رغم المغالطات الموجوده لدى الأصفهاني وتجنيه على بعض الأولين لا سيما هارون الرشيد الخليفة الزاهد
الا أن كتابه الأغاني من لم يقرأه فاته من المتعه الأدبيه الكثير وقد ذكر عن نصيب الكثير أختار منه:
نصيب والفرزدق بحضرة سليمان
أخبرني الحرمي قال حدثنا "الزبيري، وحدثنا محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا أحمد بن أبي خيثمة قال حدثنا الزبير" قال حدثنا محمد بن إسمماعيل الجعفري قال: دخل النصيب على سليمان بن عبد الملك وعنده الفرزدق، فاستنشد الفرزدق وهو يرى أنه سينشده مديحاً له، فأنشده قوله يفتخر:
وركبٍ كأن الريح تطلب عندهـم لها ترةً من جذبها بالعـصـائب
سروا يركبون الريح وهي تلفهـم على شعب الأكوار من كل جانب
إذا استوضحوا ناراً يقولون ليتهـا وقد خصرت أيديهم نار غـالـب
قال: وعمامته على رأسه مثل المنسف؛ فغاظ سليمان وكلح في وجهه، وقال لنصيب: قم فأنشد مولاك ويلك! فقام نصيب فأنشده قوله:
اقول لركبٍ صادرين لقـيتـهـم قفا ذات أوشالٍ ومولاك قـارب
قفوا خبروني عن سليمان إنـنـي لمعروفه من أهل ودان طالـب
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهـلـه ولو سكتوا أثنت عليك الحقـائب
وقالوا عهدنـاه وكـل عـشـيةٍ بأبوابه من طالب العرف راكب
هو البدر والناس الكواكب حولـه ولا تشبه البدر المضيء الكواكب
فقال له سليمان: أحسنت والله يا نصيب! وأمر له بجائزة ولم يصنع ذلك بالفرزدق. فقال الفرزدق وقد خرج من عنده:
وخير الشعر أكرمه رجالاً وشر الشعر ما قال العبيد
نصيب وجرير
أخبرنا أبو خليفة عن محمد بن سلام قال حدثني أبو العراف قال: مر جرير بنصيب وهو ينشد، فقال له: اذهب فأنت أشعر أهل جلدتك. قال: وجلدتك يا أبا حزرة.
هشام بن عبد الملك ونصيب
أخبرنا الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه قال حدثني أيوب بن عباية قال: بلغني أن النصيب كان إذا قدم على هشام بن عبد الملك أخلى له مجلسه واستنشده مراثي بني أمية، فإذا أنشده بكى وبكى معه. فأنشده يوماً قصيدةً له مدحه بها، يقول فيها:
إذا استبق الناس العلا سبقتهم يمينك عفواً ثم صلت شمالها
فقال له هشامٌ: يا أسود، بلغت غاية المدح فسلني. فقال: يدك بالعطية أجود وأبسط من لساني بمسئلتك. فقال: هذا والله أحسن من الشعر، وحباه وكساه وأحسن جائزته.
نصيب و زينب
أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن عثمان بن حفص عن أبيه قال: رأيت النصيب وكان أسود خفيف العارضين ناتىء الحنجرة.
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثني الزبير قال حدثني إبراهيم بن يزيد السعدي عن جدته جمال بنت عون بن مسلم عن أبيها عن جدها قال: رأيت رجلاً أسود مع امرأةٍ بيضاء، فجعلت أعجب من سواده وبياضها، فدنوت منه وقلت: من أنت? قال: أنا الذي أقول:
ألا ليت شعري ما الذي تحدثين بي غداً غربة النأي المفرق والبعـد
لدى أم بكرٍ حين تقترب الـنـوى بنا ثم يخلو الكاشحون بها بعـد
يأتصرمني عند الألى هم لنا العـدا فتشمتهم بي أم تدوم على العهـد
قال: فصاحت: بل والله تدوم على العهد. فسألت عنهما فقيل: هذا نصيبٌ، وهذه أم بكر.
نصيب وشاعر هجاه من أهل الحجاز
أخبرني هاشم بن محمد بن هارون بن عبد الله بن مالك الخزاعي أبو دلف قال حدثنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي عن عمه قال: كان نصيبٌ يكنى أبا الحجناء، فهجاه شاعرٌ من أهل الحجاز فقال:
رأيت أبا الحجناء في الناس حائراً ولون أبي الحجناء لون البهـائم
تراه على ما لاحه مـن سـواده وإن كان مظلوماً له وجه ظالـم
فقيل لنصيب: ألا تجيبه! فقال: لا، ولو كانت هاجياً لأحدٍ لأجبته ولكن الله أوصلني بهذا الشعر إلى خيرٍ، فجعلت على نفسي ألا أقوله في شر، وما وصفني إلا بالسواد وقد صدق. أفلا أنشدكم ما وصفت به نفسي? قالوا بلى. فأنشدهم قوله:
ليس السواد بناقصـي مـادام لـي هذا اللسـان إلـى فـؤادٍ ثـابـت
من كان ترفعه منـابـت أصـلـه فبيوت أشعاري جعلن منـابـتـي
كم بين أسـود نـاطـقٍ بـبـيانـه ماضي الجنان وبين أبيض صامت
إني ليحسدنـي الـرفـيع بـنـاؤه من فضل ذاك وليس بي من شامت
ويروى مكان "من فضل ذاك"، "فضل البيان" وهو أجود.
أخبرني عمي ومحمد بن خلفٍ قالا حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال حدثني سعيد بن يحيى الأموي قال حدثني عمي عن محمد بن سعد قال: قال قائل للنصيب: أيها العبد، مالك وللشعر?! فقال: أما قولك عبدٌ فما ولدت إلا وأنا حرٌ، ولكن أهلي ظلموني فباعوني. وأما السواد فأنا الذي أقول:
وإن أك حالكاً لـونـي فـإنـي لعقلٍ غير ذي سـقـطٍ وعـاء
وما نزلت بي الـحـاجـات إلا وفي عرضي من الطمع الحياء
شعره في جارية طلبت منه أن يشبب بها
أخبرني محمد بن مزيد قال حدثنا حماد عن أبيه قال حدثت عن السدوسي قال: وقف نصيبٌ على أبيات فاستسقى ماءً، فخرجت إليه جاريةٌ بلبنٍ أو ماءٍ فسقته، وقالت: شبب بي: فقال: وما اسمك? فقالت: هندٌ. ونظر إلى جبلٍ وقال: ما اسم هذا العلم? قالت: قناً. فأنشأ يقول:
أحب قناً من حب هندٍ ولم أكن أبالي أقرباً زاده الله أم بعـدا
ألا إن بالقيعان من بطن ذي قنا لنا حاجةً مالت إليه بنا عمـدا
أروني قناً انظر إليه فإنـنـي أحب قناً إني رأيت به هنـدا
قال: فشاعت هذه الأبيات، وخطبت هذه الجارية من أجلها، وأصابت بقول نصيب فيها خيراً كثيراً
استجادة الأصمعي شعراً لنصيب
أخبرنا هاشم بن محمد قال حدثنا الرياشي قال: أنشدنا الأصمعي لنصيب وكان يستجيد هذه الأبيات ويقول إذا أنشدها: قاتل الله نصيباً ما أشعره!.
فإن يك من لوني السواد فـإنـنـي لكالمسك لا يروى من المسك ذائقه
وما ضر أثوابي سوادي وتحتـهـا لباسٌ من العلياء بيضٌ بـنـائقـه
إذا المرء لم يبذل من الود مثل مـا بذلت له فاعلم بأنـي مـفـارقـه
نصيب وكثير والأحوص
في مجلس امرأة من بني أمية
أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثني عبد الله بن إسماعيل بن أبي عبيد الله كاتب المهدي قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: حدثني أبو يوسف التجيبي قال حدثني إسماعيل بن المختار مولى آل طلحة وكان شيخاً كبيراً قال: حدثني النصيب أبو محجن أنه خرج هو وكثير والأحوص غب يومٍ أمطرت فيه السماء، فقال: هل لكم في أن نركب جميعاً فنسير حتى نأتي العقيق فنمتع فيه أبصارنا? فقالوا نعم. فركبوا أفضل ما يقدرون عليه من الدواب، ولبسوا أحسن ما يقدرون عليه من الثياب، وتنكروا ثم ساروا حتى أتوا العقيق، فجعلوا يتصفحون ويرون بعض ما يشتهون، حتى رفع لهم سوادٌ عظيمٌ فأموه حتى أتوه، فإذا وصائف ورجالٌ من الموالي ونساء بارزاتٌ، فسألنهم أن ينزلوا، فاستحيوا أن يجيبوهن من أول وهلةٍ، فقالوا: لا نستطيع أو نمضي في حاجةٍ لنا. فحلفنهم أن يرجعوا إليهن، ففعلوا وأتوهن، فسألنهم النزول فنزلوا. ودخلت امرأةٌ من النساء فاستأذنت لهم، فلم تلبث أن جاءت المرأة فقالت: ادخلوا. فدخلنا على امرأة جميلة برزةٍ على فرش لها، فرحبت وحيت، وإذا كراسي موضوعةٌ، فجلسنا جميعاً في صف واحدٍ كل إنسانٍ على كرسي. فقالت: إن أحببتم أن ندعو بصبي لنا فنصيحه ونعرك أنذه فعلنا، وإن شئتم بدأنا بالغداء. فقلنا: بل تدعين بالصبي ولن يفوتنا الغداء. فأومأت بيدها إلى بعض الخدم، فلم يكن إلا كلا ولا حتى جاءت جاريةٌ جميلةٌ قد سترت بمطرفٍ، فأمسكوه عليها حتى ذهب بهرها، ثم كشف عنها وإذا جاريةٌ ذات جمالٍ قريبةٌ من جمال مولاتها، فرحبت بهم وحيتهم، فقالت لها مولاتها: خذي - ويحك - من قول النصيب عافى الله أبا محجن:
ألا هل من البين المفرق من بد وهل مثل أيامٍ بمنقطع السعـد
تمنيت أيامي أولئك، والمـنـى على عهد عادٍ ما تعيد ولا تبدي
فغنته، فجاءت به كأحسن ما سمعته قط بأحلى لفظٍ وأشجى صوت. ثم قالت لها: خذي أيضاً من قول أبي محجن عافى الله أبا محجن:
أرق الـمـحـب وعـــاده ســـهـــده لطـوارق الـهـم الـــتـــي تـــرده
وذكـرت مـن رقـت لــه كـــبـــدي وأبـى فـلـيس تـرق لـي كـــبـــده
لا قـــومـه قومــي ولا بـــلدي فــنكون حـينـاً جـــيزةً بــــلـــده
ووجــدت وجــداً لــم يـكـن أحـد قبـلـي مـن أجـل صـبـــابةٍ يجـــده
إلا ابـن عـجـلان الـذي تـبـــلـــت هنـدٌ فـفـات بـنـفـسـه كـــمـــده
قال: فجاءت به أحسن من الأول، فكدت أطير سروراً. ثم قالت لها: ويحك! خذي من قول أبي محجن عافى الله أبا محجن:
فيا لك من ليلٍ تمتعت طـولـه وهل طائفٌ من نائمٍ متمـتـع
نعم إن ذا شجوٍ متى يلق شجوه ولو نائماً مستعتـبٌ أو مـودع
له حاجةٌ قد طالما قد أسـرهـا من الناس في صدرٍ بها يتصدع
تحملها طول الزمان لعـلـهـا يكون لها يوماً من الدهر منزع
وقد قرعت في أم عمرٍو لي العصا قديماً كما كانت لذي الحلم تقـرع
قال: فجاءت والله بشيء حيرني وأذهلني طرباً لحسن الغناء وسروراً باختيارها الغناء في شعري، وما سمعت فيه من حسن الصنعة وجودتها وإحكامها. ثم قالت لها: خذي أيضاً من قول أبي محجنٍ، عافى الله أبا محجن:
يا أيها الركب إني غير تابعكم حتى تلموا وأنتم بي ملمونـا
فما أرى مثلكم ركباً كشكلكم يدعوهم ذو هوى إلا يعوجونا
أم خبروني عن دائي بعلمكـم وأعلم الناس بالداء الأطبونـا
قال نصيب: فوالله لقد زهيت بما سمعت زهواً خيل إلي أني من قريش، وأن الخلافة لي. ثم قالت: حسبك يا بنية! هات الطعام يا غلام! فوثب الأحوص وكثيرٌ وقالا: والله لا نطعم لك طعاماً ولا نجلس لك في مجلس؛ فقد أسأت عشرتنا واستخففت بنا، وقدمت شعر هذا على أشعارنا، واستمعت الغناء فيه، وإن في أشعارنا لما يفضل شعره، وفيها من الغناء ما هو أحسن من هذا. فقالت: على معرفةٍ كل ما كان مني، فأي شعركما أفضل من شعره? أقولك يا أحوص: "
يقر بعيني ما يقر بـعـينـهـا وأحسن شيء ما به العين قرت
أو قولك يا كثير في عزة:
وما حسـبـت ضـمـريةٌ جـدويةٌ سوى التيس ذي القرنين أن لها بعلا
أم قولك فيها:
إذا ضمريةٌ عطست فنكها فإن عطاسها طرف السفاد
قال: فخرجا مغضبين واحتبستني، فتغديت عندها، وأمرت لي بثلثمائة دينار وحلتين وطيبٍ، ثم دفعت إلي مائتي دينار وقالت: ادفعها إلى صاحبيك؛ فإن قبلاها وإلا فهي لك. فأتيتهما منازلهما فأخبرتهما القصة. فأما الأحوص فقبلها، وأما كثير فلم يقبلها، وقال: لعن الله صاحبتك وجائزتها ولعنك معها! فأخذتها وانصرفت.
فسألت النصيب: ممن المرأة?. فقال: من بني أمية ولا أذكر اسمها ما حييت لأحد.
المصدر ( كتاب الأغاني للأصفهاني )
وقد ذكر الأصفهاني الكثير ولكن اقتصرت على هذا
ودمتم
:وردة: