بارك الله فيك
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى ثم أما بعد...
فلا يحل لأحد أن يحكم على غيره ممن نطق بالشهادتين بالجنة أو بالنار , فهذا باب لا يلجه إلا جاهل ولا يقف على أعتابه إلا عالم.
المسألة بيد الله تعالى , والرجل كان معروفا عنه الظلم والطغيان وهذا أمر ظاهر لا خفاء فيه , ومن اعتناقه للفكر البعثي وغير ذلك , وهذه أمور يغلب على الظن أن صاحبها يُعذب.
ولكن لا يعلم أحد في نفس الوقت إن كان تاب قبل موته بفترة وقبل الله توبته أم لا ...
هذا عبد قد لقي ربه وهو يحاسبه على أفعاله , ولا يمكن لأي إنسان مهما أوتي من علم أن يعلم جزاؤه الآن عند ربه.
ولن يُسأل عنها المسلم يوم القيامة ( ماذا قلت في صدام هل هو شهيد أم لا ) , ولكنه قد يُسأل عن تجرؤه في الفتوى والقول بغير علم ولا برهان صحيح , وهذا الباب مغلق في وجوه العباد.
وقد يكون الإنسان صلبا في آخر حياته وجلدا ليُظهر القوة والصبر , وقد يصمد لما يظن في نفسه أنه رأس ولا يصح للرأس أن تسقط إلا عزيزة لاسيما وأن آسروه هم أعداؤه.
أسباب كثيرة قد تقوي الإنسان علىأن يظهر جلدا وصبرا و ولكنها تختلف عن النطق بالشهادتين قبل الوفاة.
وقياس الناطق بالشهادتين على فرعون قياس لا يصح , لأن فرعون كان كافرا في الظاهر وأبطن الإسلام في الباطن وقد رأى من معجزات النبي ما جعله يسير على حرف فلما رأى الموت قادما عليه نطق بالشهادة رجاء أن تنقذه من الغرق , أي أنه ما قالها إلا لما ظن أنه قد يعيش بعدها بخلاف صدام حسين الذي كان متأكدا من موته.
وقياس هذه المسألة أيضا على القاتلين الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها حديثا بعينيهما أيضا قياسا لا يصح , وذلك لأن هذان الرجلان معلوم جزاؤهما من فوق سبع سماوات بخلاف أي إنسان آخر والذي لا يُعلم خاتمته ولا نتيجة أعماله إلا رب العالمين , فهذا أيضا قياس مع الفارق...
وهذا كله لا يصح أن يطلق عليه شهيد لأن لفظة الشهيد إذا انصرف قُصد به من قتل وهو يجاهد في سبيل الله ( ويرجى له ذلك ) فليس كل من يقتل في أرض المعارك شهيدا فما بالك بغيره.
والخلاصة أن كل من ختم حياته بكلمة التوحيد يُرجى له الخير , ولا يجزم بمقعده في جنة أو في نار.
وأنا أرجو من الزملاء أن لا يتسرعوا في الأحكام والفتيا في هذه المسألة التي لا يعلم حكمها إلا رب العالمين , وأن لا يقعوا فيما وقع فيه بعض الفرق التي ضيقت رحمة الله تعالى عن ذنوب خلقه.
ما يهمنا في هذه المسألة هو أن رحمة الله تعالى أكبر من أي ذنب يفعله إنسان إلا إذا مات مشركا أو كافرا فهنا لن تلحقه الرحمة كما قال تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )
والله أعلى وأعلم
اشكر لكل من ادلى بدلوه وجزاكم الله خير
اخوكم مبروك