القضية ليست قضية معسرين ومتعثرين !!
القضية ليست قضية معسرين ومتعثرين !!
وهي ليست قضية عدالة وظلم !!!
ولا هي قضية من يعوّض من لم يقترض ؟
وليست بالتأكيد قضية تعويض للمقترضين المتضررين ، ولا هي هدر للمال العام!!!
القضية أكبر من ذلك !!
هي قضية شبهة احتيال قامت بها البنوك وشركات الاستثمار بعلم البنك المركزي ، وهذه الشبهة ارتكزت على محورين أساسيين :
أولا ، تغاضي البنك المركزي عن البنوك وشركات الاستثمار وهي تفرض التزامات على المقترض جاوزت الـ50% ووصلت في أسوأ الحالات إلى 90% ، وهي مخالفات صريحة لتعليمات البنك المركزي الذي أغمض عينيه عن تلك التجاوزات ، لضعف الرقابة ، هذا إذا أحسنّا النوايا ، ولم نقل أنه اغماض مقصود منه.
ثانيا ، قيام البنك المركزي ما بين يوليو 2004 ويوليو 2006 برفع سعر الفائدة 11 مرة متتالية (5 مرات في 2004 و5 مرات في 2005 ومرة واحدة في 2006) ليقفز سعر الفائدة من 3.25% إلى 6.25 % خلال عامين فقط (أنظر القبس 8/11/2009) وذلك بسبب قيامه بربط الدينار بالدولار قبل أن يصحح خطأه ويخرج من عباءة الدولار ويرتبط بسلة العملات .
إذن ...
القضية ليست من اقترض وكم اقترض ولم اقترض!!
والقضية ليست قضية معسرين ومتعثرين !!
فالكل على استعداد للالتزام بالدفع ، والعيش برفاهية في آن واحد ، لولا تجاوزات البنوك وشركات الاستثمار وتحميل المواطن ما لا يحتمل .
ما ذنب المواطن ، الذي اقترض ، وهو يعتقد انه في مأمن ، وفي حماية البنك المركزي؟ بينما هذا البنك نفسه ، حامي الاقتصاد الوطني ودرع المواطن ، هو من تسبب له بخسائر فادحة ، وجعل فائدة المقترض تتضاعف حتى تجاوزت أصل الدين ، فازداد الفقير فقرا ، وازدادت بذلك مشاكله الاجتماعية المرتبطة بحالته المادية التي تدهورت ، بينما ازدادت ثروات المودعين بالملايين ، بسبب رفع سعر الفائدة المتكرر على حساب المواطن البسيط ، وتحت مبرر هبوط الدولار.
لا شأن لكم بمن أو لم أو كم اقترض المواطن ، فهذا من حقه ، وهذه ليست القضية ، ولكن القضية الحقيقية هي تقاعس الحكومة ممثلة في البنك المركزي عن أداء واجبها في حماية المواطن المقترض من التلاعب ، لا أن تتلاعب عليه ، وتصطف مع البنوك والشركات الاستثمارية لشفط أكثر من 75% من راتبه في أحسن الأحوال ، كما أنها قضية تخبط وقع بها البنك المركزي ، فأخطأ ، ومن الواجب عليه تصحيح خطأه تجاه المواطن المغلوب على أمره حين رفع الفائدة 11 مرة خلال عامين ، وكان من الواجب عليه أيضا أن يُبادر بمحاسبة البنوك وشركات الاستثمار ، والزامهم بتعويض المواطنين المتضررين.
وليعلم المتباكون على المال العام الذي يُهدر يوميا أمام أعينهم وهم صامتون ، ولا يرونه إلا حين يخرج لدفع حق من حقوق المواطن ، ليعلم هؤلاء جميعا وغيرهم ، أن مبدأ قانون شراء فوائد القروض ، هو أرخص حل ستجده الحكومة للمواطن، لأن تكلفته المادية تقل بكثير عما إذا قرر البنك المركزي التصرف بشكل حضاري وتعويض المواطنين عن خطأه في رفع سعر الفائدة دون مبرر ، وهو أرخص بكثير فيما لو قرر البنك المركزي الزام البنوك بدفع تعويضات للمواطنين ممن تجاوزت التزاماتهم 40% ، وهو أقل ضررا على الاقتصاد المحلي فيما لو قرر عشرات الآلاف من المواطنين رفع قضايا على البنك المركزي أو البنوك وشركات الاستثمار.
لم تقم دولة في العالم باسقاط قروض مواطنيها ، ولم نسمع عن دولة اشترت فوائد قروض المقترضين ، وذلك لسبب بسيط ومنطقي ، وهو أنه لاتوجد دولة في العالم تسببت - عن عمد أو نتيجة خطأ - في تدهور الحالة المادية لمواطنيها ، ولم نسمع أو نقرأ عن دولة في العالم أنها سمحت للبنوك برفع سعر الفائدة حتى تجاوزت الفائدة المطلوبة أصل الدين .
شراء فوائد القروض ، هو تعويض قليل ورخيص ولا يكفي ، مقابل ما عاناه المواطن اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا ، هذا المواطن الذي تم نحره قربانا لسياسات اقتصادية خاطئة ، وذهب ضحية لتخبط اقتصادي حكومي واضح على مدى سنوات ، تخبط قد يكون مقصودا أو عن جهل ، وهو في الحالتين تسبب بكارثة للمواطن.
وبس ....