الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى من سار على نهجه واتبع سنته إلى يوم الدين...
الزميل خورشيد , قرات مشاركتك الأخيرة ووجدت فيها الكثير مما يلزم التنبيه عليه
أولا عدالة جميع الصحابة
ما ادعى أحد أن الصحابة كبشر معصومين عن الوقوع في الذنوب , وما من معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولكن قد جاءت الآيات الكريمات والأحاديث الصحيحة بتوبة الله تعالى على الصحابة جميعا وببشارة الرضا عنهم وبتكفير ذنوبهم , وهذا هو الأصل في الصحابة ومن خرج منهم يخرج بدليل صحيح.
والآيات كثيرة جدا أقتصر منها على ما يصحح الفهم
قال تعالى (( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) , وقد أوردنا هذه الاية قبلا فما وجدنا لها ردا علميا إلا تعارض بالمفهوم وهي ىية صريحة ومنطوقة.
وقولك انها خاصة بفئة منهم دون كل الصحابة بدليل ما فهمته أنت من نصوص لا يصح لغويا ولا اصوليا , اما بالنسبة للخطأ اللغوي هو أن الآيات نازلة باللغة العربية ودخول الألف واللام تفيد العموم كما هو معلوم عند المبتدئ , ولهذا كلمة المهاجرين والأنصار تحوي كل المهاجرين والأنصار بدلالة اللغة قبل أي دلالة.
وأما الخطأ الأصولي فهو عند تعارض المنطوق مع المفهوم فإنه يقدم المنطوق الصريح لأن المفهوم قد يختلف فيه بخلاف المنطوق لاسيما في الايات المحكمات.
قال تعالى (( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا )) , وهنا أيضا نجد البشارة برضا رب العالمين عن المؤمنين ( بالألف واللام ) أي كل المؤمنين الذين بايعوا تحت الشجرة.
قال تعالى (( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )) , وهذه بشارة من رب العالمين بتوبته عليهم من هم ؟ هم المهاجرين والأنصار بالألف واللام التي تفيد العموم أيضا والشمول.
قال تعالى (( وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ )) و وهذه شهادة من رب العالمين للصحابة الذين هاجروا والذين جاهدوا في سبيل الله بأنهم مؤمنون , فمن يجرؤ بعد ذلك على أن يظن أنهم قد ينقلبوا إلى منافقين !!! قال تعالى في حقهم ( هم المؤمنون حقا ) وتأمل كلمة حقا جيدا.
قال تعالى ((فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ )) , وهذا وعد من الله تعالى بتكفير ذنوب الصحابة وعددهم رب العالمين , المهاجرين والمجاهدين في سبيل الله...
إذا رضا من الله وتوبة من الله وتكفير الذنوب وعدالتهم من فوق سبع سماوات من عدة آيات فقط في حق الصحابة الكرام جميعا بالصريح المنطوق , فهذا أصل ينبغي ان يعلم وفهم ينبغي ان يُفهم.
ثانيا مسألة نساء النبي صلى الله عليه وسلم
محاولتك يا خورشيد الإستدلال بهذه الاية خطأ كبير منك ثان , والاية هي قوله تعالى (( يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا )) , والخطا ان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يستحيل ان يقعن في مثل هذا لأن الله تعالى قال في حقهن ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ...
فهذه الايات في بيان درجة نساء النبي صلى الله عليه وسلم وأنهن لسن كأي نساء أخريات , فهن أمهات المؤمنين وهن الائي كان ينزل القرآن في بيوتهن ولهذا فلهن الجر مضاعف ويناسب لذلك أن يكون الوزر إن وقع منهن مضاعف ...
والفاحشة هنا سوء الخلق كما قاله ابن عباس وعلى كل تقدير فهذا شرط والشرط لا يقتضي الوقوع مثل قوله تعالى (( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك )) فهذا يجوز أن يشرك النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟ وهل تعتبر هذا تهديدا للنبي صلى الله عليه وسلم؟؟؟
ومثل قوله تعالى في حق الأنبياء (( وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) , فهل يقع من الأنبياء الشرك؟!!
لا أظن أنك تستطيع أن تخالف في هذه القاعدة لأن مذهبكم في عصمة الأنبياء معروف ولا تفسرون هذه الآيات إلا كما نفسرها.
ثالثا حديث الثنى عشر منافقا
هؤلاء الثنى عشر منافقا الذين وقفوا للنبي صلى الله عليه وسلم وهو عائد
يريدون به سوءا , ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة رضي الله عنه بأسماءهم وهو الذي كان يقود ناقة النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي أخبر عمار رضي الله عنه بهذا الحديث ولقد اخرج البخاري رحمه الله عن حذيفة...
صحيح البخاري - (ج 14 / ص 217)
4291 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ فَقَالَ (( بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ وَلَا مِنْ الْمُنَافِقِينَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ إِنَّكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُخْبِرُونَا فَلَا نَدْرِي فَمَا بَالُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَبْقُرُونَ بُيُوتَنَا وَيَسْرِقُونَ أَعْلَاقَنَا قَالَ أُولَئِكَ الْفُسَّاقُ أَجَلْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا أَرْبَعَةٌ أَحَدُهُمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَوْ شَرِبَ الْمَاءَ الْبَارِدَ لَمَا وَجَدَ بَرْدَهُ )) انتهى
إذا فهؤلاء المنافقين كانوا معلومين بأعيانهم عند حذيفة رضي الله عنه وبالبداهة بمكان أن هؤلاء الهالكين أو حتى الأربعة الذين بقوا منهم كانوا مهمشين في المجتمع الإسلامي وإلا لما كان في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة أي فائدة.
وهذا الحديث فيه ألفاظ أخرى صحيحة وهي ( إن من أمتي ) بدلا من إن من أصحابي .
إذا هذا الحديث لا يستلزم منه الطعن في الأصل الذي أصله القرآن لأنهم كانوا معلومين وما كانوا أشباحا يمشون بين صفوف المسلمين , وهؤلاء من الذين خرجوا من الأصل بنص صحيح.
وأما كلامك الأخير فهو مردود من رد عاشق الحرية ...
وأخيرا أقول إن الله لا يرضى عن المنافقين ولا عن الفساق إلا إذا تابوا فباب التوبة مفتوح للناس جميعا ما لم يغرغر العبد , وهؤلاء المنافقين قد أخبر رب العالمين نبيه صلى الله عليه وسلم بأعيانهم , ثم أعلم النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة رضي الله عنه...
ومن أراد أن يخرج اي إنسان من الصحابة من الأصل العام بعدالتهم فعليه أن يلتمس دليلا صحيحا للصحابي بعينه , ولا يحتج بمفهومه في مخالفة الآيات الصريحات المحكمات.
والحمد لله رب العالمين