/
أَماوِيُّ قَد طالَ التَجَنُّبُ وَالهَجرُ ** وَقَد عَذَرَتني مِن طِلابِكُمُ العُذرُ
أَماوِيُّ إِنَّ المالَ غادٍ وَرائِحٍ ** وَيَبقى مِنَ المالِ الأَحاديثُ وَالذِكرُ
أَماوِيُّ إِنّي لا أَقولُ لِسائِلٍ ** إِذا جاءَ يَوماً حَلَّ في مالِنا نَزرُ
أَماوِيُّ إِمّا مانِعٌ فَمُبَيَّنٌ ** وَإِمّا عَطاءٌ لا يُنَهنِهُهُ الزَجرُ
أَماوِيُّ ما يُغني الثَراءُ عَنِ الفَتى ** إِذا حَشرَجَت نَفسٌ وَضاقَ بِها الصَدرُ
إِذا أَنا دَلّاني الَّذينَ أُحِبُّهُم ** لِمَلحودَةٍ زُلجٌ جَوانِبُها غُبرُ
وَراحوا عِجالاً يَنفُضونَ أَكُفَّهُم ** يَقولونَ قَد دَمّى أَنامِلَنا الحَفرُ
أَماوِيُّ إِن يُصبِح صَدايَ بِقَفرَةٍ ** مِنَ الأَرضِ لا ماءٌ هُناكَ وَلا خَمرُ
تَري أَنَّ ما أَهلَكتُ لَم يَكُ ضَرَّني ** وَأَنَّ يَدي مِمّا بَخِلتُ بِهِ صَفرُ
أَماوِيُّ إِنّي رُبَّ واحِدِ أُمِّهِ ** أَجَرتُ فَلا قَتلٌ عَلَيهِ وَلا أَسرُ
وَقَد عَلِمَ الأَقوامُ لَو أَنَّ حاتِماً ** أَرادَ ثَراءَ المالِ كانَ لَهُ وَفرُ
وَإِنِّيَ لا آلو بِمالٍ صَنيعَةٍ ** فَأَوَّلُهُ زادٌ وَآخِرُهُ ذُخرُ
يُفَكُّ بِهِ العاني وَيُؤكَلُ طَيِّباً ** وَما إِن تُعَرّيهِ القِداحُ وَلا الخَمرُ
وَلا أَظلِمُ اِبنَ العَمِّ إِن كانَ إِخوَتي ** شُهوداً وَقَد أَودى بِإِخوَتِهِ الدَهرُ
عُنينا زَماناً بِالتَصَعلُكِ وَالغِنى ** كَما الدَهرُ في أَيّامِهِ العُسرُ وَاليُسرُ
كَسَينا صُروفَ الدَهرِ ليناً وَغِلظَةً ** وَكُلّاً سَقاناهُ بِكَأسَيهِما الدَهرُ
فَما زادَنا بَأواً عَلى ذي قَرابَةٍ ** غِنانا وَلا أَزرى بِأَحسابِنا الفَقرُ
فَقِدماً عَصَيتُ العاذِلاتِ وَسُلِّطَت ** عَلى مُصطَفى مالي أَنامِلِيَ العَشرُ
وَما ضَرَّ جاراً يا اِبنَةَ القَومِ فَاِعلَمي ** يُجاوِرُني أَلّا يَكونَ لَهُ سِترُ
بِعَينَيَّ عَن جاراتِ قَومِيَ غَفلَةٌ ** وَفي السَمعِ مِنّي عَن حَديثِهِمِ وَقرُ
حاتم الطائي
/