المادة 54 من الدستور في ميزان العقل...
هناك حقيقة غائبة ينبغي استحضارها والتعامل معها بروح المسئولية انطلاقا من حقيقة أن مصلحة الكويت وشعبه تعلو فوق المصالح الشخصية، وهي أن دستور 1962 المعمول به في الكويت، يحتوي على مواد تتناقض فيما بينها تناقضا صارخا، كما يحتوي على مواد غريبة خارجة عن نطاق العقل والمنطق. إننا في هذه المقالة القصيرة سنتناول إحدى هذه المواد بالتحليل المنطقي لنثبت هذه الحقيقة.
تقول المادة 54 من الدستور: "الامير رئيس الدولة، وذاته مصونة لا تمس..."
الشق الأول من المادة مفهوم وواضح، وهو أن حاكم الكويت هو رئيس الدولة، أما الغرابة والغموض فيكمن في الشق الثاني منها وهو: "وذاته مصونة لا تمس..."
فماذا كان يقصد مؤلف الدستور بعبارة: "وذاته مصونة لا تمس..."؟
المذكرة التفسيرية التي ألحقها المؤلف بدستوره لتفسير بعض مواده لا وجود فيها لأي ذكر لهذه المادة، الأمر الذي يضطرنا إلى أن نلجأ إلى العقل لطرح إحتمالات منطقية رأينا بأن واحدا منها يجب بالضرورة أن يكون هو ما قصده مؤلف الدستور عندما ضمن دستوره المادة 6.
إن هناك احتمالين اثنين لا ثالث لهما فيما يتعلق بتفسير هذه المادة وهما:
الإحتمال الأول:
أن يكون المؤلف قد قصد أن توجيه إهانة إلى شخص الحاكم مهما كان شكلها يعتبر مساس بذاته وهو أمر محظور.
ولكن كل إنسان على وجه الأرض هو في الإسلام وفي غير الإسلام ذات مصونة لا تمس، والإعتداء عليه بأي شكل من الأشكال حتى لو كان كافرا هو أمر محرم يعاقب عليه الشرع كما تعاقب عليه القوانين الوضعية، ولا فرق في هذه الحرمة بين إنسان حاكم وإنسان زبال. فهذه المسألة محسومة شرعا ووضعيا، وبالتالي لا يحتاج الحاكم إلى مادة خاصة تدرج في دستوره تحرم الإعتداء على شخصه، فيستبعد إذن أن مؤلف الدستور قد قصد هذا المعنى في عبارته.
الإحتمال الثاني:
أن يكون قد قصد أن محاسبة الحاكم بسبب أي قرار قد يتخذه حتى لو ترتب عليه حدوث كارثة تضر بالبلاد وشعبها هو أمر ممنوع دستوريا.
ولكن هذه المادة تتناقض مع المادة 6 من الدستور والتي تقول: "نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا" فكيف يكون نظام الحكم في الكويت ديمقراطي ورأس هذا النظام وقدوته والمعلم الأول للديمقراطية وهو الحاكم قد وضع نفسه فوق القوانين، ومنع في دستوره الشعب من محاسبته حتى لو اتخذ قرارا كارثيا يودي بالبلاد وشعبها إلى التهلكة...؟
ثم أية سيادة بقيت للأمة وهي عاجزة عن محاسبة حاكمها عندما يتخذ قرارا يضر بالبلاد وشعبها...؟
فلو كان هذا هو المعنى الذي أراده المؤلف من عبارته، فإنه يكون قد جمع في دستوره نقيضين في وعاء واحد، وهو جمع لا يقبله العقل ولا المنطق، وهما الديمقراطية والدكتاتورية، فالمادة 6 تؤكد على أن نظام الحكم في الكويت ديمقراطي السيادة فيه للأمة، في حين أن المادة 54 تهدم هذه الديمقراطية وتعطي الحاكم سلطات مطلقة وتمنع الشعب من محاسبته أو حتى مجرد طلب استفسار منه بشأن قرار قد اتخذه.
إن العقل يقول بأن هذين الإحتمالين لابد وأن يكون واحد منهما هو ما قصده مؤلف الدستور عندما وضع المادة 6، ولكننا أثبتنا أعلاه بأن كلا من هذين الإحتمالين خارج عن إطار العقل والمنطق ولا يقبل به أي عاقل، الأمر الذي يجعل السؤال التالي يطرح نفسه:
هل هناك تفسيرا ثالثا يكشف غموض هذه المادة ويفسرها تفسيرا عقلانيا لا تناقض فيه...؟
هناك حقيقة غائبة ينبغي استحضارها والتعامل معها بروح المسئولية انطلاقا من حقيقة أن مصلحة الكويت وشعبه تعلو فوق المصالح الشخصية، وهي أن دستور 1962 المعمول به في الكويت، يحتوي على مواد تتناقض فيما بينها تناقضا صارخا، كما يحتوي على مواد غريبة خارجة عن نطاق العقل والمنطق. إننا في هذه المقالة القصيرة سنتناول إحدى هذه المواد بالتحليل المنطقي لنثبت هذه الحقيقة.
تقول المادة 54 من الدستور: "الامير رئيس الدولة، وذاته مصونة لا تمس..."
الشق الأول من المادة مفهوم وواضح، وهو أن حاكم الكويت هو رئيس الدولة، أما الغرابة والغموض فيكمن في الشق الثاني منها وهو: "وذاته مصونة لا تمس..."
فماذا كان يقصد مؤلف الدستور بعبارة: "وذاته مصونة لا تمس..."؟
المذكرة التفسيرية التي ألحقها المؤلف بدستوره لتفسير بعض مواده لا وجود فيها لأي ذكر لهذه المادة، الأمر الذي يضطرنا إلى أن نلجأ إلى العقل لطرح إحتمالات منطقية رأينا بأن واحدا منها يجب بالضرورة أن يكون هو ما قصده مؤلف الدستور عندما ضمن دستوره المادة 6.
إن هناك احتمالين اثنين لا ثالث لهما فيما يتعلق بتفسير هذه المادة وهما:
الإحتمال الأول:
أن يكون المؤلف قد قصد أن توجيه إهانة إلى شخص الحاكم مهما كان شكلها يعتبر مساس بذاته وهو أمر محظور.
ولكن كل إنسان على وجه الأرض هو في الإسلام وفي غير الإسلام ذات مصونة لا تمس، والإعتداء عليه بأي شكل من الأشكال حتى لو كان كافرا هو أمر محرم يعاقب عليه الشرع كما تعاقب عليه القوانين الوضعية، ولا فرق في هذه الحرمة بين إنسان حاكم وإنسان زبال. فهذه المسألة محسومة شرعا ووضعيا، وبالتالي لا يحتاج الحاكم إلى مادة خاصة تدرج في دستوره تحرم الإعتداء على شخصه، فيستبعد إذن أن مؤلف الدستور قد قصد هذا المعنى في عبارته.
الإحتمال الثاني:
أن يكون قد قصد أن محاسبة الحاكم بسبب أي قرار قد يتخذه حتى لو ترتب عليه حدوث كارثة تضر بالبلاد وشعبها هو أمر ممنوع دستوريا.
ولكن هذه المادة تتناقض مع المادة 6 من الدستور والتي تقول: "نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا" فكيف يكون نظام الحكم في الكويت ديمقراطي ورأس هذا النظام وقدوته والمعلم الأول للديمقراطية وهو الحاكم قد وضع نفسه فوق القوانين، ومنع في دستوره الشعب من محاسبته حتى لو اتخذ قرارا كارثيا يودي بالبلاد وشعبها إلى التهلكة...؟
ثم أية سيادة بقيت للأمة وهي عاجزة عن محاسبة حاكمها عندما يتخذ قرارا يضر بالبلاد وشعبها...؟
فلو كان هذا هو المعنى الذي أراده المؤلف من عبارته، فإنه يكون قد جمع في دستوره نقيضين في وعاء واحد، وهو جمع لا يقبله العقل ولا المنطق، وهما الديمقراطية والدكتاتورية، فالمادة 6 تؤكد على أن نظام الحكم في الكويت ديمقراطي السيادة فيه للأمة، في حين أن المادة 54 تهدم هذه الديمقراطية وتعطي الحاكم سلطات مطلقة وتمنع الشعب من محاسبته أو حتى مجرد طلب استفسار منه بشأن قرار قد اتخذه.
إن العقل يقول بأن هذين الإحتمالين لابد وأن يكون واحد منهما هو ما قصده مؤلف الدستور عندما وضع المادة 6، ولكننا أثبتنا أعلاه بأن كلا من هذين الإحتمالين خارج عن إطار العقل والمنطق ولا يقبل به أي عاقل، الأمر الذي يجعل السؤال التالي يطرح نفسه:
هل هناك تفسيرا ثالثا يكشف غموض هذه المادة ويفسرها تفسيرا عقلانيا لا تناقض فيه...؟