أليس منا رجل حكيم؟؟

أليس منا رجل حكيم؟؟
أمر الله الرسل والأنبياء وأولي الأمر أن يستشيروا المؤمنين في أمور دينهم ودنياهم وأن يستمعوا إلى رأي الجماعة والحكماء وأن يتبعوا الرشاد في كل وجهة لتحقيق مصلحة الجماعة. وديننا الحنيف كفل حرية التعبير وأتاح للفرد حرية طرح ومناقشة ما يريد من القضايا التي تخص الأفراد والجماعات وأن يفكر في جوانب الحلول لتلك القضايا كما يشاء . ولولا ذلك ما ازدهر البحث ولا تطورت العلوم في الإسلام ولا توصل علماء المسلمين إلى نتائج علمية وفكرية باهرة إ ستورثها علماء اليوم. و بالرغم من إجازة ذلك فقد وضع الإسلام قيودا على حرية التعبير، مثل النهي عن العبث بمقومات المجتمع، حيث أمر الله رد الخلاف بين المسلمين إليه وإلى رسوله وأولي الأمر. قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) النساء: 59 . فرد الخلاف إلى الله ورسوله هو رده إلى كتاب الله وسنة رسوله. إن إدلاء المسلم بأي رأي يؤدي إلى فساد في المجتمع محظور، وواجب على ولي الأمر أن يسعي لإصلاح الأمور بين الناس.
إن ما نلاحظه اليوم من سخرية المسلم من أخيه المسلم واللمز والهمز به وبأفكاره وعقيدته، والتقليل من قدره ومكانته والتطاول على أصله وفصله وحسبه سواء كان ذلك كتابة أو باللسان أو بالإشارة فهو مكروه، بل حرام لا تفره الشريعة ولا السنة . فلا يبغي الناصح من نصحه لأخيه إظهار رجاحة عقله، أو فضحه والتشهير به، وإنما يجب أن يكون غرضه من النصح الإصلاح، وابتغاء مرضاة الله، ويتم ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة واللين. فالكلمة الطيبة مفتاح القلوب، قال الله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) سورة النحل:125. و كذلك على الطر ف الآخر أن يتقبل النصيحة بصدر رحب وذلك دون ضجر أو ضيق صدر أو تكبر وعدم الإصرار على الباطل. فالرجوع إلى الحق فضيلة والتمسك بالباطل رذيلة، والمسلم يحذر أن يكون ممن قال الله فيهم: (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد) البقرة: . 206
ومن الأمور التي حرمها الله انتهاك أعراض المسلمين . وفي رواية للبخاري قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه) . لقد حمى الإسلام الأعراض وصانها، وحرم الاعتداء عليها بالإيذاء أو النظر أو القذف، وجعل من يُقتل دفاعاً عن عرضه شهيداً، أو بمنزلة الشهيد. قال صلى الله عليه وسلم: (ومن قتل دون أهله فهو شهيد) والمراد بهذا كله بيان توكيد غلظ تحريم الأموال والدماء والأعراض والتحذير من ذلك .
فالعرض هو موضع المدح والذم في الإنسان من جسد أو نفس أو حسب أو شرف . وتوعد الله سبحانه وتعالى الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في المؤمنين، بالعذاب الأليم، فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) النور:19 . وقد لعن الله الذين يتكلمون في أعراض الناس، فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) النور 24/23) . وأمر الله أن يُجلدوا ثمانين جلدة ما لم يأتوا بأربعة شهداء، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) سورة النــور: 4 .
فالإسلام جاء للمحافظة على الضروريات الخمس وهي: حفظ الدين والنفس والنسل، وحفظ الأعراض، وحفظ العقول. فهذه الضروريات حافظت عليها جميع الشرائع، فالعرض عند الإنسان أهم شيء يجب أن يحافظ عليه ولهذا أمر الإسلام بالمحافظة على العرض وصيانته والدفاع عنه وجعل الإسلام لذلك وسائل وحدود. ومن أجل الحفاظ على الأعراض حرم الله الزنا، وحكم عليه بأنه فاحشة وأوجب الله جلد الزاني البكر، ورجم المحصن، قال الله تعالى: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً) سورة الإسراء: 32. وحرم الوسائل المؤدية إليه، من النظر والاختلاط والخلوة. ومن أجل حماية الأعراض وصيانتها حرم الله السخرية من المسلم ونهى أن يعيب المسلم أخاه وينتقص من قدرره، سواء كان ذلك بالهمز أو اللمز، أو أن يعيبه بلسانه أو بعينه، أو يشير إليه، قال تعالى: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) سورة الهمزة:1 .
فأين نحن اليوم من هذه[FONT=&quot] [/FONT]التعاليم السامية ؟ ومن هذه التوجيهات المنيرة التي طبعها ديننا الحنيف في نفوسنا ؟[FONT=&quot] [/FONT]لماذا اندفعنا نحو الشكليات وتركنا الجواهر النقية النفيسة التي تزخر بها قلوبنا؟[FONT=&quot] [/FONT]ما الذي أوصلنا إلى حالة الفوضى والاضطراب السياسي[FONT=&quot] [/FONT]والاجتماعي والنفسي؟ يا ترى هل فقدنا الحكمة في[FONT=&quot] [/FONT]معالجة مشاكلنا وفي إدارة شئوننا؟ لم نسمع من المعنيين[FONT=&quot] [/FONT]بأمور الأمة إلا الشعارات المنمقة والاتهامات الملفقة التي يتردد صداها تحت قبة[FONT=&quot] [/FONT]البرلمان، وفي أروقة مؤسسات الدولة. ألا يوجد في البلاد حكماء يأخذون ببادرة الألفة[FONT=&quot] [/FONT]والمحبة والإصلاح فيما بين العباد؟
لو عدنا إلى[FONT=&quot] [/FONT]الرعيل[FONT=&quot] [/FONT]الأول من حكامنا وأجدادنا لوجدنا أنهم كانوا ذوو[FONT=&quot] [/FONT]عقول راجحة نيِّرة، تميزوا بحكمة كانوا يدركون من خلالها حقائق الأمور، فيجدون لقضاياهم الحلول الصائبة بكل يسر، وذلك لصدق نواياهم وحبهم لخير وصلاح الأمة. فقد كانت الحكمة لهم هي المضمون الفكري الذي يتحرك في عقولهم فيحقق لهم النظرة الصائبة إلى الأمور. إن مثل هذا المضمون كان يحقق لكل منهم الأفق الواسع والجو الهادئ الذي يوحي لهم بالمواجهة الواقعية للأشياء وتشخيصها. وكانوا يدركون في نفس الوقت أن الحكمة كانت الأداة السليمة التي تنعم على أمتهم بالخير وتدلهم على طريق الفلاح والصلاح كما في قوله تعالى: (يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) البقرة:269.
فأولئك رحمهم الله كانوا يؤمنون أن الحكمة[FONT=&quot] [/FONT]ليست مجرد ميزة (جوهر) يختزنها الإنسان في فكره ويتلفظ بها[FONT=&quot] [/FONT]دون وعي، تماماً كأيّ شيء مما يبني الفكر أو[FONT=&quot] [/FONT]يثيره، وليست أسلوباً مميزاً في الممارسة[FONT=&quot] [/FONT]العملية للأشياء في المجالات الخاصة والعامة، أو حالة داخلية تطبع شخصية[FONT=&quot] [/FONT]كل[FONT=&quot] [/FONT]إنسان في المجتمع فتجعل من كل فرد عنصراً فاعلاً في تدبير الحياة وتنميتها على أساس متين، بل كانوا يدركون أن الحكمة[FONT=&quot] [/FONT]هي عبارة عن ذلك كله. إنها مزيج تتفاعل فيه المعلومات بالواقع الملموس فتجعل من الفكر عنصراً متجدداً يلاحق الحياة في كل آفاقها وأفكارها وخطواتها، ليأخذ منها الرأي السديد والفكرة الصائبة، والأسلوب العملي الذي يتلاءم مع الذهنية العامة للمجتمع. ومن خلال ذلك تبرز لهم صورة الإنسان ذا الشخصية الحكيمة الذي يفكر بحساب ويتحرك بحساب ويلجم انفعالاته وحماسه بلجام من فكرٍ وعقلٍ واتّزان[FONT=&quot]. [/FONT]
جاء في حديث رسولنا ونبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: "ما تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق[FONT=&quot] [/FONT]لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله" وقال صلى الله عليه وسلم: "الحكمة ضالة[FONT=&quot] [/FONT]المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها" وقال صلى الله عليه وسلم: " إن الحكمة هي[FONT=&quot] [/FONT]السبيل للدعوة والحركة في الناس، يجيء المؤمن بها إليهم ويسعى بها بينهم". وكأن[FONT=&quot] [/FONT]الحكمة بعد كل ذلك هي: الميزان العقلي المستمد من الكتب السماوية والرسالات تجعل الإنسان[FONT=&quot] [/FONT]قادرًا على الحكم المتوازن على الأمور، والحكمة: هي القدرة على إدراك العاقبة والمآل والتي[FONT=&quot] [/FONT]تدفع الإنسان إلى حب الغير وفعل الخير.

شرقاوي البحري [FONT=&quot][/FONT]
 

Ms Rose

عضو مخضرم
إن ما نلاحظه اليوم من سخرية المسلم من أخيه المسلم واللمز والهمز به وبأفكاره وعقيدته، والتقليل من قدره ومكانته والتطاول على أصله وفصله وحسبه سواء كان ذلك كتابة أو باللسان أو بالإشارة فهو مكروه، بل حرام لا تفره الشريعة ولا السنة .فلا يبغي الناصح من نصحه لأخيه إظهار رجاحة عقله، أو فضحه والتشهير به، وإنما يجب أن يكونغرضه من النصح الإصلاح، وابتغاء مرضاة الله، ويتم ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة واللين.فالكلمة الطيبة مفتاح القلوب،قال الله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) سورة النحل:125.و كذلك على الطر ف الآخر أن يتقبل النصيحة بصدر رحب وذلك دون ضجر أو ضيق صدر أو تكبر وعدم الإصرار على الباطل. فالرجوع إلى الحق فضيلة والتمسك بالباطل رذيلة، والمسلميحذر أن يكون ممن قال الله فيهم: (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد) البقرة:. 206





كلام ولا اروع​


ولكن!!​

هل من متعظ:إستحسان:​

شكرا د صالح:وردة:​
 

شرقاوي بحري

عضو جديد
أليس منا رجل حكيم؟؟


أمر الله الرسل والأنبياء وأولي الأمرأن يستشيروا المؤمنين في أمور دينهم ودنياهم وأن يستمعوا إلى رأي الجماعة والحكماء وأن يتبعوا الرشاد في كلوجهة لتحقيق مصلحة الجماعة. وديننا الحنيف كفل حرية التعبير وأتاح للفرد حرية طرح ومناقشة مايريد من القضايا التي تخص الأفراد والجماعات وأن يفكر في جوانب الحلول لتلك القضايا كما يشاء . ولولا ذلك ما ازدهر البحثولا تطورت العلوم في الإسلام ولا توصل علماءالمسلمين إلى نتائج علمية وفكرية باهرة إ ستورثها علماء اليوم. و بالرغم من إجازة ذلك فقد وضع الإسلام قيودا على حرية التعبير، مثل النهي عن العبث بمقومات المجتمع، حيث أمر الله رد الخلاف بين المسلمين إليه وإلى رسوله وأولي الأمر. قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوااللهوأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى اللهوالرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)النساء: 59 . فردالخلاف إلى الله ورسوله هو رده إلى كتاب الله وسنةرسوله. إن إدلاء المسلمبأي رأي يؤدي إلى فساد في المجتمع محظور،وواجب على ولي الأمر أن يسعي لإصلاح الأمور بين الناس.
إن ما نلاحظه اليوم من سخرية المسلم من أخيه المسلم واللمز والهمز به وبأفكاره وعقيدته، والتقليل من قدره ومكانته والتطاول على أصله وفصله وحسبه سواء كان ذلك كتابة أو باللسان أو بالإشارة فهو مكروه، بل حرام لا تفره الشريعة ولا السنة .فلا يبغي الناصح من نصحه لأخيه إظهار رجاحة عقله، أو فضحه والتشهير به، وإنما يجب أن يكونغرضه من النصح الإصلاح، وابتغاء مرضاة الله، ويتم ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة واللين.فالكلمة الطيبة مفتاح القلوب،قال الله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) سورة النحل:125.و كذلك على الطر ف الآخر أن يتقبل النصيحة بصدر رحب وذلك دون ضجر أو ضيق صدر أو تكبر وعدم الإصرار على الباطل. فالرجوع إلى الحق فضيلة والتمسك بالباطل رذيلة، والمسلميحذر أن يكون ممن قال الله فيهم: (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد) البقرة:. 206
ومن الأمور التي حرمها الله انتهاك أعراض المسلمين . وفي رواية للبخاري قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه) . لقد حمى الإسلام الأعراض وصانها، وحرم الاعتداء عليها بالإيذاء أو النظر أو القذف، وجعل من يُقتل دفاعاً عن عرضه شهيداً، أو بمنزلة الشهيد . قال صلى الله عليه وسلم: (ومن قتل دون أهله فهو شهيد) والمراد بهذا كله بيان توكيد غلظ تحريم الأموال والدماء والأعراض والتحذير من ذلك .
فالعرض هو موضع المدح والذم في الإنسان من جسد أو نفس أو حسب أو شرف . وتوعد الله سبحانه وتعالى الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في المؤمنين، بالعذاب الأليم، فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) النور:19 . وقد لعن الله الذين يتكلمون في أعراض الناس، فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) النور: 23 . وأمر الله أن يُجلدوا ثمانين جلدة ما لم يأتوا بأربعة شهداء، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) سورة النــور: 4 .
فالإسلام جاء للمحافظة على الضروريات الخمس وهي: حفظ الدين والنفس والنسل، وحفظ الأعراض، وحفظ العقول. فهذه الضروريات حافظت عليها جميع الشرائع، فالعرض عند الإنسان أهم شيء يجب أن يحافظ عليه ولهذا أمر الإسلام بالمحافظة على العرض وصيانته والدفاع عنه وجعل الإسلام لذلك وسائل وحدود.ومن أجل الحفاظ على الأعراض حرم الله الزنا، وحكم عليه بأنه فاحشة وأوجب الله جلد الزاني البكر، ورجم المحصن، قال الله تعالى: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً) سورة الإسراء: 32. وحرم الوسائل المؤدية إليه، من النظر والاختلاط والخلوة. ومن أجل حماية الأعراض وصيانتها حرم الله السخرية من المسلم ونهى أن يعيب المسلم أخاه وينتقص من قدرره، سواء كان ذلك بالهمز أو اللمز، أو أن يعيبه بلسانه أو بعينه، أو يشير إليه، قال تعالى: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) سورة الهمزة:1 .
فأين نحن اليوم من هذهالتعاليم السامية ؟ ومن هذه التوجيهات المنيرة التي طبعها ديننا الحنيف في نفوسنا ؟لماذا اندفعنا نحو الشكليات وتركنا الجواهر النقية النفيسة التي تزخر بها قلوبنا؟ما الذي أوصلنا إلى حالة الفوضى والاضطراب السياسيوالاجتماعي والنفسي؟ يا ترى هل فقدنا الحكمة فيمعالجة مشاكلنا وفي إدارة شئوننا؟ لم نسمع من المعنيينبأمور الأمة إلا الشعارات المنمقة والاتهامات الملفقة التي يتردد صداها تحت قبةالبرلمان، وفي أروقة مؤسسات الدولة. ألا يوجد في البلاد حكماء يأخذون ببادرة الألفةوالمحبة والإصلاح فيما بين العباد؟
لو عدنا إلىالرعيلالأول من حكامناوأجدادنا لوجدنا أنهم كانوا ذووعقول راجحة نيِّرة،تميزوا بحكمة كانوا يدركون من خلالها حقائق الأمور فيجدون لقضاياهم الحلول الصائبة بكل يسر، وذلك لصدق نواياهم وحبهم لخير وصلاح الأمة. فقد كانت الحكمة لهم هي المضمون الفكري الذي يتحرك فيعقولهم فيحقق لهم النظرة الصائبة إلى الأمور. إن مثل هذا المضمون كان يحقق لكل منهم الأفق الواسع والجو الهادئالذي يوحي لهم بالمواجهة الواقعية للأشياء وتشخيصها. وكانوا يدركون في نفس الوقت أنالحكمة كانت الأداة السليمة التي تنعم على أمتهم بالخير وتدلهم على طريق الفلاح والصلاح كمافي قوله تعالى: (يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) البقرة:269.
فأولئك رحمهم الله كانوا يؤمنون أن الحكمةليست مجرد ميزة (جوهر)يختزنها الإنسان في فكره ويتلفظ بهادون وعي، تماماً كأيّشيء مما يبني الفكر أويثيره، وليستأسلوباً مميزاً في الممارسةالعمليةللأشياء في المجالات الخاصة والعامة، أو حالة داخلية تطبع شخصيةكل إنسان في المجتمع فتجعل من كل فرد عنصراً فاعلاً في تدبيرالحياة وتنميتها على أساس متين، بل كانوا يدركون أن الحكمةهيعبارة عن ذلك كله. إنها مزيج تتفاعل فيهالمعلومات بالواقع الملموس فتجعل من الفكرعنصراً متجدداً يلاحق الحياة في كلآفاقها وأفكارها وخطواتها، ليأخذ منهاالرأي السديد والفكرة الصائبة،والأسلوب العملي الذي يتلاءم معالذهنية العامة للمجتمع. ومن خلال ذلك تبرز لهم صورة الإنسان ذا الشخصية الحكيمة الذي يفكربحساب ويتحرك بحساب ويلجم انفعالاتهوحماسه بلجام من فكرٍوعقلٍ واتّزان[FONT=&quot]. [/FONT]
جاء في حديث رسولنا ونبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: "ما تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقلا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله" وقال صلى الله عليه وسلم: "الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحقبها"وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الحكمة هيالسبيل للدعوة والحركة في الناس، يجيء المؤمن بها إليهم ويسعى بها بينهم". وكأنالحكمة بعد كل ذلك هي: الميزان العقلي المستمد من الكتب السماوية والرسالات تجعل الإنسانقادرًا على الحكم المتوازن على الأمور، والحكمة: هي القدرة على إدراك العاقبة والمآل والتيتدفع الإنسان إلى حب الغير وفعل الخير.

شرقاوي البحري
 
أعلى