شَرْحُ لَامِيَّةِ ابْنِ فَرْحٍ الْإِشْبِيلِيِّ
لِلْعَلَّامَةِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْخضير
لِلْعَلَّامَةِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْخضير
مُقَدِّمَةٌ :
هذه المنظومة مشهورة مستفيضة عند أهل العلم ، و ترجع شهرتها لا لذاتها بل لإخلاص مؤلفها ، و هي منظومة من ملح العلم لا من متين العلم ، فلا يُعوَّل عليها في تأسيس طالب العلم و لا تدريبه على العلم .
و هي عبارة عن ذكر ألقاب و أسماء لبعض أنواع علوم الحديث ، فهي بمثابة الفهرس .
قيمتها الأدبية في ألفاظها و في تشبيهاتها و في محسناتها : معروف عند أهل البلاغة ، أما أهلُ الحديث فلا يُعنون بهذا غالبا .
هذه المنظومة مشهورة مستفيضة عند أهل العلم ، و ترجع شهرتها لا لذاتها بل لإخلاص مؤلفها ، و هي منظومة من ملح العلم لا من متين العلم ، فلا يُعوَّل عليها في تأسيس طالب العلم و لا تدريبه على العلم .
و هي عبارة عن ذكر ألقاب و أسماء لبعض أنواع علوم الحديث ، فهي بمثابة الفهرس .
قيمتها الأدبية في ألفاظها و في تشبيهاتها و في محسناتها : معروف عند أهل البلاغة ، أما أهلُ الحديث فلا يُعنون بهذا غالبا .
التَّعْرِيفُ بِالْمَنْظُومَةِ :
هذه المنظومة في 20 بيتا ، و بعض المترجمين يقول إنها في 30 بيتا ، لا أدري أسقط منها شيء ، أو هو وهم ممن ترجم ؟ [ راجع ( كشف الظنون ) ( 2 / 1865 ) ] ز .
أبياتها غير مترابطة .
هذه المنظومة في 20 بيتا ، و بعض المترجمين يقول إنها في 30 بيتا ، لا أدري أسقط منها شيء ، أو هو وهم ممن ترجم ؟ [ راجع ( كشف الظنون ) ( 2 / 1865 ) ] ز .
أبياتها غير مترابطة .
التَّعْرِيفُ بِالنَّاظِمِ :
أبو العباس أحمد بن فَرْحٍبإسكان الراء ، و بعضُهم يفتحها : " ابْن فَرَحٍ " ، و يؤيد الفتحَ ، تسميةُ ابنِ جماعة شرحَه " زَوَالُ التَّرَحِ ، بِشَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ فَرَحٍ " ، فمن لازم المقابلة بين " التَّرَحِ " و " فَرَحٍ " أن تفتح الراء في الثانية .
لكن نصَّ المترجمون على أنه بإسكان الراء .
أحمـد بـن فَـرْحٍ الإشبيلي ، المولود سنة 624 هـ أو 625 هـ ، تلقى مبادئ العلوم ، و هو من بيت معروف بالتدين و الصيانة ، يميل إلى التصوف ، أسره العدو سنة 644 هـ ، و تيسر له الفرج ، فأقبل على العلم و العمل بدمشق ، حتى توفي سنة 699 هـ .
لكن نصَّ المترجمون على أنه بإسكان الراء .
أحمـد بـن فَـرْحٍ الإشبيلي ، المولود سنة 624 هـ أو 625 هـ ، تلقى مبادئ العلوم ، و هو من بيت معروف بالتدين و الصيانة ، يميل إلى التصوف ، أسره العدو سنة 644 هـ ، و تيسر له الفرج ، فأقبل على العلم و العمل بدمشق ، حتى توفي سنة 699 هـ .
عِنَايَةُ أَهْل الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْمَنْظُومَةِ :
هذه المنظومة عُني بها أهل العلم ، و دونوها في مصنفاتهم ، و تلقوها عن صاحبها بالأسانيد المتصلة ، فنسبتها إليه : لا مراء فيها و لا شك .
و شرحها جمع من أهل العلم :
1 –الإمام الحافظ أحمد بن محمد بن عبد الهادي ، الإمام المحدث المشهور ، المتوفى سنة 744 هـ ، صاحب كتاب " المحرر " ، و شرحه مختصر جدا ، يقتصر على شرح الأنواع ، وشرحه طُبع أخيرا ، و انتُخِبت منه بعض الفوائد و عُلقت على شرح ابن جماعة ، المطبوع في أوربا سنة 1885 م .
2 –ابن جماعة ، بشرحٍ أو بأكثر من شـرحٍ ، حتى قال بعضـهم إنه شرحها في ثلاثة شـروح ، مطول و متوسط و مختصر ، و شرحه " زَوَالُ التَّرَحِ ، بِشَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ فَرَحٍ " .
3 – السفاريني الحنبلي المعروف ، و اهتم بهذه القصيدة من كل الوجوه ، و كذلك اهتم بما أُلفت القصيدة من أجله و هو الغزل ، و أضاف أبياتا غزلية للمتقدمين و المتأخرين ، و شانَ هذا الشرحَ ما نقله عن بعض المتصوفة المغرقين كابن الفارض و غيره .
4 – محمد الأمير مصري متأخر ، في أواخر القرن الثاني عشر ، و شرحه مطبوع .
هذه المنظومة عُني بها أهل العلم ، و دونوها في مصنفاتهم ، و تلقوها عن صاحبها بالأسانيد المتصلة ، فنسبتها إليه : لا مراء فيها و لا شك .
و شرحها جمع من أهل العلم :
1 –الإمام الحافظ أحمد بن محمد بن عبد الهادي ، الإمام المحدث المشهور ، المتوفى سنة 744 هـ ، صاحب كتاب " المحرر " ، و شرحه مختصر جدا ، يقتصر على شرح الأنواع ، وشرحه طُبع أخيرا ، و انتُخِبت منه بعض الفوائد و عُلقت على شرح ابن جماعة ، المطبوع في أوربا سنة 1885 م .
2 –ابن جماعة ، بشرحٍ أو بأكثر من شـرحٍ ، حتى قال بعضـهم إنه شرحها في ثلاثة شـروح ، مطول و متوسط و مختصر ، و شرحه " زَوَالُ التَّرَحِ ، بِشَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ فَرَحٍ " .
3 – السفاريني الحنبلي المعروف ، و اهتم بهذه القصيدة من كل الوجوه ، و كذلك اهتم بما أُلفت القصيدة من أجله و هو الغزل ، و أضاف أبياتا غزلية للمتقدمين و المتأخرين ، و شانَ هذا الشرحَ ما نقله عن بعض المتصوفة المغرقين كابن الفارض و غيره .
4 – محمد الأمير مصري متأخر ، في أواخر القرن الثاني عشر ، و شرحه مطبوع .
هذه الشروح مطبوعة ، و المخطوط منها كثير جدا .
اسْمُ الْمَنْظُومَةِ :
هذه المنظومة سميت بأول جملة فيها ، و هي " غرامي صحيح " .
و الغرام : الحب الملازم لصاحبه ، و منه الغريم : و هو الدائن الملازم للمدين ، و منه قوله تعالى : " إن عذابها كانت غراما " يعني : ملازمٌ للمعذب ملازمةً تامة ، بحيث لا يستطيع الانفكاك منه .
هذه المنظومة سميت بأول جملة فيها ، و هي " غرامي صحيح " .
و الغرام : الحب الملازم لصاحبه ، و منه الغريم : و هو الدائن الملازم للمدين ، و منه قوله تعالى : " إن عذابها كانت غراما " يعني : ملازمٌ للمعذب ملازمةً تامة ، بحيث لا يستطيع الانفكاك منه .
شَرْحُ الْمَنْظُومَةِ :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
- البسملة ثابتة في كثير من النسخ ، و هي الأصل من شخص عُرف بالعلم و العمل أن لا يترك البسملة ، و القرآن مبتدأ بالبسلمة ، و عملا بالحديث – و هو حديث ضعيف – " كل أمر ذي بال لا يبدأ ببسم الله فهو أقطع " هذا معروف ضعفه عند أهل العلم ، لكن يعملون به في الفضائل .
- البسملة ثابتة في كثير من النسخ ، و هي الأصل من شخص عُرف بالعلم و العمل أن لا يترك البسملة ، و القرآن مبتدأ بالبسلمة ، و عملا بالحديث – و هو حديث ضعيف – " كل أمر ذي بال لا يبدأ ببسم الله فهو أقطع " هذا معروف ضعفه عند أهل العلم ، لكن يعملون به في الفضائل .
و الكتب عند أهل العلم هي في حكم الرسائل ، و ليست في حكم الخطب .
غرامي صحيح و الرجا فيك معضل و حزني و دمعي مرسل و مسلسل
- ( غرامي صحيح ) تقدم أن الغرام : هو الحب الشديد الملازم ، و الحب يبدأ شيئا يسيرا ثم تُروى شجرتُه بترديده في الذهن و على اللسان حتى يصل بالشخص إلى أن يكون عبدا لغير الله .
و قوله " غرامي صحيح " يشير به إلى النوع الأول من أنواع علوم الحديث و هو : الصحيح .
1 - الصَّحِيحُ :
يُطلق على الأجسام ، و يُقابلون به: السقيم ، المريض ، فيقال : زيد صحيح ، و عمرو مريض ، و يقابلون به المكسور ، فيُقال : هذه دراهم صِحاح ، و هذه دراهم مُكَسَّرة .
و يطلق أيضا على المعاني ، من باب الحقيقة العرفية .
و قوله " غرامي صحيح " يشير به إلى النوع الأول من أنواع علوم الحديث و هو : الصحيح .
1 - الصَّحِيحُ :
يُطلق على الأجسام ، و يُقابلون به: السقيم ، المريض ، فيقال : زيد صحيح ، و عمرو مريض ، و يقابلون به المكسور ، فيُقال : هذه دراهم صِحاح ، و هذه دراهم مُكَسَّرة .
و يطلق أيضا على المعاني ، من باب الحقيقة العرفية .
و هو عند أهل الحديث ما توفرت فيه الشروط الخمسة : ما رواه عدل ضابط بسند متصل غير معلل و لا شاذ .
قال الحافظ العراقي :
فالأول المتصل الإســناد بنقل عدل ضابط الفـؤاد
عن مثله من غير ما شذوذ و علة قـادحـة فتوذي
العدل : من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى و المروءة .
الضابط : الحافظ ، الذي يُثبتُ في حفظه أو كتابه ما سمعه ، بحيث يؤديه عند الحاجة إليه كما سمعه .
و اصطلح عليه أهل العلم على أن من جمع العدالة و الضبط أنه : ثقة .
قال الحافظ العراقي :
فالأول المتصل الإســناد بنقل عدل ضابط الفـؤاد
عن مثله من غير ما شذوذ و علة قـادحـة فتوذي
العدل : من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى و المروءة .
الضابط : الحافظ ، الذي يُثبتُ في حفظه أو كتابه ما سمعه ، بحيث يؤديه عند الحاجة إليه كما سمعه .
و اصطلح عليه أهل العلم على أن من جمع العدالة و الضبط أنه : ثقة .
قال الحافظ العراقي :
أجمع جمهور أئمة الأثـر و الفقه في قبول ناقل الخبر
بأن يكون ضابطا معدلا أي يقظا و لم يكن مغفـلا
بسند متصل :بأن يكون كل راو من رواته قد تحمله عمن فوقه بطريق معتبر من طرق الرواية ، و هي ثمانية : السماع من لفظ الشيخ ، و القراءة عليه ، و الإجازة ، و المناولة ، و المكاتبة ، و الإعلام ، و الوجادة ، و الوصية .
غير معلل : و " معل " هو التعبير الصحيح ، كما حققه الحافظ العراقي و غيره .
و المحدثون يستعملون " معلل " و " معلول " ، و قد قال أهل اللغة كالجوهري و غيره : [ إن " معلول " لحن ] .
و لا شاذ : بأن لا يتفرد به من لا يُتحمل تفرده ، على قول ، أو : مع المخالفة فيما حققه الشافعي .
قال الحافظ العراقي :
و ذو الشذوذ ما يخالف الثقه فيـه الملا فالشـافعي حقه
أجمع جمهور أئمة الأثـر و الفقه في قبول ناقل الخبر
بأن يكون ضابطا معدلا أي يقظا و لم يكن مغفـلا
بسند متصل :بأن يكون كل راو من رواته قد تحمله عمن فوقه بطريق معتبر من طرق الرواية ، و هي ثمانية : السماع من لفظ الشيخ ، و القراءة عليه ، و الإجازة ، و المناولة ، و المكاتبة ، و الإعلام ، و الوجادة ، و الوصية .
غير معلل : و " معل " هو التعبير الصحيح ، كما حققه الحافظ العراقي و غيره .
و المحدثون يستعملون " معلل " و " معلول " ، و قد قال أهل اللغة كالجوهري و غيره : [ إن " معلول " لحن ] .
و لا شاذ : بأن لا يتفرد به من لا يُتحمل تفرده ، على قول ، أو : مع المخالفة فيما حققه الشافعي .
قال الحافظ العراقي :
و ذو الشذوذ ما يخالف الثقه فيـه الملا فالشـافعي حقه
- إذا توفرت هذه الشروط ، صار الحديث صحيحا و مقبولا بالاتفاق .
- ( و الرجا فيك معضل ) .
2 - الْمُعْضَلُ :
هو : ما سقط من إسناده راويان فأكثر على التوالي ، و يشترطون أن لا يكون السقط من مبادئ السند ، ليَفْتَرِقَ بذلك عن المعلق .
و المعضل : اسم مفعول ، من الإعضال ، و هو : الشدة في الأمر .
فبإسقاط الراوي لاثنين من رواته ، جعل أمره مستغرقا شديدا على الناظر فيه ، لأنه لو سقط واحد فالأمر أسهل ، لأنه يمكن إدراكه بمعرفة الشيوخ و التلاميذ .
قال الحافظ العراقي :
و المعضل الساقط منه اثنان فصاعدا و منـه قسم ثان
حذف الصحابي و النبي معا و وقف متنه على من تبعا
أي : حديث معروف بسند متصل إلى النبي صلى الله عليه و سلم ، ثم يأتي بعض الرواة من يجعله من قول التابعي ، فيحذف الصحابي و النبي صلى الله علي و سلم ، يقول ابن الصلاح : " و هذا باستحقاق اسم الإعضال أولى " .
2 - الْمُعْضَلُ :
هو : ما سقط من إسناده راويان فأكثر على التوالي ، و يشترطون أن لا يكون السقط من مبادئ السند ، ليَفْتَرِقَ بذلك عن المعلق .
و المعضل : اسم مفعول ، من الإعضال ، و هو : الشدة في الأمر .
فبإسقاط الراوي لاثنين من رواته ، جعل أمره مستغرقا شديدا على الناظر فيه ، لأنه لو سقط واحد فالأمر أسهل ، لأنه يمكن إدراكه بمعرفة الشيوخ و التلاميذ .
قال الحافظ العراقي :
و المعضل الساقط منه اثنان فصاعدا و منـه قسم ثان
حذف الصحابي و النبي معا و وقف متنه على من تبعا
أي : حديث معروف بسند متصل إلى النبي صلى الله عليه و سلم ، ثم يأتي بعض الرواة من يجعله من قول التابعي ، فيحذف الصحابي و النبي صلى الله علي و سلم ، يقول ابن الصلاح : " و هذا باستحقاق اسم الإعضال أولى " .
- ( و حزني و دمعي مرسل و مسلسل ) .
هذا فيه اللف و النشر المرتب ، لأن الحزنَ مرسلٌ ، و الدمعَ مسلسلٌ .
اللف و النشر : أن يُؤتى بأشياء على سبيل الإجمال ، ثم تُفصَّل ، فيُذكر ما يتعلق بها تفصيلا ، ثم إن كان على نفس الترتيب سمي : مرتبا ، و إن اختل الترتيب سمي : غير مرتب ، و ربما قيل فيه : اللف و النشر المشوش .
و كل منهما من فصيح الكلام ، و جاء في أفصح الكلام - و هو القرآن - اللف و النشر المرتب و غير المرتب ، قال الله تعالى : " فمنهم شقي و سعيد ..... فأما الذين شقوا ..... و أما الذين سعدوا " وهذا مرتب ، و قال تعالى : " يوم تبيض وجوه و تسود وجوه ، فأما الذين اسودت وجوههم ..... و أما الذين ابيضت وجوههم " و هذا غير مرتب .
يتبع ............
هذا فيه اللف و النشر المرتب ، لأن الحزنَ مرسلٌ ، و الدمعَ مسلسلٌ .
اللف و النشر : أن يُؤتى بأشياء على سبيل الإجمال ، ثم تُفصَّل ، فيُذكر ما يتعلق بها تفصيلا ، ثم إن كان على نفس الترتيب سمي : مرتبا ، و إن اختل الترتيب سمي : غير مرتب ، و ربما قيل فيه : اللف و النشر المشوش .
و كل منهما من فصيح الكلام ، و جاء في أفصح الكلام - و هو القرآن - اللف و النشر المرتب و غير المرتب ، قال الله تعالى : " فمنهم شقي و سعيد ..... فأما الذين شقوا ..... و أما الذين سعدوا " وهذا مرتب ، و قال تعالى : " يوم تبيض وجوه و تسود وجوه ، فأما الذين اسودت وجوههم ..... و أما الذين ابيضت وجوههم " و هذا غير مرتب .
يتبع ............