"صرنا للعالم.. طماشة"!
خلال اجتماع للأسرة الحاكمة عقد قبل أيام، كان التوجه السائد لدى الحضور هو وجوب تقديم الحكومة استقالتها ارتكازا على فشلها البين من جهة، وعلى التغيير الذي جرى في مواقف نواب شيعة كانوا حلفاء لها وانقلبوا ضدها.. وحده الشيخ ناصر المحمد كان يقاوم فكرة الاستقالة ويستميت في الدفاع عن الحكومة ويؤكد أنها قادرة على "تجاوز" الاستجوابات. والآن وقد استقالت الحكومة، والشعب ينتظر بشغف شديد تسمية الرئيس المكلف، وفيما يردد أنصار الرئيس المستقيل وينقلون على لسانه أنه "موعود" وبالتالي فهو "عائد"، يجب علينا أن نوضح أن ناصر المحمد "بشخصه" لم يكن "مشكلة" الكويت، بل هو كرئيس للحكومة مجرد "نتيجة" سلبية لمشكلة قائمة منذ عقود وهي مشكلة المنهج المتوارث في إدارة الدولة والذي لا يتناسب إطلاقا مع "فكرة" الدولة ووظائفها، ناهيك عن تعارضه مع النظام الديمقراطي ومع مبدأ سيادة الأمة ومبدأ فصل السلطات ومبدأ الرقابة على أعمال الحكومة. فنحن نعاني من التداخل بين "شيخة الشيوخ" كحالة اجتماعية تستدعي الاحترام والتقدير، وبين فكرة "الموظف العام" التي تفرض الخضوع للرقابة والمحاسبة. إن التداخل بين "الشيخة" ومتطلبات النظام الديمقراطي تجلى في "أبهى" صوره في رئاسة ناصر المحمد للحكومة.. فهو يريد أن يشتري البخور بمئات ألوف الدنانير ومن المال العام من دون أن يحاسبه الشعب.. فالشعب يكفيه أن "يشم" رائحة بخوره لا أن يحاسبه! كما يريد أن يمنح "الهبات والعطايا" لنواب في البرلمان لكنه لا يريد أن يحاسبه أحد.. بل ها نحن نرى أن القضاء، مع الأسف الشديد، يجاريه فيدين النائب الذي يحاسبه داخل البرلمان!
واستنادا على ما سبق، فإن أي رئيس وزراء يؤمن بالمنهج القديم في إدارة الدولة، هو استدراج صريح لتصادم قادم لا محالة بين فكرة "الشيخة" وفكرة "الدولة".
إن الحيلولة دون تصادم فكرة "الشيخة" بفكرة "الدولة" يتطلب أكثر من تغيير "شخص" رئيس الحكومة.. إن الأمر يتطلب بذل الجهد المنظم الجماعي المدروس من قبل أنصار فكرة "الشيخة" وأنصار فكرة "الدولة"، ومن هنا أرى أن تنظيم مؤتمر وطني تحت مظلة صاحب السمو أمير البلاد هو المدخل المناسب لمثل هذا الجهد.
أما عن تغيير "شخص" رئيس الحكومة، فإنني أود أن أبين أنه وإن كان القرار بيد رئيس الدولة، إلا أن هذا لا يعني حرماننا من إبداء الرأي. وليس في إبداء الرأي في هذه المسألة أي تعد على الاختصاص الدستوري لصاحب السمو في إصدار الأمر الأميري بتعيين الرئيس، فلا تعارض بين الاختصاص الدستوري وبين حق الناس في المناقشة وإبداء الرأي. وانطلاقا من حقي في إبداء رأيي فإنني أرى أن عودة الشيخ ناصر المحمد لا تحقق أي مصلحة من أي نوع، ولا في أي اتجاه لا للكويت ولا للأسرة الحاكمة. بل على العكس تماما.. فقد أصبحت رئاسة الشيخ ناصر للحكومة عنصر استفزاز محلي وعنصر توتر إقليمي.. ولا حاجة بي إلى عرض الشواهد، لكن يكفي أن أشير إلى حجم "الاختراق" الإيراني في عهد المحمد من جهة، و"المؤامرة" الإيرانية التي تتعرض لها الكويت التي أعلن عنها الشيخ محمد الصباح من جهة أخرى. فضلا عن ذلك، فإن حلفاء الشيخ ناصر المهمين في البرلمان (8 نواب شيعة) انقلبوا عليه، وهم في طريق التحول إلى المعارضة والتخلي عن الموالاة له، أيا كانت أسبابهم ودوافعهم، وبالتالي فلم يعد الشيخ ناصر قادرا على البقاء، وهو أصلا كان عاجزا عن الأداء.
باختصار.. العقل والمنطق، وقبلهما مصلحة الكويت، يفرضان استبدال الشيخ ناصر في هذه المرحلة، فهي مرحلة لا يمكنه استيعاب أحداثها المحلية والإقليمية ولا التعامل معها!
أما عن رأيي في "البديل"، فإن قناعتي الراسخة هي أن المهم هو أن تحصل الكويت على منهج جديد لا رئيس جديد فقط. ومع ذلك، ومع أدراكي حساسية طرح الأسماء، فإنني أورد هنا اسمي الشيخ أحمد الحمود والشيخ محمد الصباح للرد على من يدعى أن الشيخ ناصر المحمد هو أفضل الموجود في ذرية مبارك الصباح!
ملاحظة: كنت أنوي الكتابة حول "الأبعاد المحلية" في التغير المفاجئ في العلاقة بين الكويت وإيران، وحول أسباب تحول (8) من النواب الشيعة من الموالاة إلى المعارضة، إلا أنني فضلت التريث آملا الوصول إلى معلومات أشمل وأدق.
31/3/2011
-----------------------------------------------------------
أعتقد أن الكثير يتفقون على الشيخ د.محمد صباح السالم والشيخ أحمد الحمود كبديل للشيخ ناصر المحمد،
فهم أفضل الشيوخ الموجودين حالياً وأنظفهم وأقدرهم على التعامل مع إدارة الدولة،
والأهم من ذلك أن لهم مكانة مميزة في قلوب الكويتيين.
فهم أفضل الشيوخ الموجودين حالياً وأنظفهم وأقدرهم على التعامل مع إدارة الدولة،
والأهم من ذلك أن لهم مكانة مميزة في قلوب الكويتيين.