سأحاول أن أترفع عمّا جرى صباح اليوم...
وأقول، بأنني حذرت في موضوع سابق من مغبة نشر هكذا فكر يحمل التجريح والتطاول على علماء المسلمين من أي طائفة كانت، وما فعله العريفي خارج عن اللياقة الشرعية من جانب، والمسئولية السياسية من جانب آخر.
لا ألوم السلطة العراقية...
بالأمس كان إمام الحرم المكي (الكلباني) قد صرّح بكفر الشيعة، وأحرج القيادة السعودية بهذا الكلام فتم إقالته لاحقاً على ما اعتقد، والمفروض بإمام هذا المكان والذي هو قبلة للمسلمين أن يكون أكثر إتزاناً في موقع مثل هذا. واليوم يأتينا العريفي بهذا التطاول على أكبر المراجع في العراق ويدخل البلدين في أزمة لا داعي لها إطلاقا، فلم يكن السيد السيتاني خصماً للمملكة في حربها جنوباً، فلماذا هذا الاقحام؟ وفي هذا الوقت بالذات؟
والعريفي يعلم قبل غيره...
بأن السيد السيستاني هو مرجع عراقي لا دخل له بالسياسة إطلاقاً، لذلك قصده دون سواه من المراجع الذين لهم مراكز سياسية متقدمة. وعلى ذلك، فإن تقديره قد خانه لأن الحساب السياسي لا يكون هو المحك في شخصية كالسيد السيستاني حفظه الله تعالى، ناهيكم عن زج اسمه في حوادث لا دخل له فيها.
ونحن بدورنا في الكويت...
نقع بين هذين البلدين، والتأكيد المطلق بأننا لسنا في مأمن عن الصراعات الإقليمية التي يحيكها البعض للمنطقة، سوءا كانت من بابها الطائفي أو العنصري. لذلك وبمقتصى الحكمة والعقل بأن نحاول قدر الإمكان لعب دور التهدئة مع الأطراف المتنازعة في المنطقة.
ولكن ما يؤسف عليه...
بأن مسمى الفكر التكفيري لم يظهر اعتباطاً، فقول الكلباني والعريفي والحصيلة الجمعية لهذه المدرسة الشاذة عن مجمل علماء السنّة والجماعة، يلقون رواجاً غريباً في بعض الدول الخليجية، وهذا الرواج لم يأتي من فراغ، بل كان ثمار فترات سياسية مشحونة ومدروسة، واليوم يقطف ثمارها.
ولا أخفيكم...
بأن هذا الرواج أيضاً وفي يومنا هذا لم يعد برعاية الحكومات الخليجية مباشرة ولا حتى برعاية المملكة العربية السعودية، لكنها برعاية بعض المنظمات المشبوهة التي تريد إذكاء الفتن فيما بين المسلمين لمآرب ومخططات سياسية مستقبلية.
في الإمارات مثلاً...
مذهبها شافعي، ولدي أصدقاء حميمين من الأخوة بالإمارات يقولون بأن بعض المتطرفين من أتباع مدرسة العريفي والكلباني، حاولوا إثارة مسألة قبر المغفور له الشيخ زايد رحمه الله، وإن بناء القبر بهذه الكيفية يعتبر من البدع... الخ، فكيف تعاملت السلطة مع هذا الفكر؟ اسألوا سكّان أبوظبي.
والأمثلة كثيرة...
عقائدياً خذوا الأمثلة التي تحضرني كالشيخ الجفري حديثاً، وشيخ الأزهر الشيخ شلتوت قديماً. وسياسياً لدينا الكثير من بيانات منظمة المؤتمر الإسلامي التي تدعو للتقارب بين الفرق الإسلامية ومنها دورة كانت برئاسة المملكة العربية السعودية نفسها.
وأيضاً دور المملكة...
كان واضحاً في التقريب بين الفرق الإسلامية وبرعاية مباشرة من الملك. كل تلك الأمثلة، تشير بأن الحكومات الخليجية لم تتبنى التطرف الفكري المصاحب لهذه المدرسة أو أي مدرسة أخرى كانت.
وعليه...
فإن عناصر التهدئة لا تلقى رواجاً كعناصر التأزيم والتفرقة، ويعزى الأمر إلى أسباب عقائدية بحته في زحمة اللعب على المتناقضات وتعتيم المناطق المشتركة بين المسلمين.
وننتظر الأيام التالية...
لنرى إلى أين سوف تتجه هذه الأزمة وكيف سوف يتم معالجتها.