جورج واشنطن
عضو مميز
5(د) يوسف
1(هـ) بيعه كعبد
يشير ك. أ. كيتشن في كتابه «الشرق القديم والعهد القديم» إلى أن (تكوين 37: 28) يورد ثمناً واقعياً للعبد في القرن الثامن عشر ق.م.: إن الثمن الذي بيع به يوسف في (تكوين 37: 28) والذي بلغ عشرون شاقلاً من الفضة هو ثمن معقول بالنسبة لعبد في القرن الثامن عشر ق.م. وقبل ذلك كان ثمن العبد أقل (من عشرة إلى خمسة عشر شاقلاً في المتوسط)، ثم أخذ ثمن العبد يرتفع فيما بعد. وهذه الحادثة توافق العصر الذي تنتمي إليه في التاريخ الحضاري. (Kitchen, AOOT, 52-53)
2(هـ) زيارته إلى مصر
لقد شكك البعض في إمكانية زيارة يوسف لمصر. يقول ميللر باروز: إن القصص التي تروي الارتحال إلى مصر في وقت المجاعات (تكوين 12: 10؛ 42: 1-2) تستحضر إلى الذهن الشواهد المصرية التي تشير إلى ارتحال الآسيويين إلى مصر لهذا السبب. ويمكن مشاهدة إحدى الصور لزيارة الساميين على جدار المعبد القائم في بني حسن والذي يرجع إلى عصر يقترب من عصر إبراهيم. (Burrows, WMTS, 266, 267).
ويشير هوارد فوس في كتاب «سفر التكوين وعلم الآثار» إلى وجود الهكسوس في مصر:
ولكن لدينا شواهد أخرى كثيرة تفوق الصور المرسومة على قبر اخناتون ، وتلك تؤيد الدخول المبكر للأجانب إلى أرض مصر. هناك الكثير من الإشارات إلى أن الهكسوس بدأوا يتسللون إلى وادي النيل حوالي عام 1900 ق.م. وفي عام 1730 ق.م. جاءت مجموعات أخرى منهم وقهرت الحكام المصريين الوطنيين. ولذلك فإذا افترضنا دخول العبرانيين إلى أرض مصر في وقت مبكر، فقد يكون ذلك أثناء غزو الهكسوس -عندما كان الكثيرون من الأجانب يدخلون مصر على ما يبدو. وإذا ما سلَّمنا بأن العبرانيين دخلوا حوالي 1700-1650 ق.م.، فلعل الهكسوس كانوا يحكمون مصر آنذاك ولعلهم استضافوا شعوباً أجنبية أخرى. (Vos, GA, 102)
ويري فوس أن هناك ارتباطاً بين عشائر الهكسوس والكتاب المقدس من أربعة أوجه. أولاً: أن المصريين اعتبروا الهكسوس والعبرانيين شعبين مختلفين. ثانياً: هناك احتمال أن الملك المصري الذي كان يعادي شعب يوسف (خروج 1: 8) كان ملكاً مصرياً وطنياً. ومن الطبيعي ألا تكون هذه النزعة الوطنية في صالح أي أجنبي. ثالثاً: يأتي ذكر الخيول لأول مرة في الكتاب المقدس في تكوين 47: 17 والهكسوس هم الذين أدخلوا الخيول إلى مصر. رابعاً: بعد طرد الهكسوس، تركزت معظم الأراضي في أيدي الملوك، وهذا يوافق أحداث المجاعة التي تنبأ عنها يوسف ثم دعم خلالها مركز الملك. (Vos, GA, 104)
5(هـ) ارتقاء يوسف للمناصب العليا
فيما يلي ملخص لما أورده هوارد فوس بشأن مسألة ترقي يوسف، الفريد من نوعه في كتابه «التكوين وعلم الآثار»:
إن ارتقاء يوسف من العبودية إلى منصب رئيس الوزراء في مصر قد آثار نقد بعض الأقلام، ولكن هناك بعض القصص الأثرية لأحداث مشابهة حدثت في وادي النيل.
أصبح الكنعاني ميري-رع حامل سلاح فرعون،كما عين كنعاني آخر هو بن-مات-أنا في منصب المفسر وهو منصب رفيع، وأصبح أيضاً يانهامو أو جوهامو السامي الأصل نائباً لأمنحوتب الثالث، وكان مسئولاً عن مخازن القمح في الدلتا، وهذا يماثل ما كان عليه يوسف قبل وأثناء المجاعة.
وعندما قام فرعون بتعيين يوسف رئيساً للوزراء، أعطاه خاتماً وقلادة أو سلسلة ذهبية، وهذا إجراء عادي لدى المصريين عند ترقيهم في المناصب. (Vos, GA, 106)
وفي تعليقه على عصر العمارنة، يلقي إ. كامبل المزيد من الضوء على هذه الحادثة المماثلة
لحادثة يوسف وارتقائه لهذا المنصب الرفيع:
أحد الشخصيات التي تظهر في مكاتبات الملك ريب- عدا يمثل حلقة وصل هامة مع كل من أمراء مدن جنوب فلسطين والكتاب المقدس. وهي شخصية يانهامو الذي يصفه ريب-عدا بـ مصلل الملك وهو مصطلح يعني على الأرجح حامل مروحة الملك، وهي رتبة شرفية تشير إلى قربه من الملك، ومشاركته بإسداء النصح والمشورة في شئون البلاد. إذن فقد كان يانهامو يحتل منصباً رفيعاً بين رجال السياسة في مصر. ويظهر اسمه في المكاتبات التي كانت تصل من أمراء فلسطين وسوريا شمالاً وجنوباً. وفي بداية عهد ريب-عدا يبدو أن يانهامو كان مسئولاً عن شئون تموين الغلال من منطقة ياريموتا في مصر، ولقد رأينا بالفعل أن ريب-عدا كان بالفعل بحاجة إليه.
وكان ليانهامو اسماً سامياً. وهذا يعد أمراً مماثلاً لما كان عليه يوسف كما ورد في سفر التكوين، هذا فضلاً عن أن كل منهما كان له علاقة بتوفير المواد الغذائية للأجانب. إن يانهامو يقدم دليلاً قوياً على الخلفية التاريخية المصرية الأصيلة لقصة يوسف، ولكن هذا لا يعني أن هذين الرجلين كانا متطابقين أو أنهما وجدا في عصر واحد. ولعلَّ يوسف كان في عصر سابق لأسباب عدة، رغم أن الأدلة المتوفرة حتى الآن لا تؤكد ذلك تماماً. إنه لمن الواضح أن الساميين كان يمكن لهم أن يرتقوا إلى المناصب العليا في مصر، ولعلَّهم كانوا يُفَضلون على غيرهم عندما كان يزداد نفوذ الرؤساء الوطنيين جداً. (Campbell, as cited in Burrows, WMTS, 16, 17).
ويقول كيتشن فيما يتعلق بتولي الساميين للمناصب العليا في الحكومة المصرية، مشيراً إلى المخطوطات البردية القديمة:
عرفت الدولة الوسطى في مصر (حوالي 1850- 1700 ق.م.) في أواخر عهدها العبيد الآسيويين الذين كانوا يخدمون في بيوت رجال الدولة، وكان يمكن للساميين أن يرتقوا إلى المناصب العليا (وحتى إلى العرش قبل عصر الهكسوس)، كما حدث مع المستشار حور. ولعلَّ يوسف قد عاصر أواخر الأسرة الثالثة عشرة وأوائل الأسرة الرابعة عشرة. وكان للأحلام دور هام في جميع العصور.
ولدينا نسخة من كتاب لقراءة الأحلام في مصر ترجع إلى حوالي 1300 ق.م.، بينما ترجع النسخة الأصلية له إلى ما قبل ذلك بعدة قرون، وعرفت هذه الأعمال كذلك في أشور في الألفية الأولي. (Kitchen, BW, 74)
4(هـ) قبر يوسف
يقول جون إلدر في كتابه «الأنبياء والأوثان والحفريات»:
في الآيات الأخيرة من سفر التكوين نقرأ أن يوسف استحلف أقاربه أن يأخذوا عظامه إلى كنعان متي أعادهم الله إلى وطنهم الأصلي، وفي يشوع 24: 32 نقرأ كيف نقل جثمانه إلى فلسطين ودفن في شكيم. ولقرون عديدة كان هناك قبر في شكيم عرف على أنه قبر يوسف. وقد تم فتح هذا القبر منذ عدة سنوات، فوجد به جثمان محنط على الطريقة المصرية. وضمن ما وجد في القبر كان هناك سيف من النوع الذي كان مع رجال الدولة في مصر. (Elder, PID, 54)
6(د) الآباء الأولين والأدلة الأثرية
لعبت الكشوف الأثرية في نوزي دوراً محورياً في إلقاء الضوء على أجزاء كثيرة من العهد القديم.
وفي هذا يذكر س. هـ. هورن ستة أشياء كشفت عنها هذه النصوص:
دلت نصوص نوزي الأخرى على أن العروس كان يتمّ اختيارها من قِبَل الأب لابنه كما فعل الآباء، وأن الرجل كان عليه أن يدفع مهراً لحميه أو أن يعمل لديه إذا لم يستطع توفير المهر كما فعل يعقوب، وأن الوصية الشفهية للأب لا يمكن أن تنقض بعد النطق بها، كما حدث مع إسحق إذ رفض أن يغيِّر بركته ليعقوب رغم أنه استخدم وسائل الخداع للحصول عليها، وأن الأب كان يهدي لابنته العروس إحدى الإماء كخادمة شخصية لها كما حدث مع ليئة وراحيل عندما زوجت كل منهما ليعقوب، وأن سرقة المتعلقات الدينية أو الآلهة كان يعاقب بالموت، وهذا هو السبب في أن يعقوب قد أقرَّ بموت من يوجد لديه الآلهة المسروقة لحميه. كما تتضح أيضاً العلاقة الغريبة بين يهوذا وكنته ثامار من خلال شرائع الأشوريين والحثيين القدماء. (Horn, RIOT, 14)
لقد كان لعلم الآثار أثره في إطلاعنا على الخلفية التاريخية للكتاب المقدس.
6(ج) الغزو الأشوري
لقد تكشفت الكثير من الحقائق عن الأشوريين بعد اكتشاف ستة وعشرين ألفاً من الألواح الأثرية في قصر أشور بانيبال، ابن أسرحدون، الذي سبى الممالك الشمالية عام 722 ق.م. وتخبرنا هذه الألواح عن الكثير من غزوات الأمبراطورية الأشورية كما تسجل ألوان العقاب الفظيعة التي كانوا ينزلونها بمن يقاوموهم.
وتؤيد العديد من هذه السجلات صحة الكتاب المقدس. لقد ثبت صحة كل إشارات العهد القديم لملوك أشور. ورغم أن سرجون لم يكن معروفاً لفترة من الزمن، إلا أنه بعد اكتشاف قصره وفحص محتوياته، وجد رسماً جدارياً لمعركة ذكرت في إشعياء 20 . كما تخبرنا المسلة السوداء لشلمنأسر بالمزيد من المعلومات عن الشخصيات الكتابية، فيظهر ياهو (أو مبعوثه) وهو ينحني أمام ملك أشور.
ومن أهم الاكتشافات ما يختص بحصار سنحاريب لأورشليم. إذ مات الآلاف من جنوده وتشتت الباقون عندما حاول الاستيلاء على المدينة، وكما تنبأ إشعياء لم يكن قادراً على غزوها. وإذ لم يستطع المفاخرة بانتصاره العظيم آنذاك، وجد سنحاريب ما يحفظ به ماء وجهه دون الاعتراف بالهزيمةGeisler, BECA, 52)
أما حزقيا، اليهودي، فإنه لم يخضع لقوتي. فقد حاصرت 46 من مدنه القوية وحصونه ذات الأسوار وعدداً لا يحصى من القرى الصغيرة المجاورة. وأخذت إلى السبي منهم 150 ، 200 من البشر صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، ومن الخيول والبغال والحمير والجمال والماشية الكبيرة والصغيرة ما لا يعد واعتبرتها غنيمة. أما هو فقد جعلته أسيراً في أورشليم، المقر الملكي له، مثل عصفور في قفص. (Pritchard, ANET, as cited in Geisler, BECA, 52).
7 (ج) السبي البابلي
لقد تأكدت العديد من حقائق العهد القديم التاريخية والتي تتعلق بالسبي البابلي. وقد أثبتت السجلات التي وُجدت في الحدائق المعلقة أن يهـوياكين وأبنـاءه الخمسـة قد أُعطوا مؤناً ومكاناً ليعيشوا فيه، وكـانوا يُعاملـون معاملة طيبة (2ملوك 25: 27- 30). وقد تسبَّب اسم بيلشاصر في مشاكل عديدة ليس فقط بسبب عدم وجود أي ذكر له، بل أيضاً لأنه لم يكن مدرجاً في سجل ملوك بابل. على كل حال إن نبونيدس (آخر ملوك الكلدانيين)ترك سجلاً أنه عين ابنه، بيلشاصر (دانيال 5)، ليحكم لعدة سنوات أثناء غيابه، ومعنى ذلك فإن نبونيدس كان لايزال ملكاً، أثناء حكم بلشاصر للعاصمة. وأيضاً فإن مرسوم (سيرس) كما هو مسجل على يد عزرا يبدو متناسباً مع نبوات إشعياء إلى درجة كبيرة تقترب من التطابق، وبذلك تكون الدائرة قد اكتملت وأكدت المذكور في الكتاب المقدس في كل التفاصيل الهامة. (Geisler, BECA, 52)
8(ج) رسائل لخيش
1(د) خلفية الاكتشاف
هذا الاكتشاف يقدمه لنا وليم ف. ألبرايت في بحث بعنوان: «الكتاب المقدس بعد عشرين عاماً
من الاكتشافات الأثرية»:
ونأتي لذكر الوثائق الجديدة التي ترجع إلى القرنين السادس والخامس ق.م. والتي ظهرت منذ عام 1935 . في عام 1935 اكتشف الراحل ج. ل. ستاركي فخاريات لخيش، التي تشتمل بشكل رئيسي على رسائل كتبت بالحبر على قطع من الخزف. وتشكل هذه مع العديد من الفخاريات الأخرى التي اكتشفت عام 1938، مجموعة فريدة من النثر العبري ترجع إلى عصر إرميا. كما ألقت قوائم مقررات الطعام لنبوخذ نصر المزيد من الضوء على فترة السبي، وهذه القوائم اكتشفها الألمان في بابل ونشر بعضها إ. ف. فايدر عام 1939 ... أما الاكتشافات المتواصلة التي ظهرت في وقت لاحق للفخاريات والبرديات الآرامية في مصر فتعدّ ذات أهمية محورية بالنسبة لفهمنا لتاريخ وأدب اليهود في زمن عزرا ونحميا. وينشر حالياً أربع مجموعات كبيرة من هذه المكتشفات، وبنشرها جميعاً سوف يتضاعف عدد الوثائق عما كان عليه منذ عشرين عاماً مضت. (Albright, BATYA, 539).
كتب ر. س. هوبرت بحثاً عن هذه المكتشفات بعنوان «لخيش - الحصن الحدودي ليهوذا» وهو يتحدث عن مناسبة هذه الرسائل وكاتبها:
وأكثر المكتشفات التي ظلت كما هي رسائل كتبها شخص يدعي هوشعيا (وهو اسم كتابي:
نحميا 12: 32، إرميا 42: 1 ، 12: 1، 43: 2) وهو على ما يبدو ضابط عسكري يعمل في منطقة حدودية أو نقطة مراقبة لا تبعد كثيراً عن لخيش، وكان يعمل تحت رئاسة ياعوش قائد لخيش. وهذه الرسائل كتبت جميعها في غضون بضعة أيام أو أسابيع كما تدل على ذلك القطع الخزفية التي دونت عليها إذ أنها متماثلة في الشكل والتاريخ كما أن خمسة منها تتواءم معاً كأجزاء من إناء واحد. وقد وجدت جميع هذه الرسائل فيما عدا اثنين منها على أرضية غرفة الحرَّاس مما يدل على أن ياعوش قد أودعها بنفسه هناك بعد أن تسلمها من هوشعيا. (Haupert, LFFJ, 30, 31).
1(هـ) بيعه كعبد
يشير ك. أ. كيتشن في كتابه «الشرق القديم والعهد القديم» إلى أن (تكوين 37: 28) يورد ثمناً واقعياً للعبد في القرن الثامن عشر ق.م.: إن الثمن الذي بيع به يوسف في (تكوين 37: 28) والذي بلغ عشرون شاقلاً من الفضة هو ثمن معقول بالنسبة لعبد في القرن الثامن عشر ق.م. وقبل ذلك كان ثمن العبد أقل (من عشرة إلى خمسة عشر شاقلاً في المتوسط)، ثم أخذ ثمن العبد يرتفع فيما بعد. وهذه الحادثة توافق العصر الذي تنتمي إليه في التاريخ الحضاري. (Kitchen, AOOT, 52-53)
2(هـ) زيارته إلى مصر
لقد شكك البعض في إمكانية زيارة يوسف لمصر. يقول ميللر باروز: إن القصص التي تروي الارتحال إلى مصر في وقت المجاعات (تكوين 12: 10؛ 42: 1-2) تستحضر إلى الذهن الشواهد المصرية التي تشير إلى ارتحال الآسيويين إلى مصر لهذا السبب. ويمكن مشاهدة إحدى الصور لزيارة الساميين على جدار المعبد القائم في بني حسن والذي يرجع إلى عصر يقترب من عصر إبراهيم. (Burrows, WMTS, 266, 267).
ويشير هوارد فوس في كتاب «سفر التكوين وعلم الآثار» إلى وجود الهكسوس في مصر:
ولكن لدينا شواهد أخرى كثيرة تفوق الصور المرسومة على قبر اخناتون ، وتلك تؤيد الدخول المبكر للأجانب إلى أرض مصر. هناك الكثير من الإشارات إلى أن الهكسوس بدأوا يتسللون إلى وادي النيل حوالي عام 1900 ق.م. وفي عام 1730 ق.م. جاءت مجموعات أخرى منهم وقهرت الحكام المصريين الوطنيين. ولذلك فإذا افترضنا دخول العبرانيين إلى أرض مصر في وقت مبكر، فقد يكون ذلك أثناء غزو الهكسوس -عندما كان الكثيرون من الأجانب يدخلون مصر على ما يبدو. وإذا ما سلَّمنا بأن العبرانيين دخلوا حوالي 1700-1650 ق.م.، فلعل الهكسوس كانوا يحكمون مصر آنذاك ولعلهم استضافوا شعوباً أجنبية أخرى. (Vos, GA, 102)
ويري فوس أن هناك ارتباطاً بين عشائر الهكسوس والكتاب المقدس من أربعة أوجه. أولاً: أن المصريين اعتبروا الهكسوس والعبرانيين شعبين مختلفين. ثانياً: هناك احتمال أن الملك المصري الذي كان يعادي شعب يوسف (خروج 1: 8) كان ملكاً مصرياً وطنياً. ومن الطبيعي ألا تكون هذه النزعة الوطنية في صالح أي أجنبي. ثالثاً: يأتي ذكر الخيول لأول مرة في الكتاب المقدس في تكوين 47: 17 والهكسوس هم الذين أدخلوا الخيول إلى مصر. رابعاً: بعد طرد الهكسوس، تركزت معظم الأراضي في أيدي الملوك، وهذا يوافق أحداث المجاعة التي تنبأ عنها يوسف ثم دعم خلالها مركز الملك. (Vos, GA, 104)
5(هـ) ارتقاء يوسف للمناصب العليا
فيما يلي ملخص لما أورده هوارد فوس بشأن مسألة ترقي يوسف، الفريد من نوعه في كتابه «التكوين وعلم الآثار»:
إن ارتقاء يوسف من العبودية إلى منصب رئيس الوزراء في مصر قد آثار نقد بعض الأقلام، ولكن هناك بعض القصص الأثرية لأحداث مشابهة حدثت في وادي النيل.
أصبح الكنعاني ميري-رع حامل سلاح فرعون،كما عين كنعاني آخر هو بن-مات-أنا في منصب المفسر وهو منصب رفيع، وأصبح أيضاً يانهامو أو جوهامو السامي الأصل نائباً لأمنحوتب الثالث، وكان مسئولاً عن مخازن القمح في الدلتا، وهذا يماثل ما كان عليه يوسف قبل وأثناء المجاعة.
وعندما قام فرعون بتعيين يوسف رئيساً للوزراء، أعطاه خاتماً وقلادة أو سلسلة ذهبية، وهذا إجراء عادي لدى المصريين عند ترقيهم في المناصب. (Vos, GA, 106)
وفي تعليقه على عصر العمارنة، يلقي إ. كامبل المزيد من الضوء على هذه الحادثة المماثلة
لحادثة يوسف وارتقائه لهذا المنصب الرفيع:
أحد الشخصيات التي تظهر في مكاتبات الملك ريب- عدا يمثل حلقة وصل هامة مع كل من أمراء مدن جنوب فلسطين والكتاب المقدس. وهي شخصية يانهامو الذي يصفه ريب-عدا بـ مصلل الملك وهو مصطلح يعني على الأرجح حامل مروحة الملك، وهي رتبة شرفية تشير إلى قربه من الملك، ومشاركته بإسداء النصح والمشورة في شئون البلاد. إذن فقد كان يانهامو يحتل منصباً رفيعاً بين رجال السياسة في مصر. ويظهر اسمه في المكاتبات التي كانت تصل من أمراء فلسطين وسوريا شمالاً وجنوباً. وفي بداية عهد ريب-عدا يبدو أن يانهامو كان مسئولاً عن شئون تموين الغلال من منطقة ياريموتا في مصر، ولقد رأينا بالفعل أن ريب-عدا كان بالفعل بحاجة إليه.
وكان ليانهامو اسماً سامياً. وهذا يعد أمراً مماثلاً لما كان عليه يوسف كما ورد في سفر التكوين، هذا فضلاً عن أن كل منهما كان له علاقة بتوفير المواد الغذائية للأجانب. إن يانهامو يقدم دليلاً قوياً على الخلفية التاريخية المصرية الأصيلة لقصة يوسف، ولكن هذا لا يعني أن هذين الرجلين كانا متطابقين أو أنهما وجدا في عصر واحد. ولعلَّ يوسف كان في عصر سابق لأسباب عدة، رغم أن الأدلة المتوفرة حتى الآن لا تؤكد ذلك تماماً. إنه لمن الواضح أن الساميين كان يمكن لهم أن يرتقوا إلى المناصب العليا في مصر، ولعلَّهم كانوا يُفَضلون على غيرهم عندما كان يزداد نفوذ الرؤساء الوطنيين جداً. (Campbell, as cited in Burrows, WMTS, 16, 17).
ويقول كيتشن فيما يتعلق بتولي الساميين للمناصب العليا في الحكومة المصرية، مشيراً إلى المخطوطات البردية القديمة:
عرفت الدولة الوسطى في مصر (حوالي 1850- 1700 ق.م.) في أواخر عهدها العبيد الآسيويين الذين كانوا يخدمون في بيوت رجال الدولة، وكان يمكن للساميين أن يرتقوا إلى المناصب العليا (وحتى إلى العرش قبل عصر الهكسوس)، كما حدث مع المستشار حور. ولعلَّ يوسف قد عاصر أواخر الأسرة الثالثة عشرة وأوائل الأسرة الرابعة عشرة. وكان للأحلام دور هام في جميع العصور.
ولدينا نسخة من كتاب لقراءة الأحلام في مصر ترجع إلى حوالي 1300 ق.م.، بينما ترجع النسخة الأصلية له إلى ما قبل ذلك بعدة قرون، وعرفت هذه الأعمال كذلك في أشور في الألفية الأولي. (Kitchen, BW, 74)
4(هـ) قبر يوسف
يقول جون إلدر في كتابه «الأنبياء والأوثان والحفريات»:
في الآيات الأخيرة من سفر التكوين نقرأ أن يوسف استحلف أقاربه أن يأخذوا عظامه إلى كنعان متي أعادهم الله إلى وطنهم الأصلي، وفي يشوع 24: 32 نقرأ كيف نقل جثمانه إلى فلسطين ودفن في شكيم. ولقرون عديدة كان هناك قبر في شكيم عرف على أنه قبر يوسف. وقد تم فتح هذا القبر منذ عدة سنوات، فوجد به جثمان محنط على الطريقة المصرية. وضمن ما وجد في القبر كان هناك سيف من النوع الذي كان مع رجال الدولة في مصر. (Elder, PID, 54)
6(د) الآباء الأولين والأدلة الأثرية
لعبت الكشوف الأثرية في نوزي دوراً محورياً في إلقاء الضوء على أجزاء كثيرة من العهد القديم.
وفي هذا يذكر س. هـ. هورن ستة أشياء كشفت عنها هذه النصوص:
دلت نصوص نوزي الأخرى على أن العروس كان يتمّ اختيارها من قِبَل الأب لابنه كما فعل الآباء، وأن الرجل كان عليه أن يدفع مهراً لحميه أو أن يعمل لديه إذا لم يستطع توفير المهر كما فعل يعقوب، وأن الوصية الشفهية للأب لا يمكن أن تنقض بعد النطق بها، كما حدث مع إسحق إذ رفض أن يغيِّر بركته ليعقوب رغم أنه استخدم وسائل الخداع للحصول عليها، وأن الأب كان يهدي لابنته العروس إحدى الإماء كخادمة شخصية لها كما حدث مع ليئة وراحيل عندما زوجت كل منهما ليعقوب، وأن سرقة المتعلقات الدينية أو الآلهة كان يعاقب بالموت، وهذا هو السبب في أن يعقوب قد أقرَّ بموت من يوجد لديه الآلهة المسروقة لحميه. كما تتضح أيضاً العلاقة الغريبة بين يهوذا وكنته ثامار من خلال شرائع الأشوريين والحثيين القدماء. (Horn, RIOT, 14)
لقد كان لعلم الآثار أثره في إطلاعنا على الخلفية التاريخية للكتاب المقدس.
6(ج) الغزو الأشوري
لقد تكشفت الكثير من الحقائق عن الأشوريين بعد اكتشاف ستة وعشرين ألفاً من الألواح الأثرية في قصر أشور بانيبال، ابن أسرحدون، الذي سبى الممالك الشمالية عام 722 ق.م. وتخبرنا هذه الألواح عن الكثير من غزوات الأمبراطورية الأشورية كما تسجل ألوان العقاب الفظيعة التي كانوا ينزلونها بمن يقاوموهم.
وتؤيد العديد من هذه السجلات صحة الكتاب المقدس. لقد ثبت صحة كل إشارات العهد القديم لملوك أشور. ورغم أن سرجون لم يكن معروفاً لفترة من الزمن، إلا أنه بعد اكتشاف قصره وفحص محتوياته، وجد رسماً جدارياً لمعركة ذكرت في إشعياء 20 . كما تخبرنا المسلة السوداء لشلمنأسر بالمزيد من المعلومات عن الشخصيات الكتابية، فيظهر ياهو (أو مبعوثه) وهو ينحني أمام ملك أشور.
ومن أهم الاكتشافات ما يختص بحصار سنحاريب لأورشليم. إذ مات الآلاف من جنوده وتشتت الباقون عندما حاول الاستيلاء على المدينة، وكما تنبأ إشعياء لم يكن قادراً على غزوها. وإذ لم يستطع المفاخرة بانتصاره العظيم آنذاك، وجد سنحاريب ما يحفظ به ماء وجهه دون الاعتراف بالهزيمةGeisler, BECA, 52)
أما حزقيا، اليهودي، فإنه لم يخضع لقوتي. فقد حاصرت 46 من مدنه القوية وحصونه ذات الأسوار وعدداً لا يحصى من القرى الصغيرة المجاورة. وأخذت إلى السبي منهم 150 ، 200 من البشر صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، ومن الخيول والبغال والحمير والجمال والماشية الكبيرة والصغيرة ما لا يعد واعتبرتها غنيمة. أما هو فقد جعلته أسيراً في أورشليم، المقر الملكي له، مثل عصفور في قفص. (Pritchard, ANET, as cited in Geisler, BECA, 52).
7 (ج) السبي البابلي
لقد تأكدت العديد من حقائق العهد القديم التاريخية والتي تتعلق بالسبي البابلي. وقد أثبتت السجلات التي وُجدت في الحدائق المعلقة أن يهـوياكين وأبنـاءه الخمسـة قد أُعطوا مؤناً ومكاناً ليعيشوا فيه، وكـانوا يُعاملـون معاملة طيبة (2ملوك 25: 27- 30). وقد تسبَّب اسم بيلشاصر في مشاكل عديدة ليس فقط بسبب عدم وجود أي ذكر له، بل أيضاً لأنه لم يكن مدرجاً في سجل ملوك بابل. على كل حال إن نبونيدس (آخر ملوك الكلدانيين)ترك سجلاً أنه عين ابنه، بيلشاصر (دانيال 5)، ليحكم لعدة سنوات أثناء غيابه، ومعنى ذلك فإن نبونيدس كان لايزال ملكاً، أثناء حكم بلشاصر للعاصمة. وأيضاً فإن مرسوم (سيرس) كما هو مسجل على يد عزرا يبدو متناسباً مع نبوات إشعياء إلى درجة كبيرة تقترب من التطابق، وبذلك تكون الدائرة قد اكتملت وأكدت المذكور في الكتاب المقدس في كل التفاصيل الهامة. (Geisler, BECA, 52)
8(ج) رسائل لخيش
1(د) خلفية الاكتشاف
هذا الاكتشاف يقدمه لنا وليم ف. ألبرايت في بحث بعنوان: «الكتاب المقدس بعد عشرين عاماً
من الاكتشافات الأثرية»:
ونأتي لذكر الوثائق الجديدة التي ترجع إلى القرنين السادس والخامس ق.م. والتي ظهرت منذ عام 1935 . في عام 1935 اكتشف الراحل ج. ل. ستاركي فخاريات لخيش، التي تشتمل بشكل رئيسي على رسائل كتبت بالحبر على قطع من الخزف. وتشكل هذه مع العديد من الفخاريات الأخرى التي اكتشفت عام 1938، مجموعة فريدة من النثر العبري ترجع إلى عصر إرميا. كما ألقت قوائم مقررات الطعام لنبوخذ نصر المزيد من الضوء على فترة السبي، وهذه القوائم اكتشفها الألمان في بابل ونشر بعضها إ. ف. فايدر عام 1939 ... أما الاكتشافات المتواصلة التي ظهرت في وقت لاحق للفخاريات والبرديات الآرامية في مصر فتعدّ ذات أهمية محورية بالنسبة لفهمنا لتاريخ وأدب اليهود في زمن عزرا ونحميا. وينشر حالياً أربع مجموعات كبيرة من هذه المكتشفات، وبنشرها جميعاً سوف يتضاعف عدد الوثائق عما كان عليه منذ عشرين عاماً مضت. (Albright, BATYA, 539).
كتب ر. س. هوبرت بحثاً عن هذه المكتشفات بعنوان «لخيش - الحصن الحدودي ليهوذا» وهو يتحدث عن مناسبة هذه الرسائل وكاتبها:
وأكثر المكتشفات التي ظلت كما هي رسائل كتبها شخص يدعي هوشعيا (وهو اسم كتابي:
نحميا 12: 32، إرميا 42: 1 ، 12: 1، 43: 2) وهو على ما يبدو ضابط عسكري يعمل في منطقة حدودية أو نقطة مراقبة لا تبعد كثيراً عن لخيش، وكان يعمل تحت رئاسة ياعوش قائد لخيش. وهذه الرسائل كتبت جميعها في غضون بضعة أيام أو أسابيع كما تدل على ذلك القطع الخزفية التي دونت عليها إذ أنها متماثلة في الشكل والتاريخ كما أن خمسة منها تتواءم معاً كأجزاء من إناء واحد. وقد وجدت جميع هذه الرسائل فيما عدا اثنين منها على أرضية غرفة الحرَّاس مما يدل على أن ياعوش قد أودعها بنفسه هناك بعد أن تسلمها من هوشعيا. (Haupert, LFFJ, 30, 31).