الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده ال>ين اصطفى ثم أما بعد...
الأخ الفاضل مصطفى...
نع>رة على التأخر لمشاغل عندي على العموم ...
بالنسبة لتعقيبك الأول أقولا لابد أن يفهم مراد المتقدمين من الكلام , فإن لم يثبت أبدا أن الصحابة رضي الله عنهم توسلوا بذات النبي صلى الله عليه وسلم وجب علينا أن نفهم كلامهم من كلامهم لا من كلامنا نحن...
بمعنى أن لفظ الخبر ( كنا نتوسل ) معناه أن هناك فعل حدث منهم قبلا في هذه المسألة , فإذا بحثنا ووجدنا أنه ليس ثمة توسل بالذات إنما هو توسل بالدعاء فهنا يلزم أن يكون هذا هو الفهم الصحيح لمعنى الكلام ...
والذي يعضدد هذا المعنى أيضا أنهم لم يتوسلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم , ومقام النبي لا يتغير سواء بالحياة أو بالممات ( وهذه المسألة أنت لا تخالف فيها )فدل ذلك على أنهم يطلبون الدعاء لا غيره وهذا بالإعتضاد بالنصوص الصحيحة الواردة في ذلك , وإلا فلماذا عدلوا عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى غيره من الناس ؟؟؟
وقد اتفقنا من قبل على أن التوسل عبادة , والأصل في العبادات التوقف حتى يصح فيها دليل وقد أحسنت أنت عندما أوردت الحديث المذكور لأن المسائل العلمية الشرعية لابد أن تستند على الأدلة ومناقشتها يكون بالأدلة...
حديث الرجل الأعمى الذي رواه الترمذي وأحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن النبي صلى الله عليه وسلم
أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادع الله أن يعافيني . قال : إن شئت دعوت لك وإن شئت أخرت ذاك فهو خير ( وفي رواية : وإن شئت صبرت فهو خير لك ) فقال : ادعه . فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء : " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم فشفعه في وشفعني فيه . قال : ففعل الرجل فبرأ"انتهى
هذا الحديث ليس فيه دلالة على جواز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم وذلك للأسباب الآتية...
1- أن الرجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم طالبا منه
الدعاء لا غير , وهذا يعضد الأقوال السابقة ويوضح سبب مجيء الرجل , ولو كان التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم مباحا لجلس الرجل في بيته وتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ولكنه جاء طالبا دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل بهذا الدعاء وهذا من الأنواع المشروعة.
2- يدلك على ما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (
إن شئت دعوت لك وإن شئت أخرت ذاك فهو خير ) وهذه الجملة تعني أن النبي صلى الله عليه وسلم يخيره بين أن يدعو له وبين أن يصبر وليس في الموضوع ثمة توسل بذات النبي إنما هو طلب الدعاء من خير البشر صلى الله عليه وسلم وألفاظ الحديث واضحة جدا...
3- توجه الرجل بعد ذلك وتوسل بالدعاء الذي أعطاه أياه النبي صلى الله عليه وسلم , وتجد في آخر الحديث الجملة التي أوردها أحمد والحاكم وهي صحيحة ولا يتعرض لها الكثير ممن يتناولون هذا الحديث وهي تدل على أن المسألة استشفاع وليست توسل , فكيف يشفع الأعمي في النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن تكون استشفاعا.
ومن هنا فلا يصح هذا الخبر أيضا في مسألة التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم , ولقد ناقشت هذا الأثر وغيره بنوع من التفصيل في هذا الموضوع
من هنا
والحمد لله رب العالمين