تدمير القرى السنية وإغلاق المدارس الدينية في "إيران"
آخر الأخبار التي وصلت من بعض الدعاة والعلماء من السنة الذين اضطروا للخروج من جحيم إيران، والفرار بدينهم تفيد ما يلي: إن الأجهزة المخابراتية وجنود إمام الزمان المجهولين فيها اشتد ضغطها على المساجد والمدارس والعلماء وطلاب العلم وأهل الدين والإيمان من أهل السنة أكثر من ذي قبل، وتنفذ في هذا الصدد من البروتوكولات الآياتية الشيطانية ما لم ينفذه اليهود – بعد - في فلسطين المحتلة، وقد أصبح الناس في خوف دائم على حياتهم وأعراضهم وأموالهم ودينهم، وأصبحت خطب الجمعة للسنة منحصرة في بيان بعض الأحكام الفقهية التي لا تغني عن شيء، وأما التعرض للحديث عن عقيدة الإسلام، حسب الكتاب والسنة فقد منع منذ زمن بعيد، هذا فضلاً عن التعرض للأمور الاجتماعية والفكرية والسياسية و..
أضف إلى ذلك أن الخطيب يجب أن يكون ممن توافق أجهزة الأمن على اعتلائه المنبر في المساجد التي ليست للدولة أي مشاركة فيها، لا في البناء ولا في المصروفات ولا في شيء إلا الرقابة والخنق، فهي تحاول بشتى الطرق أن تجعل المساجد والمدارس لأهل السنة بؤرة للفساد، وحتى هؤلاء المشايخ المستضعفون الذين يقومون بالخطابة، فإن نشر خطبهم بالشريط ممنوع منعاً باتاً في المناطق المهمة، إذ أنه يعتبر من جملة النشاط الدعوي السني، وتستدرج المخابرات واواك ومكتب الخامنئي لأمور السنة!! هؤلاء الأئمة والخطباء الذين لا حول لهم ولا قوة إلى المؤتمرات المشبوهة التي يقصد منها إهانة السنة وعقيدتهم ولا يفسح المجال فيها إلا للجهلة والمنافقين والسذج ليكونوا ومن ورائهم المذهب الذين ينتمون إليه مثار سخرية الناس والمستمعين.
هذا في الوقت الذي أغلقت فيه المخابرات الإيرانية المدارس الدينية لأهل السنة في كردستان وشمال شرق إيران، كحوزة الإمام الشافعي في مهاباد والمدرسة الدينية في صالح آباد (سرخس) والحوزة العلمية في مدينة مريوان المسماة بدرغاه شيحان وحتى التكايا الصوفية السنية أيضاً لم تنج من هذا الهجوم الشرس للمخابرات الإيرانية.
كما أن هناك قرى سنية عديدة أبيدت ومساجدها عن بكرة أبيها واضطر الأهالي للهجرة إما إلى خارج البلد، وهو بالضبط ما تريده الدولة، وإما إلى القرى الشيعية ليعيشوا أذلاء وهم يشهدون الإهانة المتواصلة أو ليتشيعوا بعد ذلك كما حدث منذ 50 سنة في بعض قرى بير جند و قرى زابل.
ونذكر على سبيل المثال القرى التالية التي أبيدت حديثاً في شرق خراسان:
دولي جلال، دولي بهلول، بل خشتي، خطابي شنغل، ناري، قلعة غيري، هشتان، كما أن هناك مناطق بلوشية أبيدت عن بكرة أبيها أيضاً ودمرت القرى التالية وهجرت أكثر من ألفي أسرة منذ (92 – 93) وهي: حصاروية، رودماهي، جناوية، شاه رحمان ملوسان، غرتوت، حول، أسبي، كما أنهم ردموا قنوات المياه بالجرافات وقلعوا أشجار التوت والعنب وغيرهما، وقتلوا أكثر من 10 آلاف رأس غنم، وهذه القرى تبعد قرابة 100 كيلو متر عن مدينة زاهدان عاصمة بلوشستان في مناطق ناروني، وأما عدد القتلى والمساجين فحدث ولا حرج، والوضع الآن أسوأ من قبل والدمار والنهب والخراب مستمر على أيدي جنود إمام الزمان!!.
وأما الآن في بلوشستان الإيرانية فقد بدأت المخابرات تبحث بشدة عمن لهم علاقات أو ارتباط أو أي اتصال بالعلماء الذين اضطروا تحت ضغط الحكومة للهجرة من البلد لتتمكن من القبض على هؤلاء وأولئك وتلفق لهم بعد ذلك التهمة الجاهزة وهي الوهابية أو التجسس تمهيداً لإعدامهم وتصفيتهم كما فعلت في بلوشستان مع الشيخ عبد العزيز القندابي وقد تكلمنا عنه سابقاً، وكانت تهمته أنه درس العقيدة الواسطية والعقيدة الطحاوية للطلاب!! ويالها من تهمة.
كما طلبت المخابرات الإيرانية (واواك) المدرس الداعية الشيخ إبراهيم الأحراري الذي سجن بسبب اتصال أجرته إذاعة (1) BBC معه، وحديثه عن استشهاد د. أحمد ميرين البلوشي - في وقته - أي في عام 1996، وأطلق سراحه أخيراً بكفالة مالية كبيرة، ولا نشك أنهم سوف يقتلونه إذا استطاعوا، ثم طلبته المخابرات واستجوبته من جديد، كعادتها الدورية مع جميع طلبة العلم من السنة في إيران ومن ضمن الأسئلة الملحة التي وجهت إليه:
ما هي علاقتك بـ (عبد الرحيم ملا زاده) الذي التجأ إلى لندن، ومن هم أصدقاؤه وتلاميذه وآراؤه، ولماذا خرج من إيران، وماذا يريد؟. وبما أن الرجل لم يكن له أي اتصال معه فقد أجاب بالنفي، ثم طلبت المخابرات منه أن يتصل به فأجاب بأن ليس لديه أي اتصال به، بل ولا يعرف رقمه، فقالوا له نحن نعطيك الرقم فاتصل به، تمهيداً للتجسس والاغتيال (2) ، وعندما رفض الشيخ إبراهيم الأحراري التجسس والتعاون معهم هددوه وقالوا له: إذا لم تقبل فسنرسلك عند عبد العزيز الكاظمي (وهو من السنة الخراسانيين ومن مقيمي زاهدان الذي استشهد – رحمه الله عام 1996 – وقطعوا لحمه كالوحوش ثم رموا جثته بالشارع إرهاباً للناس ولم يعترفوا بقتله علناً، ولكنهم في المخابرات يفتخرون بهذه الأعمال الوحشية ودون تقية)، ثم هجم ثلاثة من زبانية إمام الزمان على الشيخ إبراهيم الأحراري وأشبعوه ضرباً وإهانة كعادتهم مع جميع الدعاة وطلبة العلم من أهل السنة في إيران كلها، ثم هددوه بالقتل إذا لم يقبل التعاون معهم!.
وبعد ذلك طلبوا شخصاً آخر من السنة وهو الشيخ عبد الغفور لشكرزهي القاضي الوحيد من السنة للأحوال الشخصية (3) ، وطلبوا منه نفس الطلب، أي الاتصال بملا زاده في لندن، فلم يقبل وقد تم استجوابه لعدة ساعات وطلبوا منه أن يكتب خلاصة عن حياة صاحبه، وسألهم إذا كنتم تخافون من الرجل فإنه كان في الداخل فلماذا لم تسمحوا له بالعمل وأغلقتم عليه كل مجال كي لا يخرج فقالوا – كعادتهم – إنه كان له أهداف أخرى!!.
ثم طلبوا طبيباً بلوشياً، وهو د. محمد اريش واستجوبوه في نفس الموضوع، كما أن المخابرات فجرت عيادته في عام 1992، وذلك لأن الحكومة الإيرانية بقيادة مرشد الثورة علي الخامنئي الذي كان في عهد الشاه منفياً في بلوشستان لا تريد أن ترى أي سني يحقق أي نجاح، حاولوا إرهابه ليخرج من البلد، رغم أنه حاز نجاحاً بارزاً في عمله وهو جراحة العيون.
وقد أخبرنا - ونحن مسؤولون أمام الله لنقل هذه الأخبار - طبيب سني آخر فقال: والله إن عملاء المخابرات من شيعة زابل (اسم منطقة) يسرقون أدوات الجراحة من بين أيدينا أثناء قيامنا بإجراء العمليات الجراحية ليتسببوا في فشلها وبالتالي تشويه سمعتنا.
وقد روى طبيب بنغالي هذه الحادثة المؤلمة: قال لما كنت في مستشفى خاتم الأنبياء في مدينة زاهدان أتي بشاب بلوشي سني مصاب في حادث سير، فأردت إسعافه، فما كان من زملائي الأطباء الشيعة إلا أن زجروني وقالوا لي اتركه ليموت، هذا بلوشي سني، هذا كان في بدايات الثورة وفي وقت كانوا بأشد الحاجة إلى وجود السنة في جانبهم، وأما الآن فإنهم لا يخجلون من ارتكاب أي جرم وحتى هتك الأعراض ولولا الحياء لكنا نروي مآسي من هتك الحرمات.
ولذا هددت المخابرات الإيرانية – في بلوشستان – أن على عبد الرحيم ملا زاده وعلي أكبر ملا زاده، ونظر محمد أن يعرفوا أن يدنا تصل إليهم أينما كانوا وأرسلوا تهديداً أكثر من مرة لقتل عبد الرحيم إلى بريطانيا وخارجها!! وأوقح من هذا أنهم ينددون بالإرهاب العالمي والحكومات!!.
أما بعض العلماء والمثقفين والدارسين من السنة الذين ما زالوا رهن الاعتقال ونعرف أماكن السجون التي تضمهم فهم: مولانا الشيخ إبراهيم دامني الذي لم يقترف جرماً إلا أنه منع الناس أن يعتنقوا التشيع أو ينتخبوا شيعياً مأجوراً حشاشاً كنائب عن السنة، وإن كانت الدولة أتت من بعد ذلك بالقوة، ولم يوافق على تعيين إماماً للجمعة في مسجده من أزلام المخابرات، فحكموا عليه بالسجن بسبعة عشر عاماً، وما بين فترة وأخرى يحاكم من جديد، بعدما دام تعذيبه طوال هذه السنين، علهم يجدون سبيلاً وذريعة لإعدامه، والشيخ المذكور قد تخرج منذ زمن ليس بقريب من مدارس باكستان ويعتنق المذهب الحنفي وآراء الماتريدية – طبعاً – بشدة، ولذا لم يستطيعوا اتهامه بالوهابية كعادتهم، ولكنه لم يسكت على باطلهم وخرافاتهم خلافاً لجميع زملائه الذين أصبحوا أداة طيعة – لأعوام مضت – لضرب الشباب وما تسميه المخابرات بالوهابية، إلى أن جاء دور الجميع، وأن الحق كما قال مفتي زاده: أكلت يوم أكل الثور الأبيض.
والآخرون من المساجين هم الأخ إقبال أيوبي من إيرانشهر، والشيخ أنور هواري، وفيصل سيباهيان المتخرجان من الجامعة الإسلامية، وواحد بخش لشكرزهي، وهؤلاء من شباب جماعة إسلامية كبيرة والغريب في الأمر أن أنصار هذه الجماعة يسجنون في إيران وإخوانهم في البلدان العربية لا يزالون يسكتون عن مخازي الجمهورية الطائفية بل يدافعون عنها!! إلى متى المداهنة والمجاملة بشأن الدين؟! بل لم أجد من جاء من الزعماء من الحركة الإسلامية بشكل عام إلى إيران إلا وأخذوه إلى قبر الخميني، الذي أصبح صنماً يعبد ويطاف به، ووضع أكاليل الزهور عليه وصلى وراءهم صلاة الجمعة(4) نفاقاً ومجاملة، ولا توجد فتوى واحدة من إمام واحد من أئمة المسلمين يجيز الصلاة وراءهم، ترى ألا يحق لمحمد عبده رحمه الله أن يلعن هذه السياسة وجميع مشتقاتها.
ألم يحن الوقت لبني عقيدتنا أن يتعظوا بنا ويطهروا مواقفهم المتميعة ويدرسوها من جديد، أليس الرجوع عن الخطأ فضيلة؟ فهؤلاء وأمثالهم بالمئات سجناء العقيدة فقط دون اقتراف أي عمل ضد النظام الطائفي الحاقد، وهم كلهم في سجن وكيل آباد، في مدينة مشهد وقد قال متولي قبر الإمام الرضا وسادنه آية الله طبسي وهو أقوى سلطة فعلية هناك، أنه يجب أن لا يتواجد أي سني على بعد 100 كيلومتر من قبر الإمام الرضا(5)، وهدموا بعد ذلك مسجد شيخ فيض في مدينة مشهد وكان مسجداً جامعاً كبيراً، وذلك بأمر من الخامنئي نفسه في عام 1993.
والأخ يوسف كردهاني وحسين كرد فهما في سجن أوين في طهران، وأما الشيخ حبيب الله حسين بر الذي سجن لعدة أشهر قبل هدم المسجد في مشهد، فقد اختفى بعد الحادث بيد جنود إمام الزمان! وليس له أثر ولا يعلم أحد هل اغتيل أم لا؟!.
وهناك مئات من القتلى والمساجين والمهاجرين من المحافظات السنية الكردية والتركمانية والبلوشية وغيرها
جيزان نيوز