فهد انصحك تقرا مؤلفات ابن خلدون وراح تعرف وين حنا رايحين
دولتنا في الرمق الاخير هل ياترى راح نشهد التطورات او لا
أي نقاش لقضية تفسير انهيار وموت الدول والامم لدى المفكرين لا بد ان يبدأ من العلامة العربي الكبير ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع المعاصر في العالم كله. ابن خلدون كان في طليعة المفكرين الذين ناقشوا القضية في عمله الخالد «المقدمة»، وقبل ان يتطرق اليها المؤرخون والمفكرون في الغرب بزمن طويل.
وحقيقة الامر ان هؤلاء المؤرخين والمفكرين عندما ناقشوا القضية بعد ذلك تأثروا بشدة بابن خلدون وافكاره بهذه الدرجة او تلك كما سنرى حالا. ماذا يقول ابن خلدون اذن عن هذه القضية؟
في رأي ابن خلدون، الدول لها دورة حياة مثلها بالضبط مثل الانسان.. أي تولد، ويقوى عودها وتشتد، وتهرم، ثم تموت. وبالنسبة اليه، الدولة تقوم على العصبية. والعصبية في مفهومه ليست مرادفا للمعنى الضيق المباشر الذي يرد الى ذهن البعض، لكنها تعني بتعبيراتنا المعاصرة الروح الوطنية والقومية. والعصبية التي تقوم عليها الدولة هي في رأيه تتعزز بالدين وهما متلازمان . في رأيه ان «الدعوة الدينية تزيد الدولة في اصلها قوة على قوة العصبية». العلاقة الوثيقة بين الدين والعصبية في قيام الدول وفي تفسير قوتها لدى ابن خلدون هي مرادف لما نقوله اليوم من تلازم لا غنى عنه بين العروبة والاسلام.
وابن خلدون قدم تصورا متكاملا لمراحل تطور الدول من قيامها حتى موتها. هذا التصور يقوم على ان الدول تمر بخمسة اطوار:
الطور الاول: طور القيام والنشأة. حيث «ان مجموعة من الناس اصحاب عصبية جاهدت وقاتلت حتى حصلت على الملك تجد انهم في المرحلة الاولى مجتمعين لان الملك حصل لهم جميعا فبينهم تعاون وتضافر وتلاحم».
والطور الثاني: هو ما يسميه طور الاستبداد والاستئثار بالسلطة والسلطان
والطور الثالث: طور الفراغ والدعة لتحصيل ثمرات الملك.
والطور الرابع: طور الخنوع والمسالمة والتقليد للسابقين بحيث «يقول الانسان ان ما كان عليه آباؤه واجداده هو السليم».
والطور الخامس: هو الاسراف والتبذير واصطناع قرناء السوء وابعاد الصالحين الناصحين.
وكما نرى، فان ابن خلدون قدم تصورا لمراحل الانهيار التدريجي للدول، وسبب الانهيار في كل مرحلة الى ان ينتهي الامر بزوال الدولة.
بعض المفكرين العرب اخذ على ابن خلدون انه قدم نظرية لقيام وتطور الدول وموتها باعتبارها قدرا حتميا، ومن ثم فلا مجال لإصلاح او انقاذ الدولة من الموت. فطالما ان هذه هي دورة الحياة الحتمية للدولة، فان المعنى الضمني المفهوم ان أي جهد او اصلاح لن ينقذها في نهاية المطاف من مصيرها المحتوم. لكن الحقيقة ان هذا حكم تعسفي الى حد كبير. ذلك ان حرص ابن خلدون على ان يحلل ويفسر اسباب وعوامل الانهيار التدريجي يعني بداهة ان معالجة هذه الاسباب وتجنب دواعي الانهيار هذه كفيل بأن ينقذ الدولة من الانهيار.
وعلى العموم لو اعدنا قراءة هذا العرض المبسط جدا لتصور ابن خلدون، سنكتشف فورا الاسباب التي تقف في رأيه وراء انهيار وموت الدول.
اتمنى ان لا نكون وصلنا للمرحله الخامسه ..