ستانفورد بينيه
عضو بلاتيني
في أول رد فعل على قرار المحكمة الدستورية
أحكام المحكمة باطلة لوجود مخالفة قانونية جسيمة في تشكيلها
أحكام المحكمة باطلة لوجود مخالفة قانونية جسيمة في تشكيلها
•المحكمة الدستورية تخلت عن مبادئها السابقة.. ورفضت حتى الاستماع إلى الشهود
• أحكام المحكمة باطلة لوجود مخالفة قانونية جسيمة في تشكيلها
• لا يجوز لأعضاء مجلس القضاء 'تعيين' أنفسهم في المحكمة الدستورية
• اختيار أعضاء المحكمة الدستورية يجب أن يتم بالاقتراع السري ولا يجوز أن يكون من بينهم أعضاء في مجلس القضاء
• تفكير جدي برفع دعاوى بطلان أحكام المحكمة الدستورية الأخيرة أمام محكمة التمييز
• وجوب تدخل المشرع بتعديل قانون المحكمة الدستورية تلافيا لبطلان أحكامها
صرح المحامي محمد عبدالقادر الجاسم، بعد صدور حكم المحكمة الدستورية برفض الطعن المقدم منه في نتائج انتخابات مجلس الأمة عن الدائرة الانتخابية الثانية، قائلا: 'إنه لمن المستغرب أن ترفض المحكمة الطعن من دون السماح للطاعن بتقديم ما يملك من أدلة وبراهين على وجود خلل شاب عملية فرز الأصوات'. وأضاف الجاسم: 'من خلال الإطلاع على جميع الأحكام التي أصدرتها المحكمة الدستورية في الطعون الانتخابية طوال العقود الثلاثة الماضية يتضح لنا أن المحكمة لابد وأن تأمر بإحالة الطعن إلى التحقيق كي تتيح الفرصة للطاعن لتقديم أدلته، ثم بعد ذلك لها سلطة تقديرية مطلقة في وزن الأدلة والاقتناع بها والأخذ بها، أو الإعراض عنها ورفض الطعن'. وتابع الجاسم قوله: 'إن الطعن المقدم مني مبني على مجموعة من الأسانيد القانونية والموضوعية المتصلة بوقائع ثابتة بشهادة الشهود، وإنني طلبت بوضوح شديد من المحكمة إحالة الطعن للتحقيق لتمكيني من إحضار الشهود، حيث طلبت الاستماع إلى شهادة النائب أحمد السعدون الذي أدلى بتصريح صحفي في يوم الانتخابات عن توفر معلومات لديه حول تعليمات صدرت إلى الشركة التي تم تكليفها بتدوين نتائج الانتخابات آليا، بتغيير نتائج بعض المرشحين. كما طلبت الاستماع إلى شهادة رئيس جمعية الشفافية السيد صلاح الغزالي التي أصدرت مجموعة من التقارير تؤكد وجود مخالفات جسيمة شابت عملية فرز وتدوين الأصوات. كما طلبت الاستماع إلى شهادة عدد من الأشخاص تم تقديم أسمائهم وصور من إفاداتهم المكتوبة إلى المحكمة، والتي أدلوا فيها بمعلومات مستقاة من واقع وجودهم في لجان الانتخاب، حيث أكدوا وجود أخطاء في عملية فرز وتدوين نتائج الانتخابات، وأبدوا استعدادهم للشهادة تحت القسم أمام المحكمة'.
وأضاف الجاسم :'إنه، وعلى الرغم من ذلك كله، فقد رفضت المحكمة السماح للطاعن بإحضار شهوده، مخالفة ما استقرت عليه في العديد من أحكامها'.
إلى ذلك أعلن المحامي محمد عبدالقادر الجاسم عن وجود تفكير جدي لرفع دعاوى بطلان أحكام المحكمة الدستورية الأخيرة أمام محكمة التمييز استنادا إلى وجود مخالفة قانونية جسيمة في تشكيل المحكمة.
وقال توضيحا لهذه المسألة: 'إن المادة (2) من القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية تنص على الآتي:
'تؤلف المحكمة الدستورية من خمسة مستشارين يختارهم مجلس القضاء بالاقتراع السري، كما يختار عضوين احتياطيين، ويشترط أن يكونوا من الكويتيين، ويصدر بتعيينهم مرسوم.
وإذا خلا محل أي عضو من الأعضاء الأصليين أو الاحتياطيين، اختار مجلس القضاء- بالاقتراع السري- من يحل محله ويكون تعيينه بمرسوم.
ويقوم أعضاء المحكمة الأصليون والاحتياطيون بعملهم بها إلى جانب عملهم الأصلي بدائرة التمييز أو محكمة الاستئناف العليا'.
وأوضح الجاسم أنه:
• يستفاد من النص السابق أن الجهة التي تختار أعضاء المحكمة الدستورية هي مجلس القضاء. كما يستفاد من النص ذاته أن طريقة الاختيار هي (الاقتراع السري).
• من الواضح أن المشرع أراد الفصل بين الجهة التي (تختار) أعضاء المحكمة الدستورية، وهي مجلس القضاء، وبين الشريحة التي (يتم الاختيار من بين أفرادها)، وهي شريحة المستشارين الكويتيين من غير أعضاء مجلس القضاء. ولو كان المشرع يريد فتح المجال أمام أعضاء مجلس القضاء في الدخول إلى المحكمة الدستورية، لما تردد في النص على ما يفيد جواز أن يتم الاختيار من بين أعضاء مجلس القضاء، كأن ينص على الآتي: ''تؤلف المحكمة الدستورية من خمسة مستشارين يختارهم مجلس القضاء بالاقتراع السري، من بين أعضاءه أو من غيرهم ...'.
• كما يستفاد من تحديد المشرع لطريقة الاختيار، وهي طريقة الاقتراع السري، أنه أراد فتح الباب أمام جميع المستشارين الكويتيين الراغبين في الانضمام إلى المحكمة الدستورية، على أن يحسم الاقتراع السري، الذي يجريه مجلس القضاء، الاختيار.
• إن القول بحق أعضاء مجلس القضاء في الاستحواذ على عضوية المحكمة الدستورية، يهدر مبدأ المساواة بين المستشارين الكويتيين، حيث تكون فرصة حصول أعضاء مجلس القضاء على عضوية المحكمة الدستورية مضمونة طالما أن أعضاء المجلس هم الذين يقررون تعيين أنفسهم أعضاء في المحكمة الدستورية، من دون دعوة من يرغب من المستشارين الكويتيين، ممن هم خارج عضوية مجلس القضاء، لترشيح أنفسهم.
• إن عضوية مجلس القضاء لا تمنح الأعضاء أفضلية شخصية، لاسيما أن تلك العضوية مقررة لهم بحكم مناصبهم، أي رؤساء المحاكم ونوابهم وأقدم اثنين من المستشارين الكويتيين والنائب العام، وبالتالي فليس من الجائز ولا من المقبول أن يحصل أعضاء مجلس القضاء على امتيازات خاصة يقررونها هم لأنفسهم، مثل عضوية المحكمة الدستورية، مع وجوب الأخذ بعين الاعتبار أن هناك مزايا مالية مقررة لأعضاء المحكمة الدستورية.
• إن أخذ المشرع بوسيلة الاقتراع السري لاختيار أعضاء المحكمة الدستورية، يحمل قرينة قاطعة على عدم جواز اختيار أعضاء مجلس القضاء أنفسهم لعضوية المحكمة الدستورية، فمناط الاقتراع السري هو التعددية، أي تعدد المرشحين، فإذا أخذنا في الاعتبار أن عدد أعضاء مجلس القضاء وقت صدور القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية، هو (5)، بموجب المرسوم رقم 19 لسنة 1959، ثم أصبح عددهم (7) بموجب المرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990، ثم أصبح (9) بموجب القانون رقم 10 لسنة 1996، فإن هذا يعني أن اختيار أعضاء المحكمة الدستورية تم، كأصل ومن الناحية العملية، من بين أعضاء مجلس القضاء من دون اقتراع سري. فإذا أخذنا في الاعتبار أن من بين أعضاء مجلس القضاء، النائب العام ووكيل وزارة العدل، ويجب استبعادهما من إمكانية الحصول على عضوية المحكمة الدستورية، فإن اختيار(3) من أعضاء مجلس القضاء، حين كان عدد أعضاءه (5)، يعني أن الاختيار قد تم من دون اقتراع سري بالنسبة لهم. وحين أصبح عدد أعضاء مجلس القضاء (7)، فإن اختيار (5) منهم، بعد استبعاد وكيل وزارة العدل والنائب العام، لعضوية المحكمة الدستورية يتم أيضا من دون اقتراع سري بعد أن تم قصر حق الترشيح على أعضاء مجلس القضاء. أما حين أصبح عدد أعضاء مجلس القضاء (9)، فإن مجلس القضاء جعل عضوية المحكمة الدستورية، أصليا واحتياطيا، في أعضاءه فقط، بعد استبعاد وكيل وزارة العدل والنائب العام، وأصبحت القاعدة أو الأصل أن يتم اختيار أعضاء المحكمة الدستورية من بين أعضاء مجلس القضاء ومن قبلهم أيضا، أما الاستثناء فهو اختيار عضو في المحكمة الدستورية من خارج أعضاء مجلس القضاء، ومن دون اقتراع سري أيضا، بل ومن دون إتاحة الفرصة، لمن يرغب من المستشارين الكويتيين، في ترشيح نفسه لعضوية المحكمة الدستورية، وبالتالي، وبذلك يكون مجلس القضاء قد خالف النص الآمر الوارد في المادة (2) من قانون المحكمة الدستورية، وتم إهدار طريقة اختيار أعضاء المحكمة الدستورية، وهي الاقتراع السري، التي نصت عليها المادة (2) من القانون رقم 14 لسنة 1974 بإنشاء المحكمة الدستورية.
• ومن دون الدخول في التفاصيل حاليا، فإنه بمراجعة أسماء أعضاء مجلس القضاء وأسماء أعضاء المحكمة الدستورية منذ صدور قانون إنشاءها، يتضح أعضاء مجلس القضاء هم الذين قاموا باختيار وتعيين أنفسهم في تلك المحكمة من دون فتح الباب أمام كافة المستشارين الكويتيين، وبغير طريقة الاقتراع السري التي نص عليها القانون، باستثناء اختيار عضو الاحتياط المستشار خالد سالم، الذي هو عضو في مجلس القضاء أيضا بحكم منصبه كرئيس للمحكمة الكلية، حيث تم اختياره بالاقتراع السري نظرا لإبداء مستشار آخر، عضو في مجلس القضاء أيضا، رغبته في عضوية المحكمة الدستورية. وربما تكون هذه هي الحالة الوحيدة التي تم فيها اللجوء إلى الاقتراع السري على الرغم من حصر الاختيار من بين أعضاء مجلس القضاء.
• إذا كان النص الآمر الوارد في المادة (2) من القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية قد عهد إلى مجلس القضاء مسؤولية اختيار أعضاء المحكمة الدستورية، فإنه، وبحكم العقل والمنطق السليم، لابد أن يكون 'المختار' شخص آخر غير الذي 'يختار'. ولو قيل بجواز اختيار الذات، لأصبحنا في مواجهة حالة تعارض المصلحة وتضاربها.
الخلاصة
وخلص المحامي محمد عبدالقادر الجاسم إلى القول: 'إن تشكيل المحكمة الدستورية الحالية هو تشكيل باطل لمخالفته نصوص قانونية آمرة وردت في القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية، حيث قام أعضاء مجلس القضاء بتعيين أنفسهم أعضاء في المحكمة الدستورية، على الرغم من أن القانون المشار إليه أسند إليهم، بصفتهم أعضاء في مجلس القضاء، مهمة اختيار أعضاء المحكمة الدستورية لا مهمة تعيين أنفسهم فيها. كما أن هذا التعيين الباطل تم بمخالفة نص المادة (2) من القانون المشار إليه، حيث كان يتوجب أن يتم الاختيار عن طريق الاقتراع السري.
المصدر: الأن.