Freedom Tower
عضو فعال
عالمًُُ مخفيُُّ
لقد طوّرت الإنسانيّة على سياق الأجيال ، علوم مختلفة كالفيزياء والكيمياء وعلم الحياة للبحث والتنقيب عن نفسها وعن العالم الّذي يحيط بها . وهذه العلوم تُسمّى العلوم الطبيعيّة وقد نمت وحُسّنت على أساس الحواس الخمسة للإنسان . ولقد إخترع الإنسان أدوات تُمكّنه من توسيع مدى حواسّه . وهكذا تدريجيّاََ ، من جيلِِ إلى جيل ، كدّس الإنسان التجارب وتمكّن من تبصّر هذا العالم والعيش فيه . وهنالك علم آخر -من ضمن جميع العلوم - يُطوّر الإنسان بصورة مُختلفة غاية الإختلاف ، وهذا العلم يُدعى " علم القبّالة " .
وفيما وراء العالم الدنيوي الّذي نبحث فيه ، هنالك عالمُُ آخر مخفيُُّ ، ونحن نشعر بوجوده ، بصورة حدسيّة ، بالرغم من إنّنا لا نراه . لماذا نفترض وجوده في حين إنّنا لا نشعر به بحواسّنا ؟ لأنّنا نكتشف قوانين خصوصيّة ، ألّتي هي جزءُُ من وجود أكثر إتّساعاََ ، ونحن نفهم أنّّه يجب أن تكون هناك قوانين عامّّة أكثر منطقيّةََ تُعلٍّل وتُوضّح وجودنا في هذا العالم بصورة شاملة تُلإئم وواقع الحال . أي : هنالك شيأًً ما لا ندركه ، يفلت من قدرتنا بالشعور .
هل صحيح أن هناك ظواهر في هذا الوجود ، لا ندركها ولا نعرفها ؟ نعم !! إنّنا نعيش في عالم ، كل شيء يحدث فيه بالصدفة وبصورة عرضيّة لا تُمكّننا من التكهّن . إنّنا لا نعرف ماذا سيحدث غداًً ، لا نعرف ما كان لنا قبل أن نولد ، وماذا سيجري بعد موتنا . ونحن لا نستطيع ان نتخيّل ماذا ستكون نتائج أعمالنا ، ومع ذلك كلّه ، فإنّنا نوءثّر على العالم الّذي يحيط بنا .
هنالك ، إذاًً ، شيأًً ما ، يحيط بنا ، لا يُدرك ولا يُشعر به . فكيف يمكن أن نشعر به طالما نحن نفتقد الحواس الملائمة ؟ وهل يمكن أن ننتج هذه الحواس أو نكتسبها ، ألأمر الّذي يمكّننا من الشعور بخُلقِِ أكثر كمالاًً ؟
ومن الممكن أن يكون هذا الخلق موجود حوالينا كاملاًً غير منقوص بكل طبقاته ومداميكه ، ولاكنّنا - بما إنّنا نفتقد الحواس الملائمة - نقسمه الى طبقتين : الطبقة المشعور بها ، وتُسمّى " عالمنا : أو " هذا العالم " ، وطبقة غير مشعور بها ، أو بالأحرى ، طبقة ما زلنا نفتقد القدرة للشعور بها . ولو كانت لدينا حواس أُخرى لكُنّا نشعر بهذا العالم بصورة مختلفة ، أكثر سعةًً وعمقاًً . وبما إنّنا لا نملك حواس كهذه ، فإنّنا نعاني العذاب الأليم ، لأنّنا لا نعلم كيف نتصرّف مع بعضنا البعض ومع الطبيعة الّتي تُحيط بنا ، لا ندرك تناسخ الأرواح ـ الحياة بعد الموت وقبل الولادة . وعندما نبحث هذا العالم بحثاًًً علميّاًً ، فإنّنا نصل الى مرحلة تتوقّف فيها معلوماتنا ونواجه طريقاًً مسدوداًً ، لا طاقة لنا باجتيازها . وفي الواقع ، هنالك الكثير من المناهج الّتي تُحسّن ، بصورة جزئيّة قدرتنا للتكهّن والتخمين ، وتَجاوُز حدود حواسّنا . ولكن ، في الحقيقة ، هذه المناهج لا تُفيدنا الكثير ، لأنّنا نبقى دائماًً في نطاق التكهّن الغامض ولا نستطيع الوصول الى العلم اليقين والإدراك التام ، ويمكننا الوصول اليهما بواسطة التعاون مع العالم الّذي يحيط بنا .
والإنسان هو مخلوق متطوّر ومتقدّم ، وبالرغم من تطوّره وتقدّمه فهو يشعر كأنّه لا حول له ولا قُوّة . ضالّ وتائه . ومن الواضح إنّنا لم نصل إلى النتائج المرموقة بواسطة التطوّر العلمي والبحث في هذا العالم ، ولذلك فيجب علينا أن نعترف بالأمر الواقع ألا وهو : إن حل المشكلة موجود في نطاق الحواس الّتي نفتقدها .
وهنالك منهج مُتقن يُمكّننا من تطوير حاسة إضافيّة تُسمّى بالحاسة السادسة أو "ستار " أو " النور الراجع " ، تمنحنا القدرة من الرُؤية والشعور بذلك الجزء من الكيان الّذي لا نستوعبه بحواسنا الخمس العادية . إنّنا نتلقّى الحواس العادية منذ الولادة ، وأمّا بالنسبة للحاسة السادسة ، فيجب علينا أن نُطوّرها بنفسنا بصورة تدريجيّة .
يتلقّى الإنسان فجأةًً " رسالة " أو " منشور " من السماء ، ألأمر الّذي يدفعه بالشعور بكيان أكثر توسّعاًً ، وهكذا تتولّد به الحاجة لتطوير الحاسّة السادسة ، ويحدث هذا بصورة تدريجيّة . إن الإنسانيّة تتطوّر على مر العصور والأجيال ، وإراداتها تتغيّر ، وكذلك إرادات الفرد تتغيّر هي أيضاًً بالملاءمة : ففي المرحلة الأُلى ، ترمي إلى الّذّات الجثمانيّة ـ شأنها بذلك شأن البهائم ـ كالطعام والعائلة والعلاقات الجنسيّة وهلمّ جرّاًً ، وبعدها ، ألّذّات الإنسانيّة ككدس الأموال ، ألإمساك بزمام الأمور ، ألشرف والمعرفة ، وبعد هذا كلّه ، تظهر عند الإنسان الإرادة للحصول على الكيان الأعلى والإدراك بالماهية الّتي لا تُدرك بالحواس الإنسانيّة .
وهذه الحاجة الجوهريًة للشعور بالعالم الخارجي ، تُسمًى " جنين " الحاسة السادسة . ومن هذه المرحلة فصاعداًً ، تكون الأمور منوطة بالإنسان نفسه . وتطوير هذه الحاسة يتمكًن فقط بواسطة خطًة مخصوصة أُرِثت للإنسانيًة وتُسمًى " حكمة القبًالة " . وهناك أُناس في كل جيل يتلقًون من السماءالحاجة لتطوير الحاسة السادسة ، وبعدها، يصلون إلى أساتذة ومرشدين وأسفار تتيح لهم تطوير هذه الحاسة داخلهم . وهؤلاء الأساتذة يُسمًون " قبّاليّين " ( مُنشقّة من كلمة " قبّالة " ) لأنّهم يتلقّون أو يتقبّلون هذه المعرفة العُليا الموجودة خارج نطاقنا . وفي كتبهم ، يصفون لنا هؤلاء القبّاليّون معرفتهم ، شعورهم ، إنطباعاتهم وتجاريبهم وكذلك يوضّحون لنا المنهج الّذي يتيح لنا بناء وتطوير الحاسة السادسة ، لكي نتمكّن نحن أيضاًً من الوصول إلى مستواهم الروحاني المرموق . إنّهم يُحدّثونا عن كيفيّة الوصول إلى الرغبة لإدراك الكيان الحقيقي والحصول عليه ، بعد أن حقّقنا جميع إراداتنا للّذات الدنيويّة كالغِنى والوقار والثقافة والتسلّط وغيرها . وفي نهاية المطاف ، يجب على كل فرد ، في مرحلة ما من مراحل تناسخ الأرواح ، ونتيجةًً لصروف الدهر أن يصل إلى حالة يعيش فيها ، بصورة مُتزامنة ، بجميع طبقات الكيان وأن يشعر بهذا الكيان ليس بواسطة الحواس الخمس وحسب ، مثلما يشعر به الجميع ، بل عن طريق حاسّته الإضافيّة الّتي تُمكّنه من الحياة ، السكينة وهدوء البال الكامل .
وتطوّر هذه " الألة " الداخليّة الّتي تُسمّى الحاسة السادسة يتم في الجنس البشري على ترتيبة " السابق المستمر " أو على مبدأ الهرم المدرّج الّذي تُبنى بموجبه البشريّة. ووفقاًً لهذا المبدأ ، تنبعث الحاسة السادسة ، في بداية الأمر ، في صنف معيّن من الناس الموجودين في قمّة الهرم ، وهؤلاء الناس يُسمّون "عبريّين " منشقّة من كلمة "عبور " أو إجتياز الحاجز إلى الدائرة الخارجيّة في عالمنا . ولقد كان إبراهيم الخليل عليه السلام ، أوّل من عبر من الشعور الدنيوي المحدود إلى الشعور بالعالم الأعلى السماويّ . ولأنساله الأولويّة في تطوير الحاسة السادسة .
وهذه هي بداية التطوير ، ويتبعها ما قيل في أسفار الأنبياء وفي كُتُب القبّاليّين ، أنّه في يوم القيامة ، ستضطر البشريّة بأجمعها أن تصل إلى هذا المستوى العالي من التطوير ، أي : الشعور بالكيان الكامل والإنضمام إلى الإرادة العُلويّة وتفهّم تناسخ الأرواح وتقمّصها والعبور إلى بُعد الزمان في الحياة والموت والعيش في جميع مداميك الموجوديّة .
ولقد أشار جميع القبّاليّون إلى أن عصرنا هذا ،إنّما هو نقطة تحوّل ألّتي منها تكيّف الجماهير العريضة ألمجال الروحانيّ ، وتعمل من أجل تطوير الحاسّة السادسة . ولقد كانت جميع الأجيال السابقة بمثابة تهيّؤ واستعداد الى نقطة التحوّل هذه ، في مرحلة تُسمّى " إنزال الأرواح " . وفي هذه المرحلة تنزل الروح من مقامها السامي أي من العالم ألاّنهائي وتجتاز عوالم كثيرة إلى أن تصل إلى عالمنا هذا . وبعدها ، تستمر في التدهور عٍبر الأجيال ، تمر بخراب الهيكل الأوّل ، خراب الهيكل الثاني ، والجاليات الأربع . وفي عصرنا هذا ، إنتهت الجالية الأخيرة ومن هنا فصاعداًً ، ترتفع الأرواح بصورة دائمة ومستمرّة .
ولقد حضّر لنا القبّاليّون منهج أو خطّة لترفيع الأرواح ومن واجبنا أن نحضّر، نحن بدورنا ، أرواحنا لكي نكون في طليعة نظام الأرواح العامّة ( من بين جميع الأرواح ألّتي نزلت إلى هذا العالم ) للإرتفاع والترقّي مع تلك الألة الّتي ذكرناها سابقاًً .
ومن طالع مؤلّفات الحاخام القبّالي إسحاق لوريا ( الملقّب :ها آري 1534-1572 ) ، وكُتُب الحاخام القبّالي ( باعل هسّولاّم ) ، فسيجد كلّ شيءِِ مكتوب هناك بصورة بسيطة وواضحة . وهذا هو السبب في إن حكمة القبّالة تبدأ - في عصرنا هذا بالذات-أن تكون أكثر كشفاًً وشهرةًً ، وذلك بالرغم من أن الأقلّيّة فقط تدرك ما هي محتوياتها ، ولماذا تُسمّى علماًً، ولماذا تكون مكتومة ، ولماذا تظهر بطرقِِ معيّنة إلخ .
والجاذبيّة نحو حكمة القبّالة هي أمرُُ ملموس ، وذلك لأنّ القبّاليين أشاروا إليها في الأجيال السابقة .
ومن يشعر بحاجة ماسّة لتفهّم الموجوديّة العليا ، فيجب عليه أن يبدأ بتطوير ما يُسمّى (بّؤْرته القلبيّة) ، إلى أن تتحوّل إلى حاسّة سادسة وذلك بواسطة خطّة القبّالة ألّتي طوّرها القبّالييّون . وهذه المرحلة تستغرق عدّة سنوات (ما بين 5 إلى 6 سنوات ).
وتنموا الحاسّة السادسة وتتطوّر بصورة تدريجيّة حتّى يشعر صاحبها بالعالم الخارجي وهو عالم الأسباب ، حيث تُضاف إليه رُؤْية مُتقنة ومضبوطة تُمكّنه من إدراك ما يحدث في عالمنا هذا ، فهو يرى تشكيلة الأسباب : إلى أين تُؤدّي أفعالنا ، قوّاتنا ، إراداتنا وأفكارنا .
هذا ما يراه الإنسان بواسطة الحاسّة السادسة فقط ، وليس بالحواسّ الخمس . إنّ (الأَنا ) الإنساني ، ( ما يتعلّق بماهية الإنسان ) يُشعر به بالحاسة السادسة . وفي اللحظة الّتي تتطوّر هذه الحاسّة بالإنسان ، فهو يبدأ بالشعور بما يُسمّى ( الروح ) .
وعندها يحصل الإنسان على جزائه بصورة مُضاعفة : فمن الناحية الأُلى ، "يرى " الأفكار والإرادات ، ويدرك كيف تنتقل هذه الأفكار منه إلى الأخرين ، وما هو مدى تأثير أفكار الأخرين عليه ، وكيف يتم كلّ هذا بالواقع ، وما هي شيمة العلاقات المتبادلة بينه وبين الطبيعة . ومفهوم الزمان (كما يُشعر به في هذا العالم ) يتلاشى عنده ، ألأمر الّذي يُمكّنه من رُؤية ما يدور حوله بصورة واضحة وجليّة ؛ فيكون في استطاعته أن يرى الماضي ، الحاضر والمُستقبل في آنِِ واحد وبالمفهوم الحقيقي لمُصطلح (الزمان) .
ومن الناحية الثانية ، يكتسب القدرة في تقييم ما يدور حوله ، وما هو أكثر أهمّيّةًً ، فهو يكتسب القدرة في التأثير على القيادة العُليا - الّتي يتصرّف بموجبها هذا العالم- وهو بذلك يُؤثّر على الجميع من العالم الخارجي . وهذا يعني أنّ بوُسعه ليس فقط التكهّن والتنبّؤ ، بل تغيير المُستقبل وتصميم الغد . وهذه الطاقة تظهر في الإنسان عندما يتخلّص من طبيعته ، ويبدأ بالتفكير بمصطلحات العالم الأعلى .
وكلّ هذه الأمور هي أمور حقيقيّة ملموسة . وبوسع كلّ فرد - بدون أيّ مُستثنى - أن يكتسبها . ولقد صُمّم القانون العام الّذي تتصرّف بموجبه الخليقة والطبيعة ، بحيث يكلّفنا بالتقدّم نحو هذا الحال . وفي الواقع ، إن الإنسانيّة باجمعها تتقدّم نحوه ، ولكن بدون أن تدرك بالحسّ . وبالعكس ما يحدث في المجتمع ، فإن الفردالّذي يتقدّم نحو هذا الهدف بمحض إرادته - لكي يحصل على الكيان الحقيقي والحياة الروحانيّة -لا يشعربألم أو عذاب نتيجة ضغط الطبيعة عليه ، ويرى أنّ الكوْن مليءُُ بالخير وليس بالشرّ .
:قلب: :قلب:
......................................
:قلب: :قلب:
الموضوع أعلاه منقول من موقع الــ kabbalah باللغة العربية على الوصلة أدناه :
http://www.kabbalah.info/arabickab/index_arabic.htm
المتفرع من الموقع الرسمي للــ kabbalah الذي يدعم الكثير من لغات العالم على الوصلة أدناه :
http://www.kabbalah.info/
:وردة:
لقد طوّرت الإنسانيّة على سياق الأجيال ، علوم مختلفة كالفيزياء والكيمياء وعلم الحياة للبحث والتنقيب عن نفسها وعن العالم الّذي يحيط بها . وهذه العلوم تُسمّى العلوم الطبيعيّة وقد نمت وحُسّنت على أساس الحواس الخمسة للإنسان . ولقد إخترع الإنسان أدوات تُمكّنه من توسيع مدى حواسّه . وهكذا تدريجيّاََ ، من جيلِِ إلى جيل ، كدّس الإنسان التجارب وتمكّن من تبصّر هذا العالم والعيش فيه . وهنالك علم آخر -من ضمن جميع العلوم - يُطوّر الإنسان بصورة مُختلفة غاية الإختلاف ، وهذا العلم يُدعى " علم القبّالة " .
وفيما وراء العالم الدنيوي الّذي نبحث فيه ، هنالك عالمُُ آخر مخفيُُّ ، ونحن نشعر بوجوده ، بصورة حدسيّة ، بالرغم من إنّنا لا نراه . لماذا نفترض وجوده في حين إنّنا لا نشعر به بحواسّنا ؟ لأنّنا نكتشف قوانين خصوصيّة ، ألّتي هي جزءُُ من وجود أكثر إتّساعاََ ، ونحن نفهم أنّّه يجب أن تكون هناك قوانين عامّّة أكثر منطقيّةََ تُعلٍّل وتُوضّح وجودنا في هذا العالم بصورة شاملة تُلإئم وواقع الحال . أي : هنالك شيأًً ما لا ندركه ، يفلت من قدرتنا بالشعور .
هل صحيح أن هناك ظواهر في هذا الوجود ، لا ندركها ولا نعرفها ؟ نعم !! إنّنا نعيش في عالم ، كل شيء يحدث فيه بالصدفة وبصورة عرضيّة لا تُمكّننا من التكهّن . إنّنا لا نعرف ماذا سيحدث غداًً ، لا نعرف ما كان لنا قبل أن نولد ، وماذا سيجري بعد موتنا . ونحن لا نستطيع ان نتخيّل ماذا ستكون نتائج أعمالنا ، ومع ذلك كلّه ، فإنّنا نوءثّر على العالم الّذي يحيط بنا .
هنالك ، إذاًً ، شيأًً ما ، يحيط بنا ، لا يُدرك ولا يُشعر به . فكيف يمكن أن نشعر به طالما نحن نفتقد الحواس الملائمة ؟ وهل يمكن أن ننتج هذه الحواس أو نكتسبها ، ألأمر الّذي يمكّننا من الشعور بخُلقِِ أكثر كمالاًً ؟
ومن الممكن أن يكون هذا الخلق موجود حوالينا كاملاًً غير منقوص بكل طبقاته ومداميكه ، ولاكنّنا - بما إنّنا نفتقد الحواس الملائمة - نقسمه الى طبقتين : الطبقة المشعور بها ، وتُسمّى " عالمنا : أو " هذا العالم " ، وطبقة غير مشعور بها ، أو بالأحرى ، طبقة ما زلنا نفتقد القدرة للشعور بها . ولو كانت لدينا حواس أُخرى لكُنّا نشعر بهذا العالم بصورة مختلفة ، أكثر سعةًً وعمقاًً . وبما إنّنا لا نملك حواس كهذه ، فإنّنا نعاني العذاب الأليم ، لأنّنا لا نعلم كيف نتصرّف مع بعضنا البعض ومع الطبيعة الّتي تُحيط بنا ، لا ندرك تناسخ الأرواح ـ الحياة بعد الموت وقبل الولادة . وعندما نبحث هذا العالم بحثاًًً علميّاًً ، فإنّنا نصل الى مرحلة تتوقّف فيها معلوماتنا ونواجه طريقاًً مسدوداًً ، لا طاقة لنا باجتيازها . وفي الواقع ، هنالك الكثير من المناهج الّتي تُحسّن ، بصورة جزئيّة قدرتنا للتكهّن والتخمين ، وتَجاوُز حدود حواسّنا . ولكن ، في الحقيقة ، هذه المناهج لا تُفيدنا الكثير ، لأنّنا نبقى دائماًً في نطاق التكهّن الغامض ولا نستطيع الوصول الى العلم اليقين والإدراك التام ، ويمكننا الوصول اليهما بواسطة التعاون مع العالم الّذي يحيط بنا .
والإنسان هو مخلوق متطوّر ومتقدّم ، وبالرغم من تطوّره وتقدّمه فهو يشعر كأنّه لا حول له ولا قُوّة . ضالّ وتائه . ومن الواضح إنّنا لم نصل إلى النتائج المرموقة بواسطة التطوّر العلمي والبحث في هذا العالم ، ولذلك فيجب علينا أن نعترف بالأمر الواقع ألا وهو : إن حل المشكلة موجود في نطاق الحواس الّتي نفتقدها .
وهنالك منهج مُتقن يُمكّننا من تطوير حاسة إضافيّة تُسمّى بالحاسة السادسة أو "ستار " أو " النور الراجع " ، تمنحنا القدرة من الرُؤية والشعور بذلك الجزء من الكيان الّذي لا نستوعبه بحواسنا الخمس العادية . إنّنا نتلقّى الحواس العادية منذ الولادة ، وأمّا بالنسبة للحاسة السادسة ، فيجب علينا أن نُطوّرها بنفسنا بصورة تدريجيّة .
يتلقّى الإنسان فجأةًً " رسالة " أو " منشور " من السماء ، ألأمر الّذي يدفعه بالشعور بكيان أكثر توسّعاًً ، وهكذا تتولّد به الحاجة لتطوير الحاسّة السادسة ، ويحدث هذا بصورة تدريجيّة . إن الإنسانيّة تتطوّر على مر العصور والأجيال ، وإراداتها تتغيّر ، وكذلك إرادات الفرد تتغيّر هي أيضاًً بالملاءمة : ففي المرحلة الأُلى ، ترمي إلى الّذّات الجثمانيّة ـ شأنها بذلك شأن البهائم ـ كالطعام والعائلة والعلاقات الجنسيّة وهلمّ جرّاًً ، وبعدها ، ألّذّات الإنسانيّة ككدس الأموال ، ألإمساك بزمام الأمور ، ألشرف والمعرفة ، وبعد هذا كلّه ، تظهر عند الإنسان الإرادة للحصول على الكيان الأعلى والإدراك بالماهية الّتي لا تُدرك بالحواس الإنسانيّة .
وهذه الحاجة الجوهريًة للشعور بالعالم الخارجي ، تُسمًى " جنين " الحاسة السادسة . ومن هذه المرحلة فصاعداًً ، تكون الأمور منوطة بالإنسان نفسه . وتطوير هذه الحاسة يتمكًن فقط بواسطة خطًة مخصوصة أُرِثت للإنسانيًة وتُسمًى " حكمة القبًالة " . وهناك أُناس في كل جيل يتلقًون من السماءالحاجة لتطوير الحاسة السادسة ، وبعدها، يصلون إلى أساتذة ومرشدين وأسفار تتيح لهم تطوير هذه الحاسة داخلهم . وهؤلاء الأساتذة يُسمًون " قبّاليّين " ( مُنشقّة من كلمة " قبّالة " ) لأنّهم يتلقّون أو يتقبّلون هذه المعرفة العُليا الموجودة خارج نطاقنا . وفي كتبهم ، يصفون لنا هؤلاء القبّاليّون معرفتهم ، شعورهم ، إنطباعاتهم وتجاريبهم وكذلك يوضّحون لنا المنهج الّذي يتيح لنا بناء وتطوير الحاسة السادسة ، لكي نتمكّن نحن أيضاًً من الوصول إلى مستواهم الروحاني المرموق . إنّهم يُحدّثونا عن كيفيّة الوصول إلى الرغبة لإدراك الكيان الحقيقي والحصول عليه ، بعد أن حقّقنا جميع إراداتنا للّذات الدنيويّة كالغِنى والوقار والثقافة والتسلّط وغيرها . وفي نهاية المطاف ، يجب على كل فرد ، في مرحلة ما من مراحل تناسخ الأرواح ، ونتيجةًً لصروف الدهر أن يصل إلى حالة يعيش فيها ، بصورة مُتزامنة ، بجميع طبقات الكيان وأن يشعر بهذا الكيان ليس بواسطة الحواس الخمس وحسب ، مثلما يشعر به الجميع ، بل عن طريق حاسّته الإضافيّة الّتي تُمكّنه من الحياة ، السكينة وهدوء البال الكامل .
وتطوّر هذه " الألة " الداخليّة الّتي تُسمّى الحاسة السادسة يتم في الجنس البشري على ترتيبة " السابق المستمر " أو على مبدأ الهرم المدرّج الّذي تُبنى بموجبه البشريّة. ووفقاًً لهذا المبدأ ، تنبعث الحاسة السادسة ، في بداية الأمر ، في صنف معيّن من الناس الموجودين في قمّة الهرم ، وهؤلاء الناس يُسمّون "عبريّين " منشقّة من كلمة "عبور " أو إجتياز الحاجز إلى الدائرة الخارجيّة في عالمنا . ولقد كان إبراهيم الخليل عليه السلام ، أوّل من عبر من الشعور الدنيوي المحدود إلى الشعور بالعالم الأعلى السماويّ . ولأنساله الأولويّة في تطوير الحاسة السادسة .
وهذه هي بداية التطوير ، ويتبعها ما قيل في أسفار الأنبياء وفي كُتُب القبّاليّين ، أنّه في يوم القيامة ، ستضطر البشريّة بأجمعها أن تصل إلى هذا المستوى العالي من التطوير ، أي : الشعور بالكيان الكامل والإنضمام إلى الإرادة العُلويّة وتفهّم تناسخ الأرواح وتقمّصها والعبور إلى بُعد الزمان في الحياة والموت والعيش في جميع مداميك الموجوديّة .
ولقد أشار جميع القبّاليّون إلى أن عصرنا هذا ،إنّما هو نقطة تحوّل ألّتي منها تكيّف الجماهير العريضة ألمجال الروحانيّ ، وتعمل من أجل تطوير الحاسّة السادسة . ولقد كانت جميع الأجيال السابقة بمثابة تهيّؤ واستعداد الى نقطة التحوّل هذه ، في مرحلة تُسمّى " إنزال الأرواح " . وفي هذه المرحلة تنزل الروح من مقامها السامي أي من العالم ألاّنهائي وتجتاز عوالم كثيرة إلى أن تصل إلى عالمنا هذا . وبعدها ، تستمر في التدهور عٍبر الأجيال ، تمر بخراب الهيكل الأوّل ، خراب الهيكل الثاني ، والجاليات الأربع . وفي عصرنا هذا ، إنتهت الجالية الأخيرة ومن هنا فصاعداًً ، ترتفع الأرواح بصورة دائمة ومستمرّة .
ولقد حضّر لنا القبّاليّون منهج أو خطّة لترفيع الأرواح ومن واجبنا أن نحضّر، نحن بدورنا ، أرواحنا لكي نكون في طليعة نظام الأرواح العامّة ( من بين جميع الأرواح ألّتي نزلت إلى هذا العالم ) للإرتفاع والترقّي مع تلك الألة الّتي ذكرناها سابقاًً .
ومن طالع مؤلّفات الحاخام القبّالي إسحاق لوريا ( الملقّب :ها آري 1534-1572 ) ، وكُتُب الحاخام القبّالي ( باعل هسّولاّم ) ، فسيجد كلّ شيءِِ مكتوب هناك بصورة بسيطة وواضحة . وهذا هو السبب في إن حكمة القبّالة تبدأ - في عصرنا هذا بالذات-أن تكون أكثر كشفاًً وشهرةًً ، وذلك بالرغم من أن الأقلّيّة فقط تدرك ما هي محتوياتها ، ولماذا تُسمّى علماًً، ولماذا تكون مكتومة ، ولماذا تظهر بطرقِِ معيّنة إلخ .
والجاذبيّة نحو حكمة القبّالة هي أمرُُ ملموس ، وذلك لأنّ القبّاليين أشاروا إليها في الأجيال السابقة .
ومن يشعر بحاجة ماسّة لتفهّم الموجوديّة العليا ، فيجب عليه أن يبدأ بتطوير ما يُسمّى (بّؤْرته القلبيّة) ، إلى أن تتحوّل إلى حاسّة سادسة وذلك بواسطة خطّة القبّالة ألّتي طوّرها القبّالييّون . وهذه المرحلة تستغرق عدّة سنوات (ما بين 5 إلى 6 سنوات ).
وتنموا الحاسّة السادسة وتتطوّر بصورة تدريجيّة حتّى يشعر صاحبها بالعالم الخارجي وهو عالم الأسباب ، حيث تُضاف إليه رُؤْية مُتقنة ومضبوطة تُمكّنه من إدراك ما يحدث في عالمنا هذا ، فهو يرى تشكيلة الأسباب : إلى أين تُؤدّي أفعالنا ، قوّاتنا ، إراداتنا وأفكارنا .
هذا ما يراه الإنسان بواسطة الحاسّة السادسة فقط ، وليس بالحواسّ الخمس . إنّ (الأَنا ) الإنساني ، ( ما يتعلّق بماهية الإنسان ) يُشعر به بالحاسة السادسة . وفي اللحظة الّتي تتطوّر هذه الحاسّة بالإنسان ، فهو يبدأ بالشعور بما يُسمّى ( الروح ) .
وعندها يحصل الإنسان على جزائه بصورة مُضاعفة : فمن الناحية الأُلى ، "يرى " الأفكار والإرادات ، ويدرك كيف تنتقل هذه الأفكار منه إلى الأخرين ، وما هو مدى تأثير أفكار الأخرين عليه ، وكيف يتم كلّ هذا بالواقع ، وما هي شيمة العلاقات المتبادلة بينه وبين الطبيعة . ومفهوم الزمان (كما يُشعر به في هذا العالم ) يتلاشى عنده ، ألأمر الّذي يُمكّنه من رُؤية ما يدور حوله بصورة واضحة وجليّة ؛ فيكون في استطاعته أن يرى الماضي ، الحاضر والمُستقبل في آنِِ واحد وبالمفهوم الحقيقي لمُصطلح (الزمان) .
ومن الناحية الثانية ، يكتسب القدرة في تقييم ما يدور حوله ، وما هو أكثر أهمّيّةًً ، فهو يكتسب القدرة في التأثير على القيادة العُليا - الّتي يتصرّف بموجبها هذا العالم- وهو بذلك يُؤثّر على الجميع من العالم الخارجي . وهذا يعني أنّ بوُسعه ليس فقط التكهّن والتنبّؤ ، بل تغيير المُستقبل وتصميم الغد . وهذه الطاقة تظهر في الإنسان عندما يتخلّص من طبيعته ، ويبدأ بالتفكير بمصطلحات العالم الأعلى .
وكلّ هذه الأمور هي أمور حقيقيّة ملموسة . وبوسع كلّ فرد - بدون أيّ مُستثنى - أن يكتسبها . ولقد صُمّم القانون العام الّذي تتصرّف بموجبه الخليقة والطبيعة ، بحيث يكلّفنا بالتقدّم نحو هذا الحال . وفي الواقع ، إن الإنسانيّة باجمعها تتقدّم نحوه ، ولكن بدون أن تدرك بالحسّ . وبالعكس ما يحدث في المجتمع ، فإن الفردالّذي يتقدّم نحو هذا الهدف بمحض إرادته - لكي يحصل على الكيان الحقيقي والحياة الروحانيّة -لا يشعربألم أو عذاب نتيجة ضغط الطبيعة عليه ، ويرى أنّ الكوْن مليءُُ بالخير وليس بالشرّ .
:قلب: :قلب:
......................................
:قلب: :قلب:
الموضوع أعلاه منقول من موقع الــ kabbalah باللغة العربية على الوصلة أدناه :
http://www.kabbalah.info/arabickab/index_arabic.htm
المتفرع من الموقع الرسمي للــ kabbalah الذي يدعم الكثير من لغات العالم على الوصلة أدناه :
http://www.kabbalah.info/
:وردة: