابي الذي كان يثير الذعر في قلوب النساء على وجه الخصوص و الذي كان يحول اليوم الى معركة داحس و الغبار. التنظيم كان ممتازاً و تفوق تلفزيون الكويت في تغطيته و تفوق على فضائيتي الوطن و الراي. أعطي الناخب مساحة كافية للإختيار.

نتيجة الإنتخابات تشير الى حقيقتين مهمتين هما :

• عودة التيار السلفي الى الواجهة بعد فوز 4 من مرشحيه الرسميين في الإنتخابات و العديد من معتنقي فكره كعادل الصرعاوي و فيصل المسلم و محمد المطير و وليد الطبطبائي و محمد هايف المطيري مما أعطى مؤشراً على صحة رؤية ناشطيه حين تمنعوا عن التحالف مع حدس مؤثرين بذلك الحصول على ماكسبهم لأنفسهم دون أن يشاركههم فيها أحد.

• بروز تيار رافض لدولة المؤسسات و يتركز في الدوائر الخارجية إذ سيعمد هذا التيار الى إعادة تشكيل خارطة التكتلات السياسية بعد إستقطاب كتل قبلية و أخرى منتمية الى التكتل الشعبي و أخرى إسلامية مستقلة.

القراءة الصحيحة لهاتين الحقيقتين تستوجب إدراك إن قضية تعديل المادة الثانية من الدستور ستطفو من جديد. و يجب أن ندرك بأن الحركة الإسلامية الدستورية (حدس) و إن تخلت عن هذا الشعار و إستبدلته بأسلمة القانون إلا إنها لن تكون قادرة على الإلتزام ببرنامجها الإنتخابي و ستكون مؤيدة لهذا الطلب خشية خسارتها لقواعدها الملتزمة.

أيضاً ستقدم الكثير من المطالب الشعبية التي إستطاعت الحكومة صدها في الفترة الماضية كإسقاط القروض و تقنين الدواوين المخالفة و توزيع الفوائض بلا حسيب أو رقيب و تثمين الأراضي و إلغاء قانون تجريم الإنتخابات الفرعية.

لذا أعتقد إن لا مناص للحكومة من تقديم خطة تنمية واضحة و أن تلزم النواب بالتعاون معها فيما يتوافق و خططها لإستثمار الفوائض. و في هذا الإتجاه يجب أن رئيس الحكومة المكلف المشهد النيابي جيداً عند تشكيل حكومته. فأحد أكثر الكتل تعاوناً مع الحكومة كانت الكتلة السلفية التي وقفت معه في كثير من القضايا في المجلس السابق و كان زعيمها السابق السيد أحمد باقر بمثابة الممثل الرسمي للحكومة في اللجنة المالية. و أعتقد بأنه من الحصافة السياسية التفكير في إعادة توزيره من أجل تحييد هذه القوة النيابية الجديدة. الأمر الآخر هو البحث عن كفاءات قبلية تستطيع التمازج مع أفكار الحكومة و تمثل نفساً مقبولاً لدى التيار الرافض لدولة المؤسسات و يشكل صمام أمان لديها. و لكن يجب إختيار هذا الإسم بعيانة و ألا يكون على شاكلة فلاح الهاجري أو عبدالله المحيلبي الذان فشلا في إنجاز المشاريع الحكومية المناطة بهما أو إيقاف سيل الإستجواب و الهجوم الكلامي على الحكومة.

و من ناحية خارطة الكتل السياسية فإنني أعتقد بأن حدس ستكون مجبرة على إحياء الكتلة الإسلامية التي تفككت بعد زعل السلف من التنسيق الحدسي مع الحكومة بمنأى عن بقية أعضاء الكتلة. و أعتقد أيضاً بأن السلف أيضاً لن يمانعون في إعادة تشكيل هذا التكتل للحصول على بلوك حكومي قوي يمكنهم من مفاوضة الحكومة.

أما تكتل العمل الوطني فسيتم إعادة تشكيله ليأخذ هيئة مضادة لتلك القوى الرافضة لدولة المؤسسات في محاولة لإعادة الهيبة للقانون و تغليب سيادة المؤسسات على ما عداها من مؤسسات إجتماعية. و سيشمل هذا التكتل نواب التحالف الوطني الديمقراطي و المنبر الديمقراطي بالإضافة الى النواب الحضر المستقلين كمرزوق الغانم و أحمد المليفي. أما التكتل الشعبي فأعتقد إن شهادة وفاته قد صدرت بعد هذه الإنتخابات فلم ينجح منه إلا أحمد السعدون (الذي أتمنى إنضمامه الى تكتل العمل الوطني) و مسلم البراك بعد طرد النواب الشيعة منه و إعلان حسن جوهر عن عزمه الإنسحاب من التكتل بعد خلافه مع أحمد السعدون حول قضية التأبين و تداعياتها. و أعتقد إن نواب الشيعة سيلجأون الى عدم الإنضمام الى أي كتلة و الى زيادة مستوى التنسيق بينهم في مواجهة التكتل السلفي و ممثل تجمع ثوابت الأمة السيد محمد هايف المطيري الذي سيعمد بلا محالة الى التحرش بهم عبر تقديم إقتراحات مثيرة للجدل بين الحين و الآخر تزيد من رصيده الشعبي في أوساط مريديه و الذي أوصله الى مقعد البرلمان الذي يود الحفاظ عليه.

آخر القول هو عن تكتل المستقلين الذي فقد الكثير من رموزه كطلال العيار و وليد العصيمي و جمال العمر و سعدون حماد العتيبي لكنه إستطاع تعويضهم عبر إنتخاب فهد اللميع و عصام الدبوس و روضان الروضان.

و قبل أن أختم البوست أود أن أرسل هذه الرسالة الى مؤيدي حدس : صدقوني حدس لم تخسر بل ربحت ثلاثة مقاعد ثمينة و من فاز بها هم الكفاءات الحقيقة في حدس بالإضافة الى محمد البصيري. هذه حقيقة هامة أرجو أن تستوعبوها بأن الكفاءة هي القوة الحقيقة و ليس التنظيم المحكم فحسب. شخصياً كنت أتوقع أن تظفر حدس بثلاث الى خمس مقاعد و كنت أعتقد بأن هذه الأسماء الثلاث التي فازت هي التي ستفوز بالإضافة الى إحتمالية نجاح محمد البصيري و جمال الكندري. لكن عليكم الإدراك بأن النتائج كانت من الممكن أن تكون أسوأ بكثير بسبب سوء التقدير و سوء التعاطي و التسويق لإطروحات المرشحين (هنا مقالة جيدة لحمد في هذا الصدد) . لكن حان الوقت العمل الحقيقي و نتمنى أن تمد كفاءاتكم في المجلس مع باقي إخوانها في المجلس لإقرار خطة التنمية الموعودة التي يجب أن تكون على سلم الأولويات و القضية الأولى في بداية دور الإنعقاد.

ختام القول ، المجلس بتشكيلته الحالية مجلس تأزيم و سيسعى الى التصادم مع الحكومة حول ملفات قديمة. لكن كل هذا لن يهم متى ما إستطاع رئيس الحكومة المكلف قراءة المشهد السياسي بشفافية دقيقة و تشكيل حكومته من ذوي الكفاءة على أسس منهجية تكفل لهم تطبيق خطة التنمية التي سترغم نواب المجلس على الإذعان و إقتفاء أثر الحكومة و عد التعرض لها في المواقف التي ستكفل إستغلال الفوائض المالية الضخمة الإستغلال الأمثل.

مبروك للفائزين و كل التوفيق لمن لم يحالفه الحظ !!
 
أعلى