تطبخ
فكرة موضوع ندوة (المواطنة بين السيادة ورقابة القضاء) ليست جديدة, خصوصا وأن الأخ عبدالله فيروز منذ وقت طويل ينشط في هذا الملف وكتب كثيرا عنه, كذلك الأمر بالنسبة للدكتور عبيد الوسمي الذي كان ولا يزال يرى إنهاء هذه القضية عبر تعديل قانون الجنسية ليُسمح للقضاء النظر في نزاعات الجنسية.
هذه الندوة اعتبرتها مهمة لأسباب عدة منها تثقيف وتنوير شباب البدون قانونيا, بعيدا عن الطرح والخطاب العاطفي, فالحكومة وكل من حولها يطلون علينا "في الغالب" مستدلين ومستشهدين بالقوانين (بغض النظر إن كانت استدلالاتها واستشهاداتها خاطئة ومضللة أم صحيحة) لذا فنحن بحاجة إلى التسلح بالقانون لكشف تضليلها وأخطائها مثل (عدم دستورية الجهاز المركزي - قضية الإبعاد .. وغيرها) بالإضافة إلى ايجاد المزيد من المخارج والمنافذ القانونية كحلول, وكإحراج للحكومة وجميع أجهزتها, وأبسط ما يُمكن الاشارة له هو نجاح البدون - قانونيا - بكسب أحكام قضائية تُبطل اتهامات الجهاز المركزي بخصوص "جنسيات البدون".
لذلك لا يمكن التقليل من أهمية موضوع ندوة اليوم, لأننا عشنا تجارب مع ندوات سابقة, وتم التطرق فيها لكثير من التفاصيل الخاصة بحياة الناس ومعاناتهم ومشاكلهم وهمومهم وآمالهم وطموحاتهم وانتهاكات الحكومة ضدهم فبتنا نملك أرشيفا إعلاميا ضخما من المواد الإعلامية الخاصة بتفاصيل حياتنا, وجاء الوقت لاختيار موضوعات تساعد على تثقيف الناس وتنويرهم ودفعهم إلى السير في مسارات جديدة للعمل عليها.
وأستغرب للأمانة وجود من ينتقد اكتفاء الندوة على حديث المحاضرين... فنحن جئنا أيها الأحبة للاستماع إليهم كحال أي ندوة سابقة, فهذه ليست أول فعالية يتم تنظيمها حتى نجد من يتحسر على عدم السماح له بالحديث (ولا أدري ما هو المطلوب أكثر من ندوة وضعت موضوعا محددا لمحاضريها), لو فتح المجال للناس للحديث "ما راح نخلص", موضوع الندوة قانوني بحت, والناس تريد خطاب عاطفي, وما أكثر الكلام العاطفي الذي مللنا منه, ناهيك عن أن الأخوة في لجنة الكويتيين البدون قاموا بتنظيم أكثر من ندوة كانت متنوعة المواضيع والأفكار وتم السماح للناس فيها بالحديث, بل ونظموا أكثر من فعالية وتحرك ناجح, فبالتالي توجيه الاساءة لهم - بنظري - خطأ.
أما بخصوص المحامي محمد المتروك, فأعتقد أنه كان هناك أكثر من طريقة للرد عليه أفضل من الانفعال الذي حصل, هذا مع شديد احترامي للأخ الزميل أحمد الخليفي الذي كان من أبرز المنفعلين, وبرأيي أن المتروك مشكلته أنه يتكلم برأيه وبخطاب متواضع وضعيف أكثر من مسألة "تضليل متعمد" كما اعتبرها البعض.
الفوضى التي حصلت في الندوة هناك مَن ينظر لها باتجاهين:
الاتجاه الأول: أنها غوغائية ومزعجة وأساءت لصورة البدون.
الاتجاه الثاني: أنها تعكس مدى الغليان بداخل شباب البدون, فالتعليقات الغاضبة, والساخرة أحيانا, ومقاطعة المحاضرين والصراخ بانفعال والتكبير بالإضافة إلى عدد الحضور الكثيف يوصل رسالة كبيرة إلى كل من يهمه أمر البلد بأن الناس باتت لا تطيق استمرار الوضع على ما هو عليه.
وكان واضحا من "بعض" شبابنا أنهم من الطبقة الكادحة التي تسعى وراء لقمة عيشها, ولم يأتوا لسماع حديث القانون, وإنما للتعبير عن السخط والألم بدواخلهم (وإن كان يُفترض الالتزام بموضوع الندوة ولكن الناس لم تكن مستعدة لتقبل هذا على ما يبدو) فرغم المقاطعات والازعاج, إلا أنها عكست غلياناً يُنبئ بما هو عظيم.
القضية يا مسؤولين تطبخ, ليس على نار هادئة, وإنما على نار مستعرة, ولاشك أن تفاصيل الندوة - من حديث قانوني وغير قانوني أيضا - وصلكم صوت وصورة, فماذا أنتم فاعلون؟