الخلية الإرهابية 00 والاسلاميون وامريكا
«الخلية الإرهابية»... والإسلاميون والأميركان!
كتب أحمد الديين
علينا أن نفرّق بين ما تمّ تسريبه أو نشره إعلامياً عن اعتقال مَنْ وصفوا بأنّهم عناصر «الخلية الإرهابية» ومخططاتها لتفجير معسكر القوات الأميركية في عريفجان ومبنى أمن الدولة، وبين الوقائع الفعلية المتصلة بهذه القضية، التي يمكن أن يتوصل إليها التحقيق وتتثبّت منها المحكمة... ولعلّ هناك سوابق مشهودة في هذا الشأن تدعونا إلى الانتباه وعدم الانجرار إلى تبني مواقف متسرعة؛ وإطلاق تعميمات خاطئة؛ واتخاذ أحكام مسبقة، دون أن يعني هذا تبرير الأعمال الإرهابية والتساهل معها!
إذ لا يجوز أن يحاول البعض من باب الخصومة السياسية والخلاف الفكري القفز على الوقائع وخلط الأوراق لاستغلال ما تمّ تسريبه إعلامياً بتعميم اتهامات التطرف والإرهاب لتشمل من دون سند أو أساس التيارات الإسلامية الكويتية جميعها، فقد سبق أن كشفت التجارب الماضية أنّ العناصر المتطرفة؛ أو تلك التي لجأت إلى الأساليب العنفية في العام 2005 وقبله كانت قلة معزولة وعناصر هامشية محدودة لا صلة فعليةً قائمةً لها بالتيارات الإسلامية السنيّة منها والشيعية الناشطة والمشاركة في الحياة السياسية، بدءاً من«الحركة الدستورية الإسلامية – حدس» و«التحالف الإسلامي الوطني»، مروراً بـ«التجمع الإسلامي السلفي» و«الحركة السلفية»، وانتهاءً حتى بـ«حزب التحرير»، الذي أصدر القضاء الكويتي أحكاماً نهائية ببراءة أعضائه من تهم مشابهة.
صحيح أنّ هناك في أكثر من بلد عربي وإسلامي، بما في ذلك الكويت، مجموعات يصفها مناصروها بالمجموعات«الجهادية» ويصفها الآخرون بـ«الإرهابية»، ولكنها في واقع الحال غير ذات صلة فعلية سياسية أو تنظيمية مع التيارات الإسلامية الرئيسية، بل هي حتى على مستوى الفكر وليس فقط على مستوى الممارسة تخالفها التوجّه والرأي؛ وربما تناصبها الخصومة والعداء، فجماعة مثل «جماعة الجهاد» في مصر ليست هي «جماعة الإخوان المسلمين»، التي تحاول جاهدة أن تشارك في الحياة السياسية... وكذلك الحال في اليمن، فلا صلة تربط «التجمع اليمني للإصلاح» المشارك الرئيسي في الحياة السياسية مع جماعة «القاعدة»... مثلما في المقابل لا صلة أيضاً في بلد أوروبي غربي كإيطاليا بين «الحزب الشيوعي الإيطالي» وهو حزب سياسي كبير وذو وزن انتخابي وبين جماعة «الألوية الحمراء» اليسارية المتطرفة ذات الممارسات الإرهابية المعروفة، وكذلك لا علاقة في بلد آسيوي كبير متنوع الأعراق والأديان كالهند بين «حزب بهارتيا جاناتا» الهندوسي، وهو حزب سياسي سبق له أن كان حزباً حاكماً، وبين جماعات إرهابية هندوسية مثل جماعة “فاند ماترام جين كاليان ساميتي» أو جماعة «أبهيناف بارات»، التي مارست أعمال عنف وإرهابا دمويا ضد المسلمين الهنود واستهدفت من بين ما استهدفت مساجدهم... ولعلّ الأمثلة، التي سقتها هنا، تكشف أنّ التطرف والإرهاب لا يرتبطان فقط بالتوجهات الإسلامية، مثلما حاول الإعلام الغربي المتصهين تعميم هذه الأكذوبة بعد 11 سبتمبر وتثبيتها في الأذهان كصورة نمطية بهدف تشويه الإسلام وإثارة أجواء الاستعداء ضد المسلمين والعرب، إذ إنّ هناك جماعات إرهابية متطرفة في مختلف المجتمعات غربيها وشرقيها؛ وعلى تنوّع التوجهات المتديّن منها والعلماني، فهناك إرهاب صهيوني، وإرهاب مسيحي، وإرهاب هندوسي، مثلما هناك إرهاب إسلامي، وهناك أيضاً إرهاب علماني أو غير ديني مثلما هناك إرهاب ديني، فهناك إرهاب يساري، وإرهاب يميني، وإرهاب قومي شوفيني، والشواهد عديدة بما في ذلك في الكويت نفسها وما شهدته عبر تاريخها المعاصر من حوادث!
وغير هذا، تبقى هناك ملاحظة تستحق التفكير فيها على ضوء ما تمّ تسريبه إعلامياً عن استهداف معسكر القوات الأميركية في عريفجان وصلة بعض العناصر المعتقلة بواقعة فيلكا، وهذه الملاحظة هي أنّ الكويت شاء مَنْ شاء وأبى مَنْ أبى لا بد أن تتأثر بالتوترات والأزمات القائمة في المنطقة، فنحن لا نعيش في جزيرة معزولة عن بؤر التوتر المحيطة في العراق وفلسطين وأفغانستان وباكستان وإيران، ولا بد أن يطالنا بعض شررها، خصوصاً في ظل وجود عسكري أميركي مقيم!
التعليق :
مقال جدا جميل وعاقل من شخص محايد حتى لا يستغل أحد الاحداث كفرصة سانحة لتصفية خصومة .
«الخلية الإرهابية»... والإسلاميون والأميركان!
كتب أحمد الديين
علينا أن نفرّق بين ما تمّ تسريبه أو نشره إعلامياً عن اعتقال مَنْ وصفوا بأنّهم عناصر «الخلية الإرهابية» ومخططاتها لتفجير معسكر القوات الأميركية في عريفجان ومبنى أمن الدولة، وبين الوقائع الفعلية المتصلة بهذه القضية، التي يمكن أن يتوصل إليها التحقيق وتتثبّت منها المحكمة... ولعلّ هناك سوابق مشهودة في هذا الشأن تدعونا إلى الانتباه وعدم الانجرار إلى تبني مواقف متسرعة؛ وإطلاق تعميمات خاطئة؛ واتخاذ أحكام مسبقة، دون أن يعني هذا تبرير الأعمال الإرهابية والتساهل معها!
إذ لا يجوز أن يحاول البعض من باب الخصومة السياسية والخلاف الفكري القفز على الوقائع وخلط الأوراق لاستغلال ما تمّ تسريبه إعلامياً بتعميم اتهامات التطرف والإرهاب لتشمل من دون سند أو أساس التيارات الإسلامية الكويتية جميعها، فقد سبق أن كشفت التجارب الماضية أنّ العناصر المتطرفة؛ أو تلك التي لجأت إلى الأساليب العنفية في العام 2005 وقبله كانت قلة معزولة وعناصر هامشية محدودة لا صلة فعليةً قائمةً لها بالتيارات الإسلامية السنيّة منها والشيعية الناشطة والمشاركة في الحياة السياسية، بدءاً من«الحركة الدستورية الإسلامية – حدس» و«التحالف الإسلامي الوطني»، مروراً بـ«التجمع الإسلامي السلفي» و«الحركة السلفية»، وانتهاءً حتى بـ«حزب التحرير»، الذي أصدر القضاء الكويتي أحكاماً نهائية ببراءة أعضائه من تهم مشابهة.
صحيح أنّ هناك في أكثر من بلد عربي وإسلامي، بما في ذلك الكويت، مجموعات يصفها مناصروها بالمجموعات«الجهادية» ويصفها الآخرون بـ«الإرهابية»، ولكنها في واقع الحال غير ذات صلة فعلية سياسية أو تنظيمية مع التيارات الإسلامية الرئيسية، بل هي حتى على مستوى الفكر وليس فقط على مستوى الممارسة تخالفها التوجّه والرأي؛ وربما تناصبها الخصومة والعداء، فجماعة مثل «جماعة الجهاد» في مصر ليست هي «جماعة الإخوان المسلمين»، التي تحاول جاهدة أن تشارك في الحياة السياسية... وكذلك الحال في اليمن، فلا صلة تربط «التجمع اليمني للإصلاح» المشارك الرئيسي في الحياة السياسية مع جماعة «القاعدة»... مثلما في المقابل لا صلة أيضاً في بلد أوروبي غربي كإيطاليا بين «الحزب الشيوعي الإيطالي» وهو حزب سياسي كبير وذو وزن انتخابي وبين جماعة «الألوية الحمراء» اليسارية المتطرفة ذات الممارسات الإرهابية المعروفة، وكذلك لا علاقة في بلد آسيوي كبير متنوع الأعراق والأديان كالهند بين «حزب بهارتيا جاناتا» الهندوسي، وهو حزب سياسي سبق له أن كان حزباً حاكماً، وبين جماعات إرهابية هندوسية مثل جماعة “فاند ماترام جين كاليان ساميتي» أو جماعة «أبهيناف بارات»، التي مارست أعمال عنف وإرهابا دمويا ضد المسلمين الهنود واستهدفت من بين ما استهدفت مساجدهم... ولعلّ الأمثلة، التي سقتها هنا، تكشف أنّ التطرف والإرهاب لا يرتبطان فقط بالتوجهات الإسلامية، مثلما حاول الإعلام الغربي المتصهين تعميم هذه الأكذوبة بعد 11 سبتمبر وتثبيتها في الأذهان كصورة نمطية بهدف تشويه الإسلام وإثارة أجواء الاستعداء ضد المسلمين والعرب، إذ إنّ هناك جماعات إرهابية متطرفة في مختلف المجتمعات غربيها وشرقيها؛ وعلى تنوّع التوجهات المتديّن منها والعلماني، فهناك إرهاب صهيوني، وإرهاب مسيحي، وإرهاب هندوسي، مثلما هناك إرهاب إسلامي، وهناك أيضاً إرهاب علماني أو غير ديني مثلما هناك إرهاب ديني، فهناك إرهاب يساري، وإرهاب يميني، وإرهاب قومي شوفيني، والشواهد عديدة بما في ذلك في الكويت نفسها وما شهدته عبر تاريخها المعاصر من حوادث!
وغير هذا، تبقى هناك ملاحظة تستحق التفكير فيها على ضوء ما تمّ تسريبه إعلامياً عن استهداف معسكر القوات الأميركية في عريفجان وصلة بعض العناصر المعتقلة بواقعة فيلكا، وهذه الملاحظة هي أنّ الكويت شاء مَنْ شاء وأبى مَنْ أبى لا بد أن تتأثر بالتوترات والأزمات القائمة في المنطقة، فنحن لا نعيش في جزيرة معزولة عن بؤر التوتر المحيطة في العراق وفلسطين وأفغانستان وباكستان وإيران، ولا بد أن يطالنا بعض شررها، خصوصاً في ظل وجود عسكري أميركي مقيم!
التعليق :
مقال جدا جميل وعاقل من شخص محايد حتى لا يستغل أحد الاحداث كفرصة سانحة لتصفية خصومة .