================================================
الرد على شبهة عدد الملائكة الذين أرسلوا إلى مريم عليها السلام
=================================================
السلام عليكم..
فهذه بعض الردود على الشبهات المثارة ضد الإسلام , جمعتها من ردود سابقة ووضعتها في هذه الصفحة لتكون جامعة قدر الإمكان
الشبهة هي
ما هو عدد الملائكة التي أرسلت إلى مريم؟
هذه الايه التاليه تشير الى عدة ملائكه :
(آل عمران) إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ 45
بينما هذه الايه تشير الى ملاك واحد :
(مريم) فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا 17 قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا 18 قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا 19 قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا 20 قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا 21
الجواب : أولا هذه الآيات الكريمات تفتح بابا من أبواب العلم , عرفه العرب قبل الإسلام واهتم به أهل اللغة وأهل التفسير والتأويل , وهي مسألة أن إطلاق الجمع وإرادة المفرد , وهذا مما له نظائر كثيرة في القرآن الكريم وفي لغة العرب قبل الإسلام , فمن المعروف في اللغة أنه لا يمتنع إطلاق الجمع على المفرد ولا على المثنى وكذلك لا يمتنع إطلاق المثنى على الجمع , ولهذا ننتهز هذه الفرصة لنتذاكر العلم سويا مع أستاذ من أساتذة اللغة والتي يعتز بهم المنتدى.
وأما من لغة العرب فقد وقع هذا في أشعارهم , مثال ما قاله امرئ القيس في وصف فرسه
يَزلُّ الغُلامُ الخِفُّ عَن صَهَواتِهِ *** وَيَلوي بِأَثوابِ العَنيفِ المُثَقَّلِ.
وإنما هي صهوة واحدة كما هو معلوم , مقعد الفارس من فرسه , ولكنه عبر هنا بالجمع وأراد المفرد , وقد جاء هذا في أشعار أخرى وفي آيات القرآن الكريم ايضا و مثال ذلك قوله تعالى (( وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ* فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ* ارْجِعْ إِلَيْهِمْ)) [النمل35- 36] , فأخبر القرآن الكريم بتعبير الجميع ( المرسلون ) مع إنه كان رسولا واحدا فقط كما يدل على ذلك سياق الآية الكريمة (فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ) ( ارْجِعْ إِلَيْهِمْ )فالرسول وإن كان مفردا إلا أن القرآن عبر عنه بالجمع في هذه الآيات الكريمة ودل ذلك من سياق الآية ودخوله على سليمان عليه السلام ثم أمره بأن يرجع إلى بلقيس
وقال تعالى ((الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )) [آلعمران173]وإنما كان القائل نعيم بن مسعود الأشجعي وحده، فأطلق الله سبحانه عليه وهو مفرد لفظ الناس , ومن هنا فليس من الغريب لا لغويا ولا حتى قرآنيا أن يطلق على الروح القدس الجمع مع إرادة الواحد ...
______________________________
ومحاولة الإحتجاج بسورة مريم المكية التي جاء فيها الملك بصيغة المفرد وهو جبريل عليه السلام , بينما جاء في سورة آل عمران المدنية أنهم بالجمع , والملفت أن جبريل عليه السلام جاء ذكره بالجمع في سورة مريم المكية , فأين هي الآية التي وردت في سورة مريم المكية والتي بين فيها جبريل عليه السلام أنه لا ينزل إلا بأمر الله؟
أين هي وما سببها ؟! وقد ورد في صحيح البخاري رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن جبريل عن إكثاره من النزول على النبي صلى الله عليه وسلم , فكان الرد كما جاء في الحديث (( 4731 - حدثنا أبو نعيم حدثنا عمر بن ذر قال سمعت أبى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضى الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجبريل « ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزلت ((وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) ) انتهى , وهي الآية الكريمة من سورة مريم رقم 64
جبريل عليه السلام يقول (( وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ))وهي بالجمع على الرغم من كونه فردا واحدا فقط وهو جبريل عليه السلام هو الذي يخبر النبي صلى الله عليه وسلم , فمن نفس السورة ومن نفس العهد المكي ومن إعتراف فريمان , نثبت أن جبريل عليه السلام قد جاء ذكره بالجمع بآية قرآنية في سورة مريم , في آية قرآنية جاءت بعد ذكر موقف مريم عليها السلام...
يعني الله سبحانه وصف جبريل بالإفراد وبالجمع في نفس السورة المكية التي يحتج بها هؤلاء , ومن هنا فإن إطلاق الجمع على مفرد وهو جبريل عليه السلام في آل عمران لا يتناقض لا مع سورة مريم , ولا مع السياق القرآني , ولا مع سياق القصة ولا مع أصول اللغة العربية , فقد تم إثبات بحمد الله التوافق في كل هذه المواقف...
والله أعلى وأعلم
.