بس يا بحر ، أول فلم كويتي تم إنتاجه باللونين .. الأبيض والأسود ، والذي يروي لنا قصة مساعد وحبيبته نوره ، الى جانب تسليط الضوء على طبيعة المجتمع الكويتي واسلوب الحياة الطبعة التراثية لهذا المجتمع .
بس يابحر هو فلم وثائقي إضافة لكونه دراما ، حيث الجانب التراثي الذي نراه في هذا الفلم يترك لنا تاريخا عن حياة الآباء والأجداد ، هذا إضافة الى كونه قصة حب جميلة تبين لنا مدى تقدير المشاعر في ذلك الوقت ( سنة إنتاج الفلم ) ، والسؤال هو : ماذا لو تقرر إنتاج ذات الفلم في وقتنا الحاضر ؟ وماهي العواقب التي ستقابل هذا الإنتاج لو أنه تقرر إنتاجه ؟
من الملاحظ أن مجتمعنا الحالي محاصر بقيود كثيرة ، ولابد أنها سوف تكون أحد العواقب التي ستواجه إنتاج فلم ( بس يابحر ) لو تقرر إنتاجه الآن وليس سابقا ، نجح إنتاح إنتاج الفلم في الوقت السابق كون أن هذه القيود ليست مفروضة في الوقت السابق ، والسؤال أيضا : كيف أتت تلك القيود ؟ ومن أين أتت ؟ وما سبب انتشارها وسيطرتها على المجتمع وكأنها حبل يتم جرجرة رقبة المجتمع من خلاله ؟
في الفترة الزمينة قبل نهاية السبعينيات من القرن الماضي ، كانت الأمور تسير على سجيتها ، أبناء الفريج الواحد يلعبون ويلهون مع فتيات ذات الفريج ، لم يكن ديدنهم سوى حسن النوايا وثقة الآباء بأبنائهم وبناتهم ، وكانت كلمة ( عيب ) مستخدمة قبل كلمة ( حرام ومايجوز ) ، كانت العادات والتقاليد هي الإحترام والثقة بالآخرين ، ولم يكن لأحد أن يجرؤ أو يتعدى على حرمات الآخرين لأن الجميع قد تربوا على معرفة الـ ( عيب ) لذا كان الجميع يثق بتربية الآخرين لأبنائهم ، فقد كانت الكلمة : ( هذا ولدنا ) تعني الثقة بهذا الولد ، وليس كما هو معمول به اليوم لتسيير الواسطة .
لو تتبعنا سير الأحداث قبل انتشار مبدأ ( الحلال والحرام ) وقبل أن يطغى هذا المبدأ على مبدأ الـ ( عيب ) ، يجب علينا أيضا أن نتسائل إضافة الى التساؤلات التي طرحت سابقا : من أين أتت تلك الطفرة أو القفزة المغلفة بالدين بعد السبعينيات ومع بداية الثمانينيات ؟
مع تتبع الأحداث الـ ( سياسية ) نجد أنه في فترة أواخر السبعينيات من القرن الماضي ، ومع سقوط الشاه الإيراني ( محمد رضا بهلوي ) وسيطرة النظام الشيعي على إيران ، تأثرت المناطق المجاورة مع تلك الأحداث وخصوصا مبدأ ( تصدير الثورة ) ، حيث تجسد التأثير في دولة الكويت بتجمعات مسجد ( شعبان ) في منطقة شرق ، وحيث أن تلك التجمعات لم يكن من الكياسة إهمالها خصوصا وأنها تعتبر إمتدادا لمبدا ( تصدير الثورة الإيرانية ) ، فقد كانت أسماء ذات ثقل سياسي ونشطاء سياسيين يشاركون في تلك التجمعات ، والتي تغلب عليها الطابع الـ ( حضري ) على إختلاف المذهب – الدكتور أحمد الربعي كمثال – ولمواجهة تلك الأحداث فقد جاء رد الفعل الغير معلن وهو أمرين اثنين :
1 – التجنيد الإلزامي .
2 – إستيراد السلفية .
أما التجنيد الإلزامي فلم يكن سوى عملية ( تربية ) لأبناء الشعب الكويتي عن طريق استخدام مبدأ ( العصا لمن عصى ) ، ويتجسد ذلك من خلال عملية الإذلال للمجندين على يد العسكريين لكي يتم تشكيل شخصية ( المواطن المطيع للسلطة ) لكي يتم خلق الإحساس بالخوف للمواطن من السلطة ، ولا يخفى طريقة معاملة العسكريين للمدنيين سواء من الجيش أو الشرطة ، ومن عاش في فترة الثمانينيات وما قبل الغزو يتذكر جيدا اسلوب تعامل الشرطة للمدنيين سواء كانوا رجال المرور أو أفراد المخفر ، تلك الطريقة التي تغيرت جذريا بعد الغزو حيث نجد تلك الإبتسامة والروح المرحة لرجل الشرطة إضافة الى بعض العسكريين الـ cool ذوو قصة السبايكي والملابس العسكرية المخصرة ، هذا إضافة الى إلغاء التجنيد الإلزامي والذي انتهت صلاحيته مع انتهاء فكرة تصدير الثورة أو .. اتضاح عدم خطورتها .
وأما بالنسبة لغستيراد السلفية ، ومع مبدأ ( لا يفل الحديد إلا الحديد ) وكون أن الثورة الإيرانية قامت على أسس دينية ، فكان من السهولة بمكان إيجاد النقيض المقابل للطابع الديني الذي يقابل الثورة الإيرانية الشيعية وهو استيراد الفكر السلفي ونشره في البلد ، ولكن .. لاستيراد الفكر السلفي لابد من تهيئة البلد لنشر هذا الفكر ، فكان لابد من عملية ( البدونة ) ، والتي تضمن عملية موازنة بين أبناء البلد وتغيير التركيبة السكانية ولخلق حالة من التفرقة ( فرق تسد ) خصوصا وأن أبناء البلد لم يتأثرا باختلاف المذاهب بينهم ، فكان لابد من عملية البدونه وعملية الإحلال لكي يتم التفرقة بين أبناء البلد لمواجهة المد الثوري الذي تأثر به أبناء البلد الشيعة ( ثوريين ذوو نزعة دينية ) ، مع أبناء البلد السنة ( ثوريين ذوو نزعة سياسية ) ، لذا فقد جاءت سياسة البدونة والتي تصاحب في طياتها تهيئة وانتشار للفكر السلفي الذي يتميز بعمل الدعاية الدينية للسلطة خلافا للحركات الدينية السياسية الأخرى ( حركة الإخوان المسلمين ) .
وانقلب السحر على الساحر
الإسراف في العلاج لابد أن له آثارا سلبية لعملية الشفاء ، وبالنظر الى الحالة الإجتماعية والسياسية لبلدنا نلاحظ مدى الحالة السلبية التي ظهرت على البلد بعد الإسراف في معالجة المد الثوري وعملية تصدير الثورة الإيرانية ، حيث تغلغل الفكر السلفي واستشرى في جسد الأرض لدرجة أنه لا مجال للتخلص من ( تأثيره ) فمن الناحية الإجتماعية والسياسية ، فسياسيا ، نرى مخرجات عملية الإنتخابات والحياة البرلمانية سواء لمجلس الأمة أو المجلس البلدي وبعض السلوكيات الكوميدية من قبل الحكومة التي أصبح حالها كحال الجمهورية السورية حين ألغت الدستور ليوم واحد لتمرير بشار الأسد للسلطة ، ذات العملية الكوميدية نراها من قبل حكومتنا حين نرى ناخبين يتم تجنيسهم أو تغيير مادة جنسياتهم لتتناسب مع مكانتهم البرلمانية والإنتخابية ( بعد الفوز ) بالكرسي الإنتخابي . وعلى الرغم من أن السلطة قد ( ابتلشت بعمرها ) من عملية استيراد السلفية والآثار السلبية التي ظهرت بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم ، حيث وقعت حوادث تخريبية وسلوكيات شاذه من قبل عناصر تنتمي للحركات الدينية السلفية كمحاولة لإثبات الوجود ، سيما وأنه تبين بعد الغزو العراقي أنه لا امتداد لتصدير الثورة الإيرانية ، وحيث أنه اتضح أن ولاء أبناء الكويت من شيعة وسنة وحضر وبدو هو للكويت فقط ، وبعد أن تمسك أبناء الكويت بالحكومة الشرعية فقط ، ولم تظهر أي ( ترسبات ثورية أو انتقامية ) على أبناء البلد لا من الشيعة أصحاب الثورة الدينية أو من القوميين السنة ( السعدون – الربعي وزمرتهم ) أصحاب الثورة السياسية ، أما المحصلة النهائية لعلاج تلك المشكلة هي شيك على بياض تدفعه الحكومة لعناصر السلفية المستوردة لتمرير ما يمكن تمريره من تحت الطاولات وتبادل المصالح بين الطرفين ( الحكومة – السلفية المستوردة ) ويتمثل هذا السيك إما بتسهيل معاملات خاصة ومشاريع تجارية ، أو حتى مشاريع لها طابع خيري – الجمعيات الخيرية وصناديق التبرعات - .
العقل الكويتي المبدع .. الضحية
ماذا لو عملنا مقارنة بين سليمان الديكان وهيفاء وهبي ؟ أولا ، سوف يتسائل الكثيرون : من هو سليمان الديكان ؟ لابد أن طرح هذا الإسم سوف يقابله الكثير من علامات الإستفهام ، أما هيفاء وهبي ، أعتقد أنها معروفه للسرسري والمتدين على حد سواء – بغض النظر عن نظرة كلا الطرفين لها - ، الموسيقى حراام ، الفن حراام ، والرسم أيضا حراام ، تلك المفاهيم هي التي وأدت الإبداع بل قتلته قبل خروجه من الرحم ، تلك المفاهيم التي انتشرت عن طريق السلفية المستوردة ، بعد أن كان لدينا رواد الفن الكويتي ، سواء فن الموسيقى أو فن الرسم الذي يتم تحريمه عن طريق الدين ، كانت الكويت تزخر بأعلام ونجوم الفن الحقيقي ، أضحى اليوم الفنانين الحقيقيين نكرات ، ولن يعرف أحد – عدى القليلون – أسماء الفنانين الحقيقيين المتواجدين اليوم بيننا أمثال الفنان سليمان الديكان ، ذلك الملحن والمؤلف الشاب الذي يرسم من خلال الأوتار أعذب الألحان الموسيقية الجميلة ، والتي تداعب الخيال والوجدان ، قلة هم من يهتمون بالفن الأصيل أو يتعرفون عليه ، بينما الفن الهابط والذي ظُلِم الفن حين أطلقوا عليه اسم فن هابط ، حيث لا علاقة له بالفن ، هو المتسيد ، ولو لم يتم تحريم الفنون لكان لدينا الكثير من الفنانين الحقيقيين سواء المتخصصين بالموسيقى ، أي سوف تزخر الكويت بدلا من سليمان الديكان بالكثيرين ممن هم على شاكلته ، ولكان لدينا فنانين متخصصين بالرسم ، لو لم يتم تحريم الفن عن طريق السلفية ، لما تسيد الفن الهابط ، ولما قتل الإبداع الفني الحقيقي في مجتمعنا ، ولكن ، كل من يملك موهبة فنية لن يتم تشجيعه على تنمية موهبته ، ولذلك انقرض الفنانين أو هم تحت خطر الإنقراض ، وهذا هو سبب انتشار ما يسمى بالفن الهابط .
بس يابحر هو فلم وثائقي إضافة لكونه دراما ، حيث الجانب التراثي الذي نراه في هذا الفلم يترك لنا تاريخا عن حياة الآباء والأجداد ، هذا إضافة الى كونه قصة حب جميلة تبين لنا مدى تقدير المشاعر في ذلك الوقت ( سنة إنتاج الفلم ) ، والسؤال هو : ماذا لو تقرر إنتاج ذات الفلم في وقتنا الحاضر ؟ وماهي العواقب التي ستقابل هذا الإنتاج لو أنه تقرر إنتاجه ؟
من الملاحظ أن مجتمعنا الحالي محاصر بقيود كثيرة ، ولابد أنها سوف تكون أحد العواقب التي ستواجه إنتاج فلم ( بس يابحر ) لو تقرر إنتاجه الآن وليس سابقا ، نجح إنتاح إنتاج الفلم في الوقت السابق كون أن هذه القيود ليست مفروضة في الوقت السابق ، والسؤال أيضا : كيف أتت تلك القيود ؟ ومن أين أتت ؟ وما سبب انتشارها وسيطرتها على المجتمع وكأنها حبل يتم جرجرة رقبة المجتمع من خلاله ؟
في الفترة الزمينة قبل نهاية السبعينيات من القرن الماضي ، كانت الأمور تسير على سجيتها ، أبناء الفريج الواحد يلعبون ويلهون مع فتيات ذات الفريج ، لم يكن ديدنهم سوى حسن النوايا وثقة الآباء بأبنائهم وبناتهم ، وكانت كلمة ( عيب ) مستخدمة قبل كلمة ( حرام ومايجوز ) ، كانت العادات والتقاليد هي الإحترام والثقة بالآخرين ، ولم يكن لأحد أن يجرؤ أو يتعدى على حرمات الآخرين لأن الجميع قد تربوا على معرفة الـ ( عيب ) لذا كان الجميع يثق بتربية الآخرين لأبنائهم ، فقد كانت الكلمة : ( هذا ولدنا ) تعني الثقة بهذا الولد ، وليس كما هو معمول به اليوم لتسيير الواسطة .
لو تتبعنا سير الأحداث قبل انتشار مبدأ ( الحلال والحرام ) وقبل أن يطغى هذا المبدأ على مبدأ الـ ( عيب ) ، يجب علينا أيضا أن نتسائل إضافة الى التساؤلات التي طرحت سابقا : من أين أتت تلك الطفرة أو القفزة المغلفة بالدين بعد السبعينيات ومع بداية الثمانينيات ؟
مع تتبع الأحداث الـ ( سياسية ) نجد أنه في فترة أواخر السبعينيات من القرن الماضي ، ومع سقوط الشاه الإيراني ( محمد رضا بهلوي ) وسيطرة النظام الشيعي على إيران ، تأثرت المناطق المجاورة مع تلك الأحداث وخصوصا مبدأ ( تصدير الثورة ) ، حيث تجسد التأثير في دولة الكويت بتجمعات مسجد ( شعبان ) في منطقة شرق ، وحيث أن تلك التجمعات لم يكن من الكياسة إهمالها خصوصا وأنها تعتبر إمتدادا لمبدا ( تصدير الثورة الإيرانية ) ، فقد كانت أسماء ذات ثقل سياسي ونشطاء سياسيين يشاركون في تلك التجمعات ، والتي تغلب عليها الطابع الـ ( حضري ) على إختلاف المذهب – الدكتور أحمد الربعي كمثال – ولمواجهة تلك الأحداث فقد جاء رد الفعل الغير معلن وهو أمرين اثنين :
1 – التجنيد الإلزامي .
2 – إستيراد السلفية .
أما التجنيد الإلزامي فلم يكن سوى عملية ( تربية ) لأبناء الشعب الكويتي عن طريق استخدام مبدأ ( العصا لمن عصى ) ، ويتجسد ذلك من خلال عملية الإذلال للمجندين على يد العسكريين لكي يتم تشكيل شخصية ( المواطن المطيع للسلطة ) لكي يتم خلق الإحساس بالخوف للمواطن من السلطة ، ولا يخفى طريقة معاملة العسكريين للمدنيين سواء من الجيش أو الشرطة ، ومن عاش في فترة الثمانينيات وما قبل الغزو يتذكر جيدا اسلوب تعامل الشرطة للمدنيين سواء كانوا رجال المرور أو أفراد المخفر ، تلك الطريقة التي تغيرت جذريا بعد الغزو حيث نجد تلك الإبتسامة والروح المرحة لرجل الشرطة إضافة الى بعض العسكريين الـ cool ذوو قصة السبايكي والملابس العسكرية المخصرة ، هذا إضافة الى إلغاء التجنيد الإلزامي والذي انتهت صلاحيته مع انتهاء فكرة تصدير الثورة أو .. اتضاح عدم خطورتها .
وأما بالنسبة لغستيراد السلفية ، ومع مبدأ ( لا يفل الحديد إلا الحديد ) وكون أن الثورة الإيرانية قامت على أسس دينية ، فكان من السهولة بمكان إيجاد النقيض المقابل للطابع الديني الذي يقابل الثورة الإيرانية الشيعية وهو استيراد الفكر السلفي ونشره في البلد ، ولكن .. لاستيراد الفكر السلفي لابد من تهيئة البلد لنشر هذا الفكر ، فكان لابد من عملية ( البدونة ) ، والتي تضمن عملية موازنة بين أبناء البلد وتغيير التركيبة السكانية ولخلق حالة من التفرقة ( فرق تسد ) خصوصا وأن أبناء البلد لم يتأثرا باختلاف المذاهب بينهم ، فكان لابد من عملية البدونه وعملية الإحلال لكي يتم التفرقة بين أبناء البلد لمواجهة المد الثوري الذي تأثر به أبناء البلد الشيعة ( ثوريين ذوو نزعة دينية ) ، مع أبناء البلد السنة ( ثوريين ذوو نزعة سياسية ) ، لذا فقد جاءت سياسة البدونة والتي تصاحب في طياتها تهيئة وانتشار للفكر السلفي الذي يتميز بعمل الدعاية الدينية للسلطة خلافا للحركات الدينية السياسية الأخرى ( حركة الإخوان المسلمين ) .
وانقلب السحر على الساحر
الإسراف في العلاج لابد أن له آثارا سلبية لعملية الشفاء ، وبالنظر الى الحالة الإجتماعية والسياسية لبلدنا نلاحظ مدى الحالة السلبية التي ظهرت على البلد بعد الإسراف في معالجة المد الثوري وعملية تصدير الثورة الإيرانية ، حيث تغلغل الفكر السلفي واستشرى في جسد الأرض لدرجة أنه لا مجال للتخلص من ( تأثيره ) فمن الناحية الإجتماعية والسياسية ، فسياسيا ، نرى مخرجات عملية الإنتخابات والحياة البرلمانية سواء لمجلس الأمة أو المجلس البلدي وبعض السلوكيات الكوميدية من قبل الحكومة التي أصبح حالها كحال الجمهورية السورية حين ألغت الدستور ليوم واحد لتمرير بشار الأسد للسلطة ، ذات العملية الكوميدية نراها من قبل حكومتنا حين نرى ناخبين يتم تجنيسهم أو تغيير مادة جنسياتهم لتتناسب مع مكانتهم البرلمانية والإنتخابية ( بعد الفوز ) بالكرسي الإنتخابي . وعلى الرغم من أن السلطة قد ( ابتلشت بعمرها ) من عملية استيراد السلفية والآثار السلبية التي ظهرت بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم ، حيث وقعت حوادث تخريبية وسلوكيات شاذه من قبل عناصر تنتمي للحركات الدينية السلفية كمحاولة لإثبات الوجود ، سيما وأنه تبين بعد الغزو العراقي أنه لا امتداد لتصدير الثورة الإيرانية ، وحيث أنه اتضح أن ولاء أبناء الكويت من شيعة وسنة وحضر وبدو هو للكويت فقط ، وبعد أن تمسك أبناء الكويت بالحكومة الشرعية فقط ، ولم تظهر أي ( ترسبات ثورية أو انتقامية ) على أبناء البلد لا من الشيعة أصحاب الثورة الدينية أو من القوميين السنة ( السعدون – الربعي وزمرتهم ) أصحاب الثورة السياسية ، أما المحصلة النهائية لعلاج تلك المشكلة هي شيك على بياض تدفعه الحكومة لعناصر السلفية المستوردة لتمرير ما يمكن تمريره من تحت الطاولات وتبادل المصالح بين الطرفين ( الحكومة – السلفية المستوردة ) ويتمثل هذا السيك إما بتسهيل معاملات خاصة ومشاريع تجارية ، أو حتى مشاريع لها طابع خيري – الجمعيات الخيرية وصناديق التبرعات - .
العقل الكويتي المبدع .. الضحية
ماذا لو عملنا مقارنة بين سليمان الديكان وهيفاء وهبي ؟ أولا ، سوف يتسائل الكثيرون : من هو سليمان الديكان ؟ لابد أن طرح هذا الإسم سوف يقابله الكثير من علامات الإستفهام ، أما هيفاء وهبي ، أعتقد أنها معروفه للسرسري والمتدين على حد سواء – بغض النظر عن نظرة كلا الطرفين لها - ، الموسيقى حراام ، الفن حراام ، والرسم أيضا حراام ، تلك المفاهيم هي التي وأدت الإبداع بل قتلته قبل خروجه من الرحم ، تلك المفاهيم التي انتشرت عن طريق السلفية المستوردة ، بعد أن كان لدينا رواد الفن الكويتي ، سواء فن الموسيقى أو فن الرسم الذي يتم تحريمه عن طريق الدين ، كانت الكويت تزخر بأعلام ونجوم الفن الحقيقي ، أضحى اليوم الفنانين الحقيقيين نكرات ، ولن يعرف أحد – عدى القليلون – أسماء الفنانين الحقيقيين المتواجدين اليوم بيننا أمثال الفنان سليمان الديكان ، ذلك الملحن والمؤلف الشاب الذي يرسم من خلال الأوتار أعذب الألحان الموسيقية الجميلة ، والتي تداعب الخيال والوجدان ، قلة هم من يهتمون بالفن الأصيل أو يتعرفون عليه ، بينما الفن الهابط والذي ظُلِم الفن حين أطلقوا عليه اسم فن هابط ، حيث لا علاقة له بالفن ، هو المتسيد ، ولو لم يتم تحريم الفنون لكان لدينا الكثير من الفنانين الحقيقيين سواء المتخصصين بالموسيقى ، أي سوف تزخر الكويت بدلا من سليمان الديكان بالكثيرين ممن هم على شاكلته ، ولكان لدينا فنانين متخصصين بالرسم ، لو لم يتم تحريم الفن عن طريق السلفية ، لما تسيد الفن الهابط ، ولما قتل الإبداع الفني الحقيقي في مجتمعنا ، ولكن ، كل من يملك موهبة فنية لن يتم تشجيعه على تنمية موهبته ، ولذلك انقرض الفنانين أو هم تحت خطر الإنقراض ، وهذا هو سبب انتشار ما يسمى بالفن الهابط .