من كتاب : "هل يجوز لعن يزيد بن معاوية ؟"
للمؤلف : سعود الزمانان
- قال ابن العربي – رحمه الله - : " فإن قيل إن يزيد كان خمّاراً ، قلنا : لا يحلّ إلا بشاهدين ، فمن شهد بذلك عليه " ا.هـ.
- قال ابن حجر الهيتمي : " لا يجوز أن يلعن شخص بخصوصه ، إلا أن يعلم موته على الكفر كأبي جهل وأبي لهب ، ولأن اللعن هو الطرد من رحمة الله ، الملتزم لليأس منها ، وذلك إنما يليق بمن علم موته على الكفر " ا.هـ.
- قال ابن الصلاح : " لم يصح عندنا أنه أمر بقتله – أي قتل الحسين - ، والمحفوظ أن الآمر بقتاله المفضي إلى قتله – كرمه الله - ، إنما هو يزيد بن زياد والي العراق إذ ذاك ، وأما سب يزيد ولعنه فليس من شأن المؤمنين ، فإن صح أنه قتله أو أمر بقتله، وقد ورد في الحديث المحفوظ : " أن لعن المسلم كقتله "، وإنما يكفر بالقتل قاتل نبي من الأنبياء – صلوات الله وسلامه عليهم - ، والناس في يزيد ثلاث فرق : فرقة تحبه وتتولاّه ، وفرقة أخرى تسبه وتلعنه ، وفرقة متوسطة في ذلك لا تتولاّه ولا تلعنه ، وتسلك به سبيل سائر ملوك الإسلام وخلفائهم غير الراشدين في ذلك وشبهه ،وهذه الفرقة هي الصائبة ، ومذهبها اللائق بمن يعرف سير الماضين ،ويعلم قواعد الشريعة الطاهرة ، جعلنا الله من خيار أهلها آمين "
- قال الذهبي : " ويزيد ممّن لا نسبه ولا نحبه ، وله نظراء من خلفاء الدولتين ، وكذلك من ملوك النواحي ، بل فيهم من هو شر منه ، وإنما عظم الخطب لكونه ولي بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – بتسع وأربعين سنة ، والعهد قريب ، والصحابة موجودون ، كابن عمر الذي كان أولى منه ومن أبيه وجدّه "
- وقال ابن الحداد الشافعي في عقيدته : " ونترحم على معاوية ، ونكل سريرة يزيد إلى الله تعالى "
- وسئل الحافظ عبد الغني المقدسي عن يزيد بن معاوية فأجاب بقوله : " خلافته صحيحة ، وقال بعض العلماء : بايعه ستون من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم ، منهم ابن عمر ، وأما محبته : فمن أحبه فلا ينكر عليه ، ومن لم يحبه فلا يلزمه ذلك ، لأنه ليس من الصحابة الذين صحبوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، فيلزم محبتهم إكراماً لصحبتهم ، وليس ثم أمر يمتاز به عن غيره من خلفاء التابعين ، كعبد الملك وبنيه ، وإنما يمنع من التعرض للوقوع فيه ، خوفاً من التسلق إلى أبيه ، وسداً لباب الفتنة "
- وأفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( فتوى رقم 1466) :" وأما يزيد بن معاوية فالناس فيه طرفان ووسط ، وأعدل الأقوال الثلاثة فيه أنه كان ملكاً من ملوك المسلمين ، له حسنات وسيئات ، ولم يولد إلا في خلافة عثمان – رضي الله عنه – ولم يكن كافراً ،ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين ، وفعل ما فعل بأهل الحرة ، ولم يكن صاحباً ، ولا من أولياء الله الصالحين ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :" وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة ، وأما بالنسبة للعنه فالناس فيه ثلاث فرق ، فرقة لعنته ، وفرقة أحبّته ، وفرقة لا تسبه ولا تحبه ،.. وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد ، وعليه المقتصدون من أصحابه وغيرهم من جميع المسلمين ، وهذا القول الوسط مبني على أ،ه لم يثبت فسقه الذي يقتضي لعنه ، أو بناء على أن الفاسق المعيّن لا يلعن بخصوصه ، إما تحريماً أو تنـزيهاً ، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمر في قصة عبد الله بن حمار الذي تكرّر منه شرب الخمر ، وجلده رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، لمّا لعنه بعض الصحابة ، قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " لعن المؤمن كقتله " متفق عليه
وهذا كما أ، نصوص الوعيد عامة في أكل أموال اليتامى والزنا والسرقة فلا يشهد بها على معيّن بأنه من أصحاب النار ، لجواز تخلف المقتضى عن المقتضى ، وغير ذلك من المكفرات للذنوب ، هذا بالنسبة لمنع سبّه ولعنته .
وأما بالنسبة لترك المحبة ، فلأنه لم يصدر منه من الأعمال الصالحة ما يوجب محبته ، فبقي من الملوك السلاطين ، وحب أشخاص هذا النوع ليست مشروعة ، ولأنه صدر عنه ما يقتضي فسقه وظلمه في سيرته ، وفي أمر الحسين وأمر أهل الحرّة " ا.هـ.
ملاحظة : إنه من العجيب والغريب حقاً أن يأتي أحد طلبة العلم الغيورين متبنياً قضية معينة ، مثل هذه القضية وهي عدم صحة تلك الافتراءات على يزيد ، وتأخذه الحماسة إلى حد بعيد لدرجة أنه يطعن في بعض أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى يبرأ يزيد من تلك التهم ، كما حدث لمؤلف كتاب " مواقف المعارضة في خلافة يزيد " لمحمد بن رزان الشيباني – هداه الله - فأراد أن يدافع عن يزيد فطعن في ابن الزبير – رضي الله عنه فقد اتهم الشيباني – حفظه الله – عبد الله بن الزبير – رضي الله عنه – أنه هو المتسبب في إلصاق التهمة بيزيد في شربه للخمر ، فقال : " ولاحظ ابن الزبير مشاعر السخط التي عمّت أهل الحجاز عموماً بسبب قتل الحسين ، فأخذ يدعو إلى الشورى وينال من يزيد ويشتمه ، ويذكر شربه للخمر ويثبط الناس عنه " ا.هـ. وقال في موضع آخر : " فأخذ يدع ويبدو أن يزيد قد علم بتلك التهمة التي ألصقت به ، وعرف أنّ ابن الزبير – رضي الله عنه – هو المتسبب في إلصاق تلك التهمة به ، ممّا جعل يزيد ينكر ذلك ، ويؤكد النفي بأمر عملي حين جهز الجيوش لحرب ابن الزبير ، وأهل المدينة ، وكأنه يقول لهم إن الذي يشرب الخمر لا يجهز جيشاً ولا يرسل بعثاً " ا.هـ.
قلت : وهذا الطعن لا يصح سنداً ولا متناً ، فقد اعتمد الشيباني على رواية الطبري في تاريخه ( 5/475) عن أبي مخنف ، و الأزرقي في أخبار مكة (1/201) بسند قال عنه الشيباني في الحاشية : " كل رجاله ثقات حتى ابن جريج " ، وهذه الروايات لا تصح فأبو مخنف تالف لا تحل الرواية عنه ، وأمّا رواية ابن جريج ففيها جهالة قال ابن جريج : سمعت غير واحد من أهل العلم ممّن حضر ابن الزبير حين هدم الكعبة وبناها " ، فابن جريج لم يسمِّ شيوخه ، وهو يروي عن الضعفاء ، فلا نقبل الرواية حتى يسمي شيوخه ، هذا من جهة السند أما من جهة المتن ففيه إساءة واضحة لصحابي جليل ، وهو الرجل الذي أول ما دخل جوفه ريق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حين قام بتحنيكه ، وهو من فقهاء الصحابة المعدودين ، وكان إذا ذكر ابن الزبير عند ابن عباس قال : " قارئ لكتاب الله ، عفيف في الإسلام ، أبوه الزبير وأمه أسماء وجده أبو بكر وعمته خديجة ، وخالته عائشة ، وجدته صفية ، والله إني لأحاسب له نفسي محاسبة لم أحاسب بها لأبي بكر وعمر "
للمؤلف : سعود الزمانان
- قال ابن العربي – رحمه الله - : " فإن قيل إن يزيد كان خمّاراً ، قلنا : لا يحلّ إلا بشاهدين ، فمن شهد بذلك عليه " ا.هـ.
- قال ابن حجر الهيتمي : " لا يجوز أن يلعن شخص بخصوصه ، إلا أن يعلم موته على الكفر كأبي جهل وأبي لهب ، ولأن اللعن هو الطرد من رحمة الله ، الملتزم لليأس منها ، وذلك إنما يليق بمن علم موته على الكفر " ا.هـ.
- قال ابن الصلاح : " لم يصح عندنا أنه أمر بقتله – أي قتل الحسين - ، والمحفوظ أن الآمر بقتاله المفضي إلى قتله – كرمه الله - ، إنما هو يزيد بن زياد والي العراق إذ ذاك ، وأما سب يزيد ولعنه فليس من شأن المؤمنين ، فإن صح أنه قتله أو أمر بقتله، وقد ورد في الحديث المحفوظ : " أن لعن المسلم كقتله "، وإنما يكفر بالقتل قاتل نبي من الأنبياء – صلوات الله وسلامه عليهم - ، والناس في يزيد ثلاث فرق : فرقة تحبه وتتولاّه ، وفرقة أخرى تسبه وتلعنه ، وفرقة متوسطة في ذلك لا تتولاّه ولا تلعنه ، وتسلك به سبيل سائر ملوك الإسلام وخلفائهم غير الراشدين في ذلك وشبهه ،وهذه الفرقة هي الصائبة ، ومذهبها اللائق بمن يعرف سير الماضين ،ويعلم قواعد الشريعة الطاهرة ، جعلنا الله من خيار أهلها آمين "
- قال الذهبي : " ويزيد ممّن لا نسبه ولا نحبه ، وله نظراء من خلفاء الدولتين ، وكذلك من ملوك النواحي ، بل فيهم من هو شر منه ، وإنما عظم الخطب لكونه ولي بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – بتسع وأربعين سنة ، والعهد قريب ، والصحابة موجودون ، كابن عمر الذي كان أولى منه ومن أبيه وجدّه "
- وقال ابن الحداد الشافعي في عقيدته : " ونترحم على معاوية ، ونكل سريرة يزيد إلى الله تعالى "
- وسئل الحافظ عبد الغني المقدسي عن يزيد بن معاوية فأجاب بقوله : " خلافته صحيحة ، وقال بعض العلماء : بايعه ستون من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم ، منهم ابن عمر ، وأما محبته : فمن أحبه فلا ينكر عليه ، ومن لم يحبه فلا يلزمه ذلك ، لأنه ليس من الصحابة الذين صحبوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، فيلزم محبتهم إكراماً لصحبتهم ، وليس ثم أمر يمتاز به عن غيره من خلفاء التابعين ، كعبد الملك وبنيه ، وإنما يمنع من التعرض للوقوع فيه ، خوفاً من التسلق إلى أبيه ، وسداً لباب الفتنة "
- وأفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( فتوى رقم 1466) :" وأما يزيد بن معاوية فالناس فيه طرفان ووسط ، وأعدل الأقوال الثلاثة فيه أنه كان ملكاً من ملوك المسلمين ، له حسنات وسيئات ، ولم يولد إلا في خلافة عثمان – رضي الله عنه – ولم يكن كافراً ،ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين ، وفعل ما فعل بأهل الحرة ، ولم يكن صاحباً ، ولا من أولياء الله الصالحين ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :" وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة ، وأما بالنسبة للعنه فالناس فيه ثلاث فرق ، فرقة لعنته ، وفرقة أحبّته ، وفرقة لا تسبه ولا تحبه ،.. وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد ، وعليه المقتصدون من أصحابه وغيرهم من جميع المسلمين ، وهذا القول الوسط مبني على أ،ه لم يثبت فسقه الذي يقتضي لعنه ، أو بناء على أن الفاسق المعيّن لا يلعن بخصوصه ، إما تحريماً أو تنـزيهاً ، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمر في قصة عبد الله بن حمار الذي تكرّر منه شرب الخمر ، وجلده رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، لمّا لعنه بعض الصحابة ، قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " لعن المؤمن كقتله " متفق عليه
وهذا كما أ، نصوص الوعيد عامة في أكل أموال اليتامى والزنا والسرقة فلا يشهد بها على معيّن بأنه من أصحاب النار ، لجواز تخلف المقتضى عن المقتضى ، وغير ذلك من المكفرات للذنوب ، هذا بالنسبة لمنع سبّه ولعنته .
وأما بالنسبة لترك المحبة ، فلأنه لم يصدر منه من الأعمال الصالحة ما يوجب محبته ، فبقي من الملوك السلاطين ، وحب أشخاص هذا النوع ليست مشروعة ، ولأنه صدر عنه ما يقتضي فسقه وظلمه في سيرته ، وفي أمر الحسين وأمر أهل الحرّة " ا.هـ.
ملاحظة : إنه من العجيب والغريب حقاً أن يأتي أحد طلبة العلم الغيورين متبنياً قضية معينة ، مثل هذه القضية وهي عدم صحة تلك الافتراءات على يزيد ، وتأخذه الحماسة إلى حد بعيد لدرجة أنه يطعن في بعض أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى يبرأ يزيد من تلك التهم ، كما حدث لمؤلف كتاب " مواقف المعارضة في خلافة يزيد " لمحمد بن رزان الشيباني – هداه الله - فأراد أن يدافع عن يزيد فطعن في ابن الزبير – رضي الله عنه فقد اتهم الشيباني – حفظه الله – عبد الله بن الزبير – رضي الله عنه – أنه هو المتسبب في إلصاق التهمة بيزيد في شربه للخمر ، فقال : " ولاحظ ابن الزبير مشاعر السخط التي عمّت أهل الحجاز عموماً بسبب قتل الحسين ، فأخذ يدعو إلى الشورى وينال من يزيد ويشتمه ، ويذكر شربه للخمر ويثبط الناس عنه " ا.هـ. وقال في موضع آخر : " فأخذ يدع ويبدو أن يزيد قد علم بتلك التهمة التي ألصقت به ، وعرف أنّ ابن الزبير – رضي الله عنه – هو المتسبب في إلصاق تلك التهمة به ، ممّا جعل يزيد ينكر ذلك ، ويؤكد النفي بأمر عملي حين جهز الجيوش لحرب ابن الزبير ، وأهل المدينة ، وكأنه يقول لهم إن الذي يشرب الخمر لا يجهز جيشاً ولا يرسل بعثاً " ا.هـ.
قلت : وهذا الطعن لا يصح سنداً ولا متناً ، فقد اعتمد الشيباني على رواية الطبري في تاريخه ( 5/475) عن أبي مخنف ، و الأزرقي في أخبار مكة (1/201) بسند قال عنه الشيباني في الحاشية : " كل رجاله ثقات حتى ابن جريج " ، وهذه الروايات لا تصح فأبو مخنف تالف لا تحل الرواية عنه ، وأمّا رواية ابن جريج ففيها جهالة قال ابن جريج : سمعت غير واحد من أهل العلم ممّن حضر ابن الزبير حين هدم الكعبة وبناها " ، فابن جريج لم يسمِّ شيوخه ، وهو يروي عن الضعفاء ، فلا نقبل الرواية حتى يسمي شيوخه ، هذا من جهة السند أما من جهة المتن ففيه إساءة واضحة لصحابي جليل ، وهو الرجل الذي أول ما دخل جوفه ريق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حين قام بتحنيكه ، وهو من فقهاء الصحابة المعدودين ، وكان إذا ذكر ابن الزبير عند ابن عباس قال : " قارئ لكتاب الله ، عفيف في الإسلام ، أبوه الزبير وأمه أسماء وجده أبو بكر وعمته خديجة ، وخالته عائشة ، وجدته صفية ، والله إني لأحاسب له نفسي محاسبة لم أحاسب بها لأبي بكر وعمر "