الى اصحاب الفقه الاوحد ((ثوب مافوق الكعب)) المسئه فيها اختلاف كبير!

اعجب من اصحاب الفقه الاوحد ان يجبروا المجتمع في اراء الي هم يرونها وفي الحقيقه كلما رايت نشرات تحث على لباس ما فوق الكعبين ظنيت انه مسئله محسومه بسبب قوة وكثره عددها وخاصه هناك كلام يقول مسبل في النار !! وهم لا شك فهموا الاحاديث خطاء

فذهب جمهور العلماء من المالكية(1)، والشافعية(2)، والحنابلة(3) وغيرهم إلى أن المحرم من الإسبال ما كان للخيلاء والبطر أما ما كان لغير ذلك فمنهم من قال بكراهته ومنهم من قال بإباحته وحملوا ما ورد النهي فيه عن الإسبال مطلقاً على المقيد

هناك علماء من شراح الاحاديث مثل ابن خجر والنووي ووالقاضي عياض والامام الشافعي هؤلاء كلهم قالوا ان القصد منه لخيلاء! الخيلاء يعني التكبر

بس هذا الزمن كلمن يسبل ولا يوجد فقراء

ثانيا ان كان قصد النجاسه فلماذا المراءه لا ترفع ازار؟ معنه شروطها بصلاة نفس الرجل؟

ثالثا ماهو السبب عدم احترام اراء الاخرين؟

الصراحه تفاجاءت بانه الامر مختلف عليه اساسا وليس من القطعيات !

والكارثه يصبغون عليها قدسيه وكانها من القطعيات !

-------------------
ملاحظه انا ليس من الفقهاء او من اصحاب العلم الشرعي بس افهم احسن من الفودري:)
 

عتيج الصوف

عضو مميز
أشكر بوعزوز على هذا الموضوع الجيد..
الذي يناقض الفكر الذي يناقش اتجاه الفقهاء "قديما" بتطبيقه حاليا..
ألا وهو..."اللبس الأسلامي المقصمل".
قرأت الكثير من النشرات و المصقات و الكتيبات التي تدعو الى "قصملت" الملابس الى مافوق الركب..والأدهى اننا بدأنا نرى اجتهادات فقهية و شخصية..جعلت الثوب الأسلامي قدسي..بتسميته السمت الأسلامي..وتقصيره الى مافوق الكعب بكثير..حتى يخال لك ان بعض "الملتحين" يرتدون "شورت البرمودا" بسبب قلقهم من النجاسة التي قد تطال ثوبهم..الظاهر بدشون "صبخة" او رايحين "يقمبرون" أي يصطادوا "القباقب" على الشاطئ.
انا اتفق مع الفقهاء بصحة الدليل الذي يقنعنا بتقصير الثوب الى الكعب تجنبا للنجاسة على الأرض..ولكن اختلف معهم في مبدأ أظهار "عصاقيلنا الجلحة" الى الركب لمجرد الفقيه او الشيخ الفلان قد أمر بذلك و دلل عليه "بجم حديث و آية قرآنية".
صحيح ان هناك الكثير من الناس يسدلون الثوب الى الأرض و يجرونه من خلفهم جرا..وخاصة "المحجبات" من اخواتنا المسلمات..التي يعتقد معظمهم ان الموضة او السمت الأسلامي هو ارتداء ثوب طويل واسع و "مخبخب" يسحب من الخلف..كأنه ستارة او "كنبل".
المسألة هي نظافة شخصية و ذوق عام..وليست الأستماع لوجهة نظر المتفقههين في رأيهم..بملابسنا..سواء كانت دشداشة "مخصرة"...أم جينز "واسع".
مر اكثر من 1400 عام على ظهور الأسلام..ومازال المتفقههين و الأمة الأسلامية..تناقش طول البنطال و الدشداشة....
خياطيين مو شيوخ افتاء :)
 
اهلا الشيخ عتيج

المصيبه بموضوع يجعلون الامر من القطعيات على الرغم هناك علماء فطاحل يقيدون المسئله ان كانت لتكبر
 

بوجسوم

عضو ذهبي
إليكم البحث:


الحمد لله حق حمده و الصلاة و السلام على نبيه و عبده محمد و آله و صحبه ،

أما بعد فهذه نتف من أقوال الأئمة على مر القرون ، في مسألة إسبال الثياب ، جمعتها في هذه الأوراق عسى أن تصحح المفاهيم . ذلك لأن الشائع من المؤلفات التي ترد علينا في هذا الباب يعطي انطباعًا خاطئًا . حتى إنه ليخيل لقارئها أنه ليس في المسألة غير قول واحد و هو التحريم . و هذا خلاف ما كان عليه علماء الأمة من السلف ...

أسأل الله تعالى أن يبين لنا سبيل الرشاد و يوفقنا إلى سلوكه ، و أن يشرح صدورنا للحق و قبوله و العمل به ، آمين



من العلماء المعاصرين الذين اشتهر عنهم القول بتحريم الإسبال مطلقًا ، و تأثر الناس بفتواهم ؛ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، حيث قال ما نصه :

إسبال الإزار إذا قصد به الخيلاء فعقوبته أن لاينظر الله تعالى إليه يوم القيامة ولايكلمه ولايزكيه وله عذاب أليم ، وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن يعذب مانزل من الكعبين بالنار لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ولاينظر إليهم ولايزكيهم ولهم عذاب أليم ؛ المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب " ، وقال :" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة "، فهذا فيمن جر ثوبه خيلاء.

وأما من لم يقصد الخيلاء ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار" ، ولم يقيد ذلك بالخيلاء . ولا يتضح أن يقيد بها بناء على الحديث الذي قبله ، لأن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج - أو قال لا جناح - عليه فيما بينه وبين الكعبين ، وماكان أسفل من ذلك فهو في النار ، ومن جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه يوم القيامة " رواه مالك وأبوداود والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه ، ولأن العملين مختلفان والعقوبتين مختلفتان ومتى اختلف الحكم والسبب امتنع حمل المطلق على المقيد لما يلزم على ذلك من التناقض .

وأما من احتج بحديث أبي بكر رضي الله عنه فنقول له ليس لك حجة فيه من وجهين : الأول أن أبا بكر رضي الله عنه قال إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فهو رضي الله عنه لم يرخ ثوبه اختيالاً منه بل كان ذلك يسترخي ومع ذلك فهو يتعاهده . والذين يسبلون ويزعمون أنهم لم يقصدوا الخيلاء يرخون ثيابهم عن قصد ، فنقول لهم : إن قصدتم إنزال ثيابكم إلى أسفل من الكعبين بدون قصد الخيلاء عذبتم على مانزل فقط بالنار ، وإن جررتم ثيابكم خيلاء عذبتم بما هو أعظم من ذلك لايكلمكم الله يوم القيامة ولاينظر إليكم ولايزكيكم ولكم عذاب أليم.

الوجه الثاني أن أبا بكر رضي الله عنه زكاه النبي صلى الله عليه وسلم وشهد له أنه ليس ممن يصنع ذلك خيلاء فهل نال أحد من هؤلاء تلك التزكية والشهادة ؟ ولكن الشيطان يفتح لبعض الناس المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ليبرر لهم ماكانوا يعملون والله يهدي من يشاء إلى الصراط المستقيم . اهـ

قلت : كلام الشيخ رحمه الله مبني على أساس تعذر حمل المطلق على المقيد لاختلاف الحكمين ، فقد قال في إحدى فتاواه :

" ثم إن بعض الناس إذا أنكر عليه الإسبال ، قال : إنني لم أفعله خيلاء . فنقول له : الإسبال نوعان ؛ نوع عقوبته أن يعذب الإنسان عليه في موضع المخالفة فقط ، و هو ما أسفل من الكعبين بدون خيلاء ، فهذا يعاقب عليه في موضع المخالفة ؛ و هو ما نزل عن الكعبين ، و لا يعاقب فاعله بأن الله لا ينظر إليه و لا يزكيه . و نوع عقوبته أن الله لا يكلمه و لا ينظر إليه يوم القيامة و لا يزكيه و له عذاب أليم ، و هذا فيمن جره خيلاء ، هكذا نقول له .اهـ

و قد سبقه إلى ذلك الأمير الصنعاني في جزء له سماه ( استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال ) . قال ما ملخصه (ص26) :" وقد دلَّت الأحاديث على أن ما تحت الكعبين في النار ، وهو يفيد التحريم . ودل على أن من جَرّ إزاره خيلاء لا يَنْظر الله إليه ، وهو دال على التحريم ، وعلى أن عقوبة الخيلاء عقوبة خاصة هي عدم نظر الله إليه ، وهو مما يُبْطل القول بأنه لا يحرم إلا إذا كان للخيلاء ".اهـ

و هذا يخالف ما ذكره في ( سبل السلام ) كما سيأتي قريبًا إن شاء الله ، حيث وافق الجمهور بتقييد التحريم بالخيلاء ، و هو الصواب لما سنبيّنه إن شاء الله . ولعل رسالة الصنعاني هذه هي التي عناها الشوكاني رحمه الله في (نيل الأوطار (1/641حيث قال : وقد جمع بعض المتأخرين رسالة طويلة جزم فيها بتحريم الإسبال مطلقاً .اهـ

و مهما يكن ، فإن المتأمل في أحكام الإسبال يجد أنّ موردها واحد ، إذ أنه لا اختلاف بين التعذيب بالنار و عدم نظر الله ، بل هما متلازمان . و قد فسروا عدم النظر بعدم الرحمة ، قال في ( المستخرج ) : معنى قوله "لا ينظر إليهم" أي لايرحمهم ، والنظر من الله لعباده إنما هو رحمته لهم ورأفته بهم ، ومنه قول القائل : انظر إلي ينظر الله إليك أي ارحمني رحمك الله . اهـ

و قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي – فيما نقله ابنه أبو زرعة في ( طرح التثريب ) -: عبر عن المعنى الكائن عند النظر بالنظر ؛ لأن من نظر إلى متواضع رحمه ومن نظر إلى متكبر مقته ، فالرحمة والمقت متسببان عن النظر.اهـ

و قد جمع هذه المعاني حديث أبي ذر رضي الله عنه :" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، قال : فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار. قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله ؟ قال:"المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب". رواه مسلم برقم (106) .

و قد اشتمل على أربعة أحكام كلها متلازمة ، و على طريقة الشيخ رحمه الله بالتفريق ، فإنه يلزمه أن يكون هذا الحديث بيانًا لحكم ثالث ، غير ( الجرّ ) و غير ( ما أسفل الكعبين ) ، لاختلاف العقوبة فيه ... و هذا بيّن البطلان ، لأن من مقته الله لم يرحمه ، و من لم يرحمه عذّبه . فالعقوبة بالنار نتيجة للإعراض و عدم التزكية .

هذا ، و قد روى حديثَ أبي ذر ، الإمامُ النسائي في ( الصغرى 4458) بلفظ :" المسبل إزاره " ، و هي رواية لمسلم (106) ، و في ( الكبرى 6050) بلفظ : " المسبل إزاره خيلاء ..." فرجع التقييد بـ( الخيلاء ).

و مما يدل على أن العقوبة واحدة ؛ حديث هبيب الغفاري رضي الله عنه أنه رأى محمد القرشي قام يجر إزاره فنظر إليه هبيب فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من وطئه خيلاء – أي إزاره كما في رواية - وطئه في النار" رواه أحمد (3/437) و أبو يعلى ( 1542) و الطبراني في ( الكبير 544) قال في ( مجمع الزوائد 5/125) : رجال أحمد رجال الصحيح خلا أسلم أبا عمران وهو ثقة .اهـ و صححه الألباني رحمه الله في ( صحيح الترغيب و الترهيب ) برقم (2040) .

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في ( التخويف من النار 1/118) : وفي مسند الإمام أحمد عن هبيب بن المغفل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :" من وطئ إزاره خيلاء وطئه في النار" وهو يبين معنى ما في صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " ما تحت الكعبين من الإزار ففي النار " ، أن المراد ما تحت الكعب من البدن والثوب معا وأنه يسحب ثوبه في النار كما يسحبه في الدنيا خيلاء .اهـ

قلت : فعلى هذا ، فإنّ قوله " ما أسفل الكعبين ففي النار" بيانٌ لمحل الحكم الذي سببه مُبَيّنٌ في قوله " لا ينظر الله ..." و المعنى ؛ أنه من أسبل ثوبه خيلاء أصابت النارُ ما تحت كعبيه . و إنما لم تصب ما فوقهما لأن ما فوقهما من الثياب مأذون به على كل حال ، و إلى هذا يرشد قوله " و لا جناح عليه فيما بينه و بين الكعبين " .

و يظهر هذا المعنى أكثر في حديث ابن عمر رضي الله عنهما من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل ، و فيه: " ارفع الإزار فإن ما مست الأرض من الإزار إلى ما أسفل من الكعبين في النار " ، رواه أحمد في المسند (5724) .

فظهر بالدليل الصريح أن العقوبتين عقوبة واحدة و أنّ موردهما واحد . و إذا كان الأمر كذلك ، وجب حمل مطلق الإسبال على قيد المخيلة ، كما تقتضي قواعد علم الأصول . قال الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله البسام رحمه الله : " ( إن القاعدة الأصولية هي حمل المطلق على المقيد وهي قاعدة مطردة في عموم نصوص الشريعة. والشارع الحكيم لم يقيد تحريم الإسبال – بالخيلاء – إلا لحكمة أرادها ولولا هذا لم يقيده. والأصل في اللباس الإباحة ، فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . والشارع قصد من تحريم هذه اللبسة الخاصة قصد الخيلاء من الإسبال وإلا لبقيت اللبسة المذكورة على أصل الإباحة. وإذا نظرنا إلى عموم اللباس وهيئاته وأشكاله لم نجد منه شيئاً محرماً إلا وتحريمه له سبب وإلا فما معنى التحريم وما الغرض منه ، لذا فإن مفهوم الأحاديث أن من أسبل ولم يقصد بذلك الكبر والخيلاء ، فإنه غير داخل في الوعيد ".اهـ من ( توضيح الأحكام من بلوغ المرام 6/246 )

قلت : هذا هو الصواب الذي لا يسع أحدًا الحيد عنه ، و هو الذي تلتئم به كل الأدلة و يتوافق و شرائع الإسلام . و هو مذهب أئمة الإسلام قديمًا و حديثًا ؛

فقد جاء في (كشاف القناع للبهوتي 1/277 ) :

قال أحمد في رواية حنبل :" جر الإزار وإسبال الرداء في الصلاة إذا لم يرد الخيلاء فلا بأس"

و في (المجموع) شرح (المهذب) للنووي رحمه الله:

" يحرم اطالة الثوب والإزار والسراويل على الكعبين للخيلاء ، ويكره لغير الخيلاء ، نص عليه الشافعي في (البويطي ) وصرح به الأصحاب."

و جاء في ( الآداب الشرعية ) لابن مفلح الحنبلي ، في فصل ( في مقدار طول الثوب للرجل والمرأة وجر الذيول ) ؛ قال صاحب ’المحيط ‘ من الحنفية :" وروي أن أبا حنيفة رحمه الله ارتدى برداء ثمين قيمته أربعمائة دينار ، وكان يجره على الأرض فقيل له : أولسنا نهينا عن هذا ؟ فقال : إنما ذلك لذوي الخيلاء ولسنا منهم " .

واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله عدم تحريمه ولم يتعرض لكراهة ولا عدمها . وقال أبو بكر عبد العزيز : يستحب أن يكون طول قميص الرجل إلى الكعبين وإلى شراك النعل وهو الذي في المستوعب , قال أبو بكر : وطول الإزار إلى مد الساقين , قال وقيل إلى الكعبين.اهـ

و قال ابن عبد البر رحمه الله في ( التمهيد3/244 ) :

الـخيلاء: التكبر ، وهي الـخيلاء ، والـمخيلة. يقال منه: رجل خال ومختال شديد الـخيلاء ، وكل ذلك من البطر والكبر والله لا يحب الـمتكبرين ، ولا يحب كل مختال فخور.

وهذا الـحديث يدل علـى أن من جرّ إزاره من غير خيلاء ولا بطر ، أنه لا يلـحقه الوعيد الـمذكور. غير أن جرّ الإزار والقميص وسائر الثـياب مذموم علـى كل حال . وأما الـمستكبر الذي يجر ثوبه فهو الذي ورد فـيه ذلك الوعيد الشديد.

وجاء في ( شرح صحيح مسلم للنووي رحمه الله 2/116) :

"وأما قوله صلى الله عليه وسلم :" المسبل إزاره " فمعناه المرخى له الجار طرفه خيلاء كما جاء مفسرا فى الحديث الآخر" لا ينظر الله الى من يجر ثوبه خيلاء " ، والخيلاء الكبر وهذا التقييد بالجر خيلاء يخصص عموم المسبل ازاره ويدل على أن المراد بالوعيد من جره خيلاء . وقد رخص النبىّ صلى الله عليه وسلم فى ذلك لأبي بكر الصديق رضى الله عنه وقال :" لست منهم " ، إذ كان جره لغير الخيلاء "
 

بوجسوم

عضو ذهبي
و قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (22\138):

والفعل الواحد فى الظاهر يثاب الإنسان على فعله مع النية الصالحة ويعاقب على فعله مع النية الفاسدة . وضرب عدة أمثلة ثم قال: وكذلك اللباس فمن ترك جميل الثياب بخلا بالمال لم يكن له أجر ، ومن تركه متعبدا بتحريم المباحات كان آثما ، ومن لبس جميل الثياب إظهارا لنعمة الله وإستعانة على طاعة الله كان مأجورا ، ومن لبسه فخرا وخيلاء كان آثما ، فإن الله لا يحب كل مختال فخور . ولهذا حرم إطالة الثوب بهذه النية كما فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله يوم القيامة إليه " فقال أبوبكر: يا رسول الله إن طرف إزارى يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه ؟ فقال :" يا أبا بكر إنك لست ممن يفعله خيلاء " . وفى الصحيحين عن النبى أنه قال :" بينما رجل يجر إزاره خيلاء إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ". فهذه المسائل ونحوها تتنوع بتنوع علمهم وإعتقادهم .اهـ ( أي بحسب نياتهم و مقاصدهم ).

وقال رحمه الله في ( شرح العمدة 4/363 ) :

وهذه نصوص صريحة في تحريم الإسبال على وجه المخيلة ، والمطلق منها محمول على المقيد ، وإنما أطلق ذلك ؛ لأن الغالب أن ذلك إنما يكون مخيلة . ثم قال: ولأن الأحاديث أكثرها مقيدة بالخيلاء فيحمل المطلق عليه ، وما سوى ذلك فهو باقٍ على الإباحة ، وأحاديث النهي مبنية على الغالب والمظنة.اهـ

و قال الذهبي رحمه الله في ( الكبائر ص215) : الكبيرة الخامسة والخمسون : إسبال الإزار والثوب واللباس والسراويل تعززا وعجبا وفخرا وخيلاء . قال الله تعالى ( ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور ) .اهـ

و قال الشوكاني رحمه الله في (نيل الأوطار ) :

الحديث يدل على تحريم جر الثوب خيلاء . والمراد بجره هو جره على وجه الأرض وهو الموافق لقوله صلى الله عليه وسلم :"ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار". وظاهر التقييد بقوله : خيلاء , يدل بمفهومه أن جر الثوب لغير الخيلاء لا يكون داخلا في هذا الوعيد .

و قال الصنعاني رحمه الله في ( سبل السلام4/158) :

والمراد : جر الثوب على الأرض ، وهو الذي يدل له حديث البخاري " ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار" . وتقييد الحديث بالخيلاء دال بمفهومه أنه لا يكون من جره غير خيلاء داخلا في الوعيد . وقد صرح به ما أخرج البخاري وأبو داود والنسائي أنه قال أبو بكر رضي الله عنه لما سمع هذا الحديث: إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم:"إنك لست ممن يفعله خيلاء" ، وهو دليل على اعتبار المفاهيم من هذا النوع.اهـ

وجاء في ( فتح الباري 10/263) لابن حجر:

وفي هذه الأحاديث أن إسبال الإزار للخيلاء كبيرة، وأما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث تحريمه أيضا، لكن استدل بالتقييد في هذه الأحاديث بالخيلاء على أن الإطلاق في الزجر الوارد في ذم الإسبال محمول على المقيد هنا، فلا يحرم الجر والإسبال إذا سلم من الخيلاء.

و جاء في ( طرح التثريب ) للحافظ أبي زرعة العراقي رحمه الله :

التقييد بالخيلاء يخرج ما إذا جره بغير هذا القصد , ويقتضي أنه لا تحريم فيه وقد تقدم من صحيح البخاري وغيره قول أبي بكر رضي الله عنه :" إن أحد شقي ثوبي يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك لست تصنع ذلك خيلاء " وبوب البخاري في صحيحه باب : من جر إزاره من غير خيلاء , وأورد فيه هذا الحديث وحديث أبي بكرة :" خسفت الشمس ونحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام يجر ثوبه مستعجلا حتى أتى المسجد ... الحديث".اهـ

و قال الباجي رحمه الله في ( المنتقى7/226 ) :

قوله صلى الله عليه وسلم " الذي يجر ثوبه خيلاء " يريد كبرا . وقال عيسى بن دينار عن ابن القاسم : الخيلاء الذي يتبختر في مشيه , ويختال فيه ويطيل ثيابه بطرا من غير حاجة إلى أن يطيلها ولو اقتصد في ثيابه ومشيه لكان أفضل له , قال الله عز وجل (والله لا يحب كل مختال فخور) . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أرخص في الخيلاء في الحرب , وقال :" إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع " . ومعنى ذلك والله أعلم لما فيه من التعاظم على أهل الكفر والاستحقار لهم والتصغير لشأنهم .

و قال : وقوله صلى الله عليه وسلم " الذي يجر ثوبه خيلاء " يقتضي تعلق هذا الحكم بمن جره خيلاء أما من جره لطول ثوب لا يجد غيره أو عذر من الأعذار فإنه لا يتناوله الوعيد . وقد روي " أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما سمع هذا الحديث قال : يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لست ممن يصنعه خيلاء " . وروى الحسن بن أبي الحسن البصري عن أبي بكرة : " خسفت الشمس ونحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام يجر ثوبه مستعجلا حتى أتى المسجد ".اهـ

وجاء في (فيض القدير للمناوي رحمه الله 5/420 ):

أي محل الإزار " ففي النار " حيث أسبله تكبرا كما أفهمه خبر " لا ينظر الله إلى من يجر ثوبه خيلاء " فكنى بالثوب عن بدن لابسه ومعناه : أن الذي دون الكعبين من القدم يعذب عقوبة له فهو من تسمية الشيء باسم ما جاوره أو حل فيه .

و فيه أيضا: (المسبل إزاره) الذي يطوّل ثوبه ويرسله إذا مشى تيهاً وفخراً (خيلاء) أي يقصد الخيلاء بخلافه لا بقصدها ولذلك رخص المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء.اهـ

و قال السيوطي رحمه الله في ( تنوير الحوالك 1/217 ) :

" ما أسفل من ذلك " ، (ما) موصولة و (أسفل) بالنصب خبر كان محذوفة والجملة صلة . ويجوزكون (ما) شرطية و (أسفل) فعل ماض . (ففي النار) أي محله من الرجل وذلك خاص بمن قصد به الخيلاء .

و في ( الديباج 1/121) :

" المسبل إزاره المرخي له الجار طرفيه خيلاء فهو مخصص بالحديث الآخر "لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء " ، وقد رخص صلى الله عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء ."

وقال السندي في حاشيته على (سنن النسائي) في شرح حديث" ثلاثة لا يكلمهم الله... ومنهم المسبل": "المسبل" من الإسبال بمعنى الإرخاء عن الحد الذي ينبغي الوقوف عنده والمراد إذا كان عن مخيلة والله تعالى أعلم .

و في حاشيته على ( البخاري4/ 24 ) قال معلقًا على حديث " ما أسفل من الكعبين فهو في النار" : أي إذا كان ذلك خيلاء .

و هو اختيار البخاري رحمه الله في جامعه الصحيح حيث عقد بابًا و ترجم له : من جر إزاره من غير خيلاء . و ذكر تحته حديثين ؛

أحدهما عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال:" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر اللَّه إليه يوم القيامة ، فقال أبو بكر: يا رسول اللَّهِ إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده . فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: إنك لست ممن يفعله خيلاء ".

و الآخر عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:" خَسَفَتْ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلاً حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ وَثَابَ النَّاسُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَجُلِّيَ عَنْهَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَالَ :" إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئاً فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يَكْشِفَهَا ".

و أورد أبو عوانة في مسنده الصحيح حديث ابن عمر رضي الله عنهما و خرجه من وجوه و أردفه بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :" إزرة المؤمن ..." و ترجم عليها : (الأخبار الناهية عن جر الرجل إزاره بطرا وخيلاء والتشديد فيه والدليل على أن من لم يرد به خيلاء لم تكن عليه تلك الشدة ).

و ذكر ابن حبان في صحيحه : باب : ذكر الزجر عن إسبال المرء إزاره إذ الله جل وعلا لا ينظر إلى فاعله ، وذكرحديث المغيرة بن شعبة قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بحجزة سفيان بن أبي سهيل فقال:" يا سفيان لا تسبل إزارك ، فإن الله لا ينظر إلى المسبلين".(رقم5442)

ثم ذكر بعده (باب ): ذكر العلة التي من أجلها زجر عن هذا الفعل ، و ذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما :" من جر ثيابه من مخيلة فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة ". رقم (5443 )

وكان قد ذكر في موطن آخر من صحيحه (2/281) حديث أبي جري الهجيمي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إنا قوم من أهل البادية، فعلمنا شيئا ينفعنا الله به، فقال: " لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تكلم أخاك، ووجهك إليه منبسط. وإياك وإسبال الإزار، فإنه من المخيلة، ولا يحبها الله. وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك، فلا تشتمه بما تعلم فيه، فإن أجره لك، ووباله على من قاله".
 

بوجسوم

عضو ذهبي
قال أبو حاتم ( ابن حبان ): الأمر بترك استحقار المعروف أمر قصد به الإرشاد. والزجر عن إسبال الإزار زجر حتم لعلة معلومة ، وهي الخيلاء ، فمتى عدمت الخيلاء ، لم يكن بإسبال الإزار بأس . والزجر عن الشتيمة ، إذا شوتم المرء ، زجر عنه في ذلك الوقت ، وقبله ، وبعده ، وإن لم يشتم.اهـ

و مما يدل على أن قوله "ما أسفل الكعبين .." داخلة في معنى "من جرّ ثوبه ..." ؛ أن الصحابة الذين رووا اللفظ الأول كانوا يحتجّون على المسبلين باللفظ الثاني . فعن محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة ورأى رجلا يجر إزاره ، فجعل يضرب الأرض برجله وهو أمير على البحرين ، وهو يقول : جاء الأمير، جاء الأمير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله لا ينظر إلى من يجر إزاره بطرًا " رواه الشيخان و اللفظ لمسلم .

و عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه رأى رجلا يجر إزاره فقال: ممن أنت؟ فانتسب له فإذا رجل من بني ليث فعرفه ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول :" من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة " رواه مسلم (2086) .

و قد أُشكل على بعض الأفاضل كون الأمرين وردا جميعًا في حديث واحد ؛ و هو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : " إزرة المؤمن إلى إنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بينه و بين الكعبين ، ما أسفل من ذلك ففي النار، ما أسفل من ذلك ففي النار. لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا " . و قد مر تخريجه ، و هذا لفظ الإمام مالك رحمه الله في الموطأ ، و هو أصحها . و زعم بعضهم أن الجمع بين العقوبتين في لفظ واحد دليل على اختلافهما.

و الجواب : أن قوله " لا ينظر الله يوم القيامة ..." في الحديث هو تذييل لتقرير حكم و تعليله . و لذلك لم تعطف على ما قبلها ، كما في الرواية السابقة ، و إن كان قد أثبت بعضهم حرف العطف و لكن هذه أرجح . و المعنى : أن من أسبل ثوبه خيلاء وكبرًا ، حق له أن يطأ في النار إلى كعبيه ، لأن الله لا يرحمه يوم القيامة بل يمقته. و هذا ما فهمه الإمام مالك من الحديث ، حيث أورده في (باب) ما جاء في إسبال الرجل ثوبه .

و الدليل على أن قوله " ما أسفل الكعبين " يراد به الإسبال ، حديث جابر بن سليم رضي الله عنه الطويل وفيه:" وارفع إزارك إلى نصف الساق ، فإن أبيتَ فإلى الكعبين ، وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة ، وإن الله لا يحب المخيلة " رواه أحمد (4/64) و أبو داود (4084) و ابن حبان في صحيحه (521) و غيرهم .

فتأمل كيف اعتبر مجاوزة الكعبين إسبالاً فنهاه عن ذلك . فصار قوله " إياك و الإسبال " في هذا الحديث ، مقابل قوله " ما أسفل من ذلك ففي النار" في حديث أبي سعيد الخدري ، و كذلك هي السنة يصدق بعضها بعضًا .

و نظيره حديث ابن عمر رضي الله عنهما :" الإسبال في الإزار والقميص والعمامة ، من جر شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " . رواه ابن أبي شيبة في المصنف ، و أبو داود (4094) والنسائي (8/208) وابن ماجة (3576) وغيرهم من طريق عبد العزيز بن أبي رواد .

فقد أجمل الإسبال المنهي عنه ثم بيّن المقصود بالنهي . فهل يصلح أن يقال : أنّ فيه حكمين ؛ الإسبال مطلقًا ، و الجر خيلاء ؟؟؟ لا يمكن ذلك و لا يستقيم ، لأنك أنّى توجهت وجدت الإسبال مرادفًا للجرّ و مقيّدًا بالمخيلة .

و أمّا ما ذكره الشيخ – أعني ابن عثيمين رحمه الله - في حديث أبي بكر رضي الله عنه ، فجوابه عن الوجه الأول ؛ أن العبرة ليست في الحيثية التي اعتذر بها أبو بكر رضي الله عنه ، و لكنّ العبرة في جواب رسول الله صلى الله عليه و سلم . و جواب رسول الله صلى الله عليه و سلم صريح في إناطة الحكم بالخيلاء . حيث عدل عما يوهم أنه خاص بأبي بكر أو بمن له عذر إلى لفظ عام يناط به الحكم وجودًا و عدمًا .

و لو كان الأمر كما قال الشيخ رحمه الله و من ذهب مذهبه ، لكان جواب رسول الله صلى الله عليه و سلم متعلقًا بتلك الحيثيات ، كأن يقول له مثلاً :" ما دمت تتعاهده فلا بأس " ، أو " إنك لم تسبل ابتداءً " فلا حرج عليك ، أو ما شابه ذلك ...

و أما الوجه الثاني فجوابه : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان في مقام الإفتاء و بيان الأحكام و ليس في مقام المدح و الثناء .

و أمّا قول الشيخ رحمه الله :" ولكن الشيطان يفتح لبعض الناس المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ليبرر لهم ماكانوا يعملون " ، فوددت أني لم أقرأه ، لأن هؤلاء البعض في الحقيقة هم عامة علماء المسلمين و أئمّتهم من السلف و الخلف . كلهم يستدل بحديث أبي بكر على أن التحريم مقيد بما ذُكر فيه .

وهناك من العلماء من قال :- إن إطالة الثوب في حد ذاتها خيلاء ، فتكون محرمة ، وأنه لا يتصور من أحد أن يطيل ثوبه لغير الخيلاء ، وأن من ادعى أنه يطيله للعادة ، وليس للخيلاء فهو كاذب في دعواه ، قال ذلك ابن العربي في ( عارضة الأحوذي ) ، قال: لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ، ويقول: لا أجرُّه خيلاء! لأن النهي قد تناوله لفظاً ، ولا يجوز لمن تناوله اللفظ حكماً أن يقول: لا أمتثله لأن تلك العلة ليست فيّ ، فإنها دعوى غير مسلمة ، بل إطالته ذيله دالة على تكبره.اهـ

وقد نقل ابن حجر رحمه الله هذا الكلام ، وعلق عليه - كالمؤيد له – بقوله : وحاصله أن الإسبال يستلزم جر الثوب ، وجر الثوب يستلزم الخيلاء ، ولو لم يقصد اللابس الخيلاء ، ويؤيده ما أخرجه أحمد بن منيع من وجه آخر عن ابن عمر في أثناء حديث رفعه : "وإياك وجر الإزار فإن جر الإزار من المخيلة " ، وأخرج الطبراني من حديث أبي أمامة : " بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة إزار ورداء قد أسبل ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بناحية ثوبه ويتواضع لله ، ويقول: " عبدك وابن عبدك وأمتك " حتى سمعها عمرو فقال: يا رسول الله إني حمش الساقين فقال: " يا عمرو إن الله قد أحسن كل شيء خلقه ، يا عمرو إن الله لا يحب المسبل ... الحديث " وأخرجه أحمد من حديث عمرو نفسه ، لكن قال في روايته : "عن عمرو بن فلان" ، وأخرجه الطبراني أيضاً فقال: عن عمرو بن زرارة وفيه :" ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة أصابع تحت الأربع ، فقال: يا عمرو هذا موضع الإزار ...الحديث". ورجاله ثقات ، وظاهره أن عمراً المذكورلم يقصد بإسباله الخيلاء ، وقد منعه من ذلك لكونه مظنته . وأخرج الطبراني من حديث الشريد الثقفي قال: أبصر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قد أسبل إزاره فقال: "ارفع إزارك" فقال إني أحنف تصطك ركبتاي ، قال: "ارفع إزارك فكل خلق الله حسن" . وأخرجه مسدد وأبو بكر بن أبي شيبة من طرق عن رجل من ثقيف لم يسم وفي آخره :"وذاك أقبح مما بساقيك" انتهى كلام الحافظ رحمه الله.

و قد تعقبه الشوكاني رحمه الله فقال في ( نيل الأوطار 2/113) : وقد عرفت ما في حديث الباب من قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء وهو تصريح بأن مناط التحريم الخيلاء ، وأن الإسبال قد يكون للخيلاء ، وقد يكون لغيره ، فلابد من حمل قوله :" فإنها من المخيلة " في حديث جابر بن سليم ، على أنه خرج مخرج الغالب ، فيكون الوعيد المذكور في حديث الباب متوجهاً إلى من فعل ذلك اختيالاً ، والقول : بأن كل إسبال من المخيلة أخذاً بظاهر حديث جابر ترده الضرورة ، فإن كل أحد يعلم أن من الناس من يسبل إزاره مع عدم خطور الخيلاء بباله . ثم قال: وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث وعدم إهدار قيد الخيلاء المصرح به في الصحيحين . ثم قال: وحمل المطلق على المقيد واجب ، وأما كون الظاهر من عمرو أنه لم يقصد الخيلاء فما بمثل هذا الظاهر تعارض الأحاديث الصحيحة .اهـ

قلت : و ممن تبنىّ هذا القول من العلماء المعاصرين ، الشيخ ابن باز رحمه الله حيث قال معلقًا على حديث جابر بن سليم الذي فيه :" و إياك و الإسبال فإنه من المخيلة ". قال:" فجعل الإسبال كله من المخيلة ؛ لأنه في الغالب لا يكون إلا كذلك ، ومن لم يُسبل للخيلاء فعمله وسيلة لذلك ، والوسائل لها حكم الغايات "

قلت : ليس هذا على إطلاقه ، فما يكون للخيلاء في مجتمع قد لا يكون كذلك في مجتمع آخر ، و هذا أمر مشاهد ، لأن العادات و الأعراف غير ثابتة . و قد ورد الحديث بلفظ : " وإياك والمخيلة فإن الله عز وجل لا يحب المخيلة ..." رواه أحمد في المسند (20738) و ابن المبارك في الزهد (1047) و الشيباني في الأحاد و المثاني (1183) ، و هذه الرواية تبيّن أن النهي إنما هو لأجل المخيلة .كما أنه لو كان الإسبال كله مخيلة لصار قوله صلى الله عليه و سلم " من جر ثوبه خيلاء.." لا معنى له . و كذلك فإن الواقع يبطله ضرورة كما ذكر الإمام الشوكاني رحمه الله . بل إنّ هذه الوسيلة ربما انقلبت عكسيًّا ، كما هي الحال في المجتمع الذي أنا فيه ، حيث ينظر إلى سحب الذيول و جرها على أنه رعونة و إهمال ، و ليس عظمة و اختيالاً .

و عليه ، فإن قوله في الحديث " فإنها من المخيلة " خبرٌ عن واقع و ليس حكمًا . أخبر فيه النبي صلى الله عليه و سلم عن حال الناس في عصره و ما كانوا عليه من التعاظم بجر الذيول و التخايل بسحبها . حتى أضحى الإسبال شعارًا للمترفين من أهل العجب و الزهو ، و لا شك أن المؤمن الذي يعيش في مجتمع كهذا ، فإنه يحسن به أن يبتعد عن الهيئات التي تثير الشبهات ، و في هذا الإتجاه يَرِدُ قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إزرة المؤمن إلى نصف الساق " ، و هذا إرشادٌ و ليس إلزامًا .
 

بوجسوم

عضو ذهبي
و مهما يكن ، فإن القول : بأن كل إسبال يؤدي إلى المخيلة قول يكذبه الواقع و ترده الضرورة . ذلك لأن القيم و المفاهيم الإجتماعية غير ثابتة . و قد تنبّه لذلك بعض السلف – لله درهم – فهذا أيوب السختياني و هو من أئمة المسلمين المقتدى بهم ، يقول : " كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها ، و الشهرة اليوم في تقصيرها ".

أخرجه معمر في (جامعه 11/84) – و من طريقه عبدالرزاق في ( المصنف 11/ 84 ) ، و من طريقه أيضا : أخرجه ابن سعد في ( الطبقات 7/ 248) و الدينوري في ( المجالسة 191) و أبو نعيم في ( الحلية 3/7 ) و البيهقي في (الشعب رقم :6243 ).

و بالفعل ، هذا ما نراه بأعيننا حيث صارت هذه اللِّبسة شعارًا لأقوام يظنون أنفسهم الأقرب لتطبيق السنة و يزدرون من يسبل ثوبه حتى و لو كان الإسبال إلى الحد المسنون ؛ أعني الكعبين . و هي الهيئة التي كان عليها سلف الأمة كما سنبينه بعد قليل . و يمعن بعض الأغمار في التشمير إلى حد الشُّهرة المذموم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ( شرح العمدة 4/368) : و يكره تقصير الثوب الساتر عن نصف الساق قال إسحاق بن إبراهيم : دخلت على أبي عبد الله – يعني الإمام أحمد - و عليَّ قميصٌ قصيرٌ أسفل من الرُّكبة و فَوقَ نصفِ السَّاق ، فقال : أَيشٍ هذا ؛ و أنكره ، و في رواية : أيش هذا ، لِمَ تُشَهِّرُ نَفسَك .اهـ

فلا بد إذًا و نحن ندرس السنة أن لا نغفل دراسة المجتمع الذي كان يعيش فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و نتعرف على عاداته ، و الظرف الذي قيلت فيه تلك الأحاديث . فانظر مثلا إلى غسل الرِّجل و هي في النعل ، و قد ذكره الأئمة في أبواب الطهارة ، هل يصلح هذا لأحذيتنا ؟ و انظر إلى دخول القوم إلى المساجد بالنعال ، هل حال المساجد آنذاك كحال مساجدنا اليوم ؟ و انظر في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما بين المشرق و المغرب قبلة " هل يصلح هذا لنا معاشر المغاربة في شمال إفريقية ؟

و هذا المعنى لم يزل ببال العلماء ؛ قال الحافظ أبوزرعة العراقي في ( التثريب ) و هو يتكلم عن الأكمام : قال والدي رحمه الله في شرح الترمذي : لا شك في تناول التحريم لما مس الأرض منها للخيلاء , ولو قيل بتحريم ما زاد عن المعتاد لم يكن بعيدا فقد " كان كمُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ " ، وأراد عمر قص كمَّ عتبة بن فرقد فيما خرج عن الأصابع ، وكذلك فعل عليّ في قميص اشتراه لنفسه . ولكن قد حدث للناس اصطلاح بتطويلها فإن كان ذلك على سبيل الخيلاء فهو داخل في النهي , وإن كان على طريق العوائد المتجددة من غير خيلاء فالظاهر عدم التحريم , وذكر القاضي عياض عن العلماء أنه يكره كل ما زاد على الحاجة والمعتاد في اللباس من الطول والسعة .

و من العلماء من قال : أن الوصف بالخيلاء خرج مخرج الغالب ، والقيد إذا خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له عند عامة الأصوليين - كما قال الشيخ بكر أبو زيد - كما في قولهو ربائبكـم اللاتي في حجـوركم) ، فبنت المرأة محرمة على زوجها ، ربيبة كانت عنده أم لا ، ونحو قوله: ( ولا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة ) ، فالربا قليلُه وكثيرُه حرام .

و الجواب : أن إلحاق هذه المسألة بما ذكر لا يستقيم لوجود الفارق ؛ ذلك لأن دليل القيد بالخيلاء ليس بالمفهوم و إنما هو بالمنطوق و هو قوله صلى الله عليه و سلم لأبي بكر رضي الله عنه : " إنك لست ممن يفعله خيلاء ".

و يقطع كلَّ تأويل حديثُ ابن عمر رضي الله عنهما الذي فيه :" من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة " رواه مسلم (2085) و أبو عوانة (8585) و غيرهما .

و هو نص صريح في أن الإسبال لا يحرم إلا إذا قُصد به الإختيال ، و فيه أيضًا رد على من يزعم أن الإختيال يحصل بمجرد الإسبال و لو لم يخطر ببال المسبل .

و من الأدلة التي تعلق بها القائلون بحرمة الإسبال مطلقًا ، حديث ابن عمر رضي الله عنهما من رواية نافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقالت أم سلمة : فكيف يصنعن النساء بذيولهن ؟ قال : يرخين شبرًا . فقالت : إذا تنكشف أقدامهن ؟ قال : فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه ." رواه النسائي (5336) و الترمذي (1731) و قال : حسن صحيح .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ( الفتح 10/259) : ويستفاد من هذا الفهم التعقب على من قال أن الأحاديث المطلقة في الزجر عن الإسبال مقيدة بالأحاديث الأخرى المصرحة بمن فعله خيلاء ... ووجه التعقب أنه لو كان كذلك لما كان في استفسار أم سلمة عن حكم النساء في جر ذيولهن معنى ، بل فهمت الزجر عن الإسبال مطلقا سواء كان عن مخيلة أم لا ، فسألت عن حكم النساء في ذلك لاحتياجهن إلى الإسبال ، من أجل ستر العورة ، لأن جميع قدمها عورة . فبين لها أن حكمهن في ذلك خارج عن حكم الرجال في هذا المعنى فقط . وقد نقل عياض الإجماع على أن المنع في حق الرجال دون النساء ومراده منع الإسبال لتقريره صلى الله عليه وسلم أم سلمة على فهمها زاهـ

و قد اغتر بهذا الكلام صاحب ( القول المبين في أخطاء المصلين ) فقال (ص31) : و يستفاد من كلمة "رخص" و من سؤال أم سلمة السابق " فكيف يصنع النساء بذيولهن " بعد سماعها وعيد جر الثوب ، التعقب على من قال :-إن الأحاديث المطلقة في الزجر عن الإسبال مقيدة بالأحاديث الأخرى المصرحة بمن فعله خيلاء . و وجه التعقب : أنه لو كان كذلك لما كان في استفسار أم سلمة عن حكم النساء في جر ذيولهن معنى ، بل فهمت الزجر عن الإسبال مطلقا ، سواء كان عن مخيلة أم لا...اهـ

و هذا لعمري أمر عجيب ، و أعجب منه صدوره عن الحافظ رحمه الله ، فهل يعقل أن يعترض بمثل هذا و صدرُ الحديث نصّ في تقييد الإسبال بالخيلاء ؟ كيف استُسيغ مثل هذا التعقب ، و مناسبة سؤال أم سلمة إنما هو قوله صلى الله عليه و سلم : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " ، يقول "خيلاء" ، و الحديث واحد فكيف يعارض أوله بآخره ؟؟؟ و من أين لهذا المتعقب أنّ أم سلمة رضي الله عنها فهمت الإطلاق في الزجر عن الإسبال ؟ و سياق الحديث يأبى ذلك . و كل ما فيه : أنها سألت عمن وقعت من النساء بين الأمرين ؛ أعني بين الإسبال المحرم بقيده و بين وجوب ستر القدمين ، فأذن لهن بالإسبال على أيّة حال لتأكد التستر في حقهن . و يبيّن ذلك رواية " رخّص" ، أي حتى مع وجود هاجس الخيلاء .

فائدة : قال الباجي رحمه الله في ( المنتقى 7/226) :- و هذا يقتضي أن نساء العرب لم يكن من زيهن خفّ و لا جورب . كنّ يلبسن النعال أو يمشين بغير شيء ، و يقتصرن من ستر أرجلهن على إرخاء الذيل .اهـ

قلت : و معنى هذا أن المرأة إذا كان لها ما تستر به قدميها و تأمن معه عدم الإنكشاف عند الحركة ، فلا يلزمها إرخاء ذيلها شبرًا و لا ذراعًا . قال العدوي في حاشيته على ( كفاية الطالب 2/873) : وهذا كله حيث لا خف لها ولا جورب وإلا فلا تزيد .اهـ و استظهر الحافظ العراقي في ( طرح التثريب ) للمرأة التي عليها أكثر من ثوب ساتر ، أن تكتفي بثوب واحد ، و ترفع غيره . قال : لأنّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي حَقِّهِنَّ لِلسِّتْرِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ .

و من الأدلة التي تعلق بها القائلون بالتحريم على الإطلاق ، بعض الأحاديث التي يأمر فيها النبي صلى الله عليه و سلم بعض أصحابه بالتشمير ، قال بعضهم : ويكفيك أن تأتي بأي حديث مما صح فيه احتساب النبي - صلى الله عليه وسلم - على صحابي قد أطال ثوبه فأمره - صلى الله عليه وسلم - بتشميره ليسقط هذا التفريق الذي يذهب إليه جماهير العلماء من فقهاء وشراح للأحاديث ، وذلك لأن النبي – صلى الله عليه وسلم - لم يستفصل منه ، وتركُ الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال كما تعلمون ، وبه يتبين أن النبي – صلى الله عليه وسلم - لم يكن يفرق بين من يفعله خيلاء أو بغيره في وجوب تشمير الثوب فوق الكعبين .اهـ

و الجواب : أن تلك الأحاديث هي من قبيل وقائع الأعيان و الأحوال التي لا تفيد العموم ، وترك الإستفصال فيها لظهور الحال . فأنت إذا رأيت شخصًا يمشي المطيطاء و يلتفت إلى عطفيه شامخًا بأنفه ، فلا تحتاج إلى أن تسأله إن كان يتخايل أم لا ؟؟؟

و من أقوى الدلائل على أن تلك الوقائع لا تفيد العموم ؛ حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند الإمام أحمد (6340) بسند رجاله رجال الصحيح ، يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه وعليه إزار يتقعقع ، يعني جديدًا ، فقال : من هذا ؟ فقلت : أنا عبد الله . فقال : إن كنت عبد الله فارفع إزارك . قال : فرفعته ، قال : زد ؟ قال : فرفعته حتى بلغ نصف الساق . قال : ثم التفت إلى أبي بكر فقال : من جرّ ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة . فقال أبو بكر : إنه يسترخي إزاري أحيانًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لست منهم ."

فهذا الحديث نص صريح في إناطة الحكم بعلة المخيلة ، فإن قيل : لِم أمر ابن عمر بالتشمير و لم يستفصل ؟ فالجواب : أن حال ابن عمر كانت تغني عن الإستفصال ؛ شاب حدث ، عليه لباس جديد ، يتقعقع أي يحدث صوتًا عند تحريكه ، قد أسبله ، فما ظنك به و هو في مجتمع قد تواطأ على اعتبار مثل تلك المظاهر ؟..و لذلك بالغ النبي صلى الله عليه و سلم في أمره بالتشمير ، و كان يكفيه أن يأمره برفعه إلى الكعبين . و الظاهر أن ابن عمر رضي الله عنهما قد كان في نفسه بعض تلك المعاني ، لأنه لم يعتذر بشيء بعد سماعه رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من جر ثوبه من الخيلاء " كما اعتذر الصديق رضي الله عنه .

و على هذا الوجه يُنزَل حديث عمر رضي الله عنه مع الشاب الذي قال له : " ( يا غلام ارفع إزارك فإنه أتقى لربك و أنقى لثوبك "

و منه كذلك ، ما وقع لسالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ؛ قال جرير بن يزيد : كنت جالسًا إلى سالم بن عبد الله على باب داره ، فمر به شاب من قريش يسحب إزاره ، فصاح به سالم وقال : ارفع إزارك ؟ وجعل الشاب يعتذر من استرخاء إزاره ، ثم أقبل عليّ سالم فقال : حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" بينما رجل يمشي في حلة له معجب به نفسه فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة" . رواه أحمد (9053) و أبو عوانة (8559) و النسائي (9679) .

و كذلك كان فهم السلف ؛ إنما ينكرون على من ظنوا به العجب و المخيلة بسبب مظهره ، ولم يكن إنكارهم على إطلاقه كما يفهم البعض .

و من ذلك حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال : " بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة إزار ورداء قد أسبل ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بناحية ثوبه ويتواضع لله ، ويقول: " عبدك وابن عبدك وأمتك " حتى سمعها عمرو فقال: يا رسول الله إني حمش الساقين فقال: " يا عمرو إن الله قد أحسن كل شيء خلقه ، يا عمرو إن الله لا يحب المسبل ... الحديث " و قد سبق ذكره .

و الظاهر أن عمرو فعل ذلك اختيالاً ، كما يشير إليه قول أبي أمامة :" فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بناحية ثوبه ويتواضع لله " . و لذلك فإن النبي صلى الله عليه و سلم لم يقبل اعتذاره . مع أنه قد ثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فعل ذلك للسبب ذاته .

فقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (24816) بسند جيد عن ابن مسعود رضي الله عنه " أنه كان يسبل إزاره فقيل له في ذلك فقال: إني رجل حمش الساقين " . لكن قال الحافظ في الفتح (10/264) : (هو محمول على أنه أسبله زيادة على المستحب ، وهو أن يكون إلى نصف الساق ، ولا يظن به أنه جاوز به الكعبين ! والتعليل يرشد إليه ، ومع ذلك فلعله لم تبلغه قصة عمرو بن زرارة .) اهـ

قلت : قد مر من كلام العلماء أن الإسبال عند الإطلاق يراد به الإرخاء إلى ما دون الكعبين ، و الأصل إبقاء الخبر على ظاهره ، هذا من جهة . و من جهة أخرى ، فإنه حتى لو لم تبلغه قصة عمرو بن زرارة ، فهل يعقل أن يأمر النبي صلى الله عليه و سلم واحدًا من عامة الناس و لا يأمر صاحب وسادته و نعله ، و من هو معه صباح مساء ، يلازمه و يخدمه حتى أن الغريب ليحسب أنه من أهل البيت ؟

و لعل الحافظ ابن عبد البر رحمه الله قد تنبّه لذلك فقال في ( التمهيد 20/229) : " لعله أذن له كما أذن لعرفجة أن يتخذ أنفا من ذهب فيتجمل به."

قلت : و هذا كذلك مجرد تأويل لا دليل عليه ، و الصواب أن يحمل فعل عبد الله بن مسعود على أنه لم يقصد الخيلاء . فالفارق بين العملين هو القصد و النية ، حيث أُذن للأول و منع الآخر على ذلك الإعتبار . و قد قال البهوتي في ( كشاف القناع ) : " ( فإن أسبل ثوبه لحاجة كسِتْرِ ساقٍ قبيحٍ من غير خيلاء ، أبيح ) قال أحمد في رواية حنبل: جر الإزار وإسبال الرداء في الصلاة ، إذا لم يرد الخيلاء فلا بأس (ما لم يرد التدليس على النساء) فإنه من الفحش . وفي الخبر: " من غشنا فليس منا ".اهـ قلت : و قوله " ما لم يرد التدليس ..." إنما يعرف ذلك بقرائن الأحوال .

و مما يستفاد مما سبق : اعتبار أحوال الأشخاص في الأحكام باختلافها وهو أصل مطرد غالبًا ، كما صرح بذلك العلماء ، و قد سبق كلام شيخ الإسلام في ذلك فتذكره .

فائدة : قال الحافظ أبو زرعة العراقي في ( طرح التثريب ) : - يستثنى من جره خيلاء ما إذا كان ذلك حالة القتال فيجوز لما في الحديث الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال:" إن من الخيلاء ما يحب الله ومن الخيلاء ما يبغض الله فأما الخيلاء التي يحب الله فأن يتبختر الرجل بنفسه عند القتال" الحديث صححه ابن حبان . فالجر خيلاء هنا فيه إعزاز الإسلام وظهوره واحتقار عدوه وغيظه بخلاف ما فيه احتقار المسلمين وغيظهم والاستعلاء عليهم .

قال والدي رحمه الله في ( شرح الترمذي ) : والأظهر أيضا جوازه بلا كراهة دفعا لضرر يحصل له ،كأن يكون تحت كعبيه جراح ، أو حكة أو نحو ذلك ، إن لم يغطها تؤذه الهوام كالذباب ونحوه بالجلوس عليها ولا يجد ما يسترها به إلا رداءه أو إزاره أو قميصه ، فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للزبير و ابن عوف في لبس قميص الحرير من حكة كانت بهما وأذن صلى الله عليه وسلم لكعب في حلق رأسه , وهو محرم لما أذاه القمل مع تحريم لبس الحرير لغير عارض وتحريم حلق الرأس للمحرم , وهذا كما يجوز كشف العورة للتداوي وغير ذلك من الأسباب المبيحة للترخص .اهـ

و مما تعلق به المانعون من الإسبال مطلقًا ، قول الشيخ ابن باز رحمه الله : " و لما في ذلك من التشبه بالنساء ، و تعريض الثياب للوسخ و النجاسة ، و لما في ذلك أيضًا من الإسراف ".اهـ
 

عتيج الصوف

عضو مميز
بوجسوم...مع تقديري لمشاركتك.
ولكن لعدم قدرتي على مجاراتك في النقاش معك حول مانقلته من الصحيفة الأبراهيمية.
اود ان "اسوي" مسابقة للأعضاء..وهي :
كل مرة ذكر أسم "محمد" و "قال فلان" في مشاركة الزميل بوجسوم,التي تمنيت لو ان كتبها بنفسه لا أن نقلها عن 17 ألف فلان الفلاني :)
 

قوس قزح

عضو مميز
الشيخ بوعبدالعزيز ..

نقلت هذه الجملة " وحملوا ما ورد النهي فيه عن الإسبال مطلقاً على المقيد "

ممكن تشرحها لنا .. جزاك الله خير .

ومالمقصود بالأرقام اللي بين قوسين عند كل مذهب (1) (2) (3)

أفتونا مأجورين
 

حمد

عضو بلاتيني
مساء الخير اعزائي المشايخ :cool:

الموضوع اساسه انه بذاك الزمن كانو زعماء قريش يلبسون ذاك الحرير اللي يسحبونه وراهم من طوله , هذا ما هو معترض عليه وليس الدشداشة العادية .

بس طبعا ربعنا يا بو عزيز ماتعرف طبعهم اذا حد الردة اختلقوه تبيهم يهتمون بحقيقة قصة تقصير الدشداشة ؟!

يا معود اذا اهم مختلفين على طول اللحية وشكلها خلها على الله بس :إستنكار: .
 

بوجسوم

عضو ذهبي
قلت : أما التشبه بالنساء فبيّنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لِبسة المرأة ، والمرأة تلبس لِبسة الرجل " .رواه أبو داود (4098) و النسائي (9253) و ابن حبان في صحيحه (5751) و الحاكم في المستدرك (7415) و قال : صحيح على شرط مسلم

قال الطبري : المعنى ؛ لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس . و قال الحافظ : وكذا في الكلام والمشي ، فأما هيئة اللباس فتختلف باختلاف عادة كل بلد.اهـ من ( عون المعبود11/105) .

و أما تعريض الثوب للوسخ و للنجاسة فجوابه : أن ما يصيب طرف الثوب من أذى معفو عنه من الشرع بسبب الحرج ، و الأرض يطهر بعضها بعضًا . و الإحتراز من النجاسة لا يوجب بالضرورة تحريم الإسبال .

و أما الإسراف فلا أعرف وجهه ، و نحن نتحدث عن ألبسة هذا العصر حيث المقاييس موحدة ، و الأثواب جاهزة . نعم قد يكون الإسراف في حق من يذهب إلى خياط فيفصل له ثوبًا يزيد على قدره كنحو ذراع ... و أما مجرد بعض الإسبال فلا يكون إسرافًا ، لا عرفًا و لا شرعًا .

و اعلم أن إرخاء اللباس إلى الكعبين بل إلى ما دونهما سنة متبعة خلافًا لتوهم البعض . فقد ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فعلاً و تقريرًا .

أما الفعل فقد روى أبو داود (4096) و ابن أبي شيبة (24831) و البيهقي في الشعب (6147) عن عكرمة قال : رأيت ابن عباس إذا اتزر أرخى مقدم إزاره حتى يقع حاشيته على ظهر قدميه ، ويرفع الإزار مما وراءه ، فقلت :لم تأتزر هكذا ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزر هذه الإزرة " وصححه الألباني رحمه الله في الصحيحة (1238) .

و أما التقرير فقد روى البخاري في جامعه الصحيح في باب نوم الرجال في المسجد (442) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :" رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه رداء ، إما إزار وإما كساء ، قد ربطوا في أعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلغ الكعبين ، فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته "

قلت : و قوله " فمنها ما يبلغ نصف الساقين " ليس المقصود سنة اللباس و لكن لعدم وجود الثياب الكامل السابغ ، كما يدل عليه سياق الحديث .

و كذلك كانت الحال بالنسبة للصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛ فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف (24829) عن خرشة " أن عمر دعا بشفرة فرفع إزار رجل عن كعبيه ثم قطع ما كان أسفل من ذلك . فكأني أنظر إلى ذباذبه تسيل على عقبيه "

و عن أبي إسحاق قال:رأيت ابن عباس أيام منى طويل الشعر، عليه إزار فيه بعض الإسبال، وعليه رداء أصفر. قال الهيثمي (9/285):رواه الطبراني وإسناده حسن . قلت : رواه الطبراني في الكبير (10572) و أبو بكر الشيباني في الأحاد و المثاني (390) .

و أخرج ابن أبي شيبة وعنه أبو نعيم في الحلية : (5/322) وابن سعد في الطبقات: (5/403) عن عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عمرو بن مهاجر قال : " كان قميص عمر بن عبد العزيز ما بين الكعب والشراك "

قال ابن عبد البر رحمه الله : وهذا يحتمل أن يكون عمر ذهب إلى أن يستغرق الكعبين كما إذ قيل في الوضوء إلى الكعبين استغرقهما ، وكان الاحتياط أن يقصر عنهما إلا أن معنى هذا مخالف لمعنى الوضوء ولكن عمر ليس منهم كما قال رسول الله لأبي بكر: لست منهم ، أي لست ممن يجر ثوبه خيلاء وبطرا.اهـ

و أخرج ابن أبي شيبة في ( المصَنَّفِ ) (رقم 24845) قال : حدثنا ابن مهدي ، عن أبي عوانة ، عن مغيرة قال : " كان إبراهيم قميصُه على ظهر القدم " . إسناده صحيحٌ ، و ابراهيم هو ابن يزيد النخعي إمام الكوفة .

و أخرج الإمام أحمد في ( العلل) – رواية ابنه عبد الله – ( رقم 841 ) قال :حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدَّثنا حماد بن زيد ، قال : " أمرَنِي أيّوب ( السختياني ) أن أقطعَ له قميصاً قال : اجعلْه يضرِبُ ظَهْرَ القدم ، و اجعَلْ فَمَ كُمِّهِ شبراً ". وإِسنادٌه صحيحٌ

و اعلم أن حد نصف الساق إنما هو في حق الإزار دون غيره من الثياب ، قال بعض الفضلاء : الثوب ليس كالإزار معنى ولا وصفاً ولا حكماً ، فالثوب هو القميص وهو ما يلبس على الجلد من قطن وكتان ، وله جيب وكمان ، لذا لا يجوز للمحرم أن يحرم بقميص أو ثوب ، بينما يشرع له أن يحرم بإزار ، والإزار هو ما يتزر به ، ويكون ثابتا على النصف الأسفل من البدن من السرة فما دون ، فالروايات التي جاءت بالسنة المطهرة التي تحكي بأن يكون اللباس في حق الرجال إلى عضلة الساقين أو إلى أنصافهما ، وفي بعض الروايات إلى الكعبين ، إنما جاءت كلها بلفظ " الإزار " ، قال العلامة بكر أبو زيد حفظه الله :" إن ألفاظ الروايات بجعل الإزار إلى عضلة الساقين أو إلى أنصاف الساقين كلها جاءت بلفظ " الإزار " ولم أقف على شيء منها بلفظ " الثوب ". فلنقف بالنص على لفظه ومورده ... وقال أيضاً : الإزار ثابت على النصف الأسفل من البدن من السرة فما دون ، فلا يرتفع عند الركوع والسجود ، أما الثوب فإذا كان طوله وطرفه إلى عضلة الساقين ، أو إلى أنصاف الساقين ، فإنه مع الركوع والسجود تحمله الكتفان والظهر ، فينجر إلى أعلى ، ويكون كشف مؤخرة الفخذ مئنة ، أو مظنة قوية لانكشاف العورة ، ولو انكشفت عورته وهو يصلي لبطلت صلاته .اهـ من رسالة (حد الثوب و الأزرة)


و قبل الختام ...

تذكَّرْ أنَّ الأحاديث الواردة في الإسبال على ثلاثة أقسام ؛

قسم مطلق ، مثل قوله " ما أسفل الكعبين في النار " ، و قوله في حديث المغيرة رضي الله عنه : " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم أخذ بحجزة سفيان بن أبى سهل فقال : يا سفيان لا تسبل إزارك فان الله لا يحب المسبلين" رواه أحمد و النسائي في الكبرى (9704) و ابن ماجة(3574) و ابن حبان فى صحيحه و هو حديث حسن و له شواهد.

قلت : الألف و اللام في ( المسبلين ) للعهد الذهني ، و يعني بهم المختالين . و يؤيده رواية ابن حبان الماضية أول البحث بلفظ :" يا سفيان لا تسبل إزارك ، فإن الله لا ينظر إلى المسبلين " و قد مرّ آنفًا بيان مَنْ لا ينظر الله إليهم . و في هذا تأييد قوي لتفسير الحافظ العراقي الذي سبق ذكره ، من أنّ عدم النظر تعبير عن عدم المحبة و المقت .

و منه حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بينما رجل يصلي مسبل إزاره ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اذهب فتوضأ " . فذهب فتوضأ ثم جاء فقال: " اذهب فتوضأ " ، فقال له رجل: يا رسول الله ، مالك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه؟ قال:" إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره ، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل".

رواه أحمد (4/67) و أبو داود (6380 و 4086)

قلت : أعله المنذري فقال : فيه أبو جعفر رجل من المدينة لا يعرف . و قال الحافظ في ( التقريب 1/628) :" أبو جعفر المؤذن الأنصاري المدني مقبول من الثالثة ومن زعم أنه محمد بن علي ابن الحسين فقد وهم " .

قلت : و قوله " مقبول " يعني عند المتابعة ، و لا متابع له في قوله " وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل " . بل الحديث كله على مداره . فالعجب كيف يحكم على صلاة امرئ مسلم و وضوءه بالبطلان بمثل هذه الرواية ؟؟؟

و قد روى ابن خزيمة في صحيحه (781) عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لا ينظر الله إلى صلاة رجل يجر إزاره بطرًا " . قال ابن خزيمة : قد اختلفوا في هذا الإسناد قال بعضهم عن عبد الله بن عمر.اهـ

و يستفاد من هذا الحديث تقييد الجر بالبطر و هو الكبر و الخيلاء . ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه : " من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حلّ و لا حرام " رواه أبو داود (637)

و قسم مقيِّد بالجر و الخيلاء ، و قد ذكرنا طرفًا منه . و بيّنّا بالدليل اتحاد محل العقوبة و مورد الحكم و مقتضى ذلك شرعًا .

و قسم فيه وقائع خاصة بأفراد ، خاضعة لاعتبار أحوالهم ، لا تفيد العموم . و لا تصلح أن تعارض الأحاديث الصحيحة الصريحة في تقييد الحكم بالمخيلة .

و تذكّرْ أنّ الأصل في اللباس الإباحة و الجواز ، لا يحرم منه شيء إلا بنص صحيح صريح لا معارض له . و قد ورد في الحديث :" كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة " رواه البخاري تعليقًا و وصله أحمد ( 6708) و ابن أبي شيبة (24877) و النسائي (2559) و ابن ماجه (3605) و الحاكم (7188) و صححه .

وقال ابن عباس رضي الله عنهما :" كُلْ ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان ؛ سرف أو مخيلة " رواه البخاري تعليقًا و وصله ابن أبي شيبة في مصنفه (24878) .

فينبغي أن تراعي في لباسك ذينك المعنيين ؛ الإسراف وهو مجاوزة الحد المعتاد : سواء كان في الثمن ، أو في الطول ، أو في السعة ، أو في الفصالة ... و أفضل الأمور الإعتدال في كل ذلك . قال الإمام مالك رحمه الله : " أكره للرجل سعة الثوب في نفسه ، و أكره طوله عليه ".

و المخيلة ؛ و هو اللباس الذي يبعث على ازدراء الغير و احتقارهم ، و يثير في النفس مكامن العجب و الزهو .


انتهى هذا البحث القوي الماتع, فخذه-أخي القارئ- بقوة.
 

بوجسوم

عضو ذهبي
قال الشوكاني رحمه الله في ( نيل الأوطار 2/113): " والقول: بأن كل إسبال من المخيلة أخذاً بظاهر حديث جابر ترده الضرورة ، فإن كل أحد يعلم أن من الناس من يسبل إزاره مع عدم خطور الخيلاء بباله .اهـ

قلت: كما أنه لو كان الإسبال كله مخيلة لصار قوله صلى الله عليه و سلم " من جر ثوبه خيلاء.." لا معنى له..!! فتأمل منصفا.

إرخاء اللباس إلى الكعبين بل إلى ما دونهما سنة متبعة خلافًا لتوهم البعض... فقد ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فعلاً و تقريرًا:

أما الفعل فقد روى أبو داود (4096) و ابن أبي شيبة (24831) و البيهقي في الشعب (6147) عن عكرمة قال : رأيت ابن عباس إذا اتزر أرخى مقدم إزاره حتى يقع حاشيته على ظهر قدميه ، ويرفع الإزار مما وراءه ، فقلت :لم تأتزر هكذا ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزر هذه الإزرة " وصححه الألباني رحمه الله في الصحيحة (1238) .

و أما التقرير: فقد روى البخاري في جامعه الصحيح في باب نوم الرجال في المسجد (442) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :" رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه رداء ، إما إزار وإما كساء ، قد ربطوا في أعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلغ الكعبين ، فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته "
قلت : و قوله " فمنها ما يبلغ نصف الساقين " ليس المقصود سنة اللباس و لكن لعدم وجود الثياب الكامل السابغ ، كما يدل عليه سياق الحديث .


و كذلك كانت الحال بالنسبة للصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛ فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف (24829) عن خرشة " أن عمر دعا بشفرة فرفع إزار رجل عن كعبيه ثم قطع ما كان أسفل من ذلك . فكأني أنظر إلى ذباذبه تسيل على عقبيه "
و عن أبي إسحاق قال:رأيت ابن عباس أيام منى طويل الشعر، عليه إزار فيه بعض الإسبال، وعليه رداء أصفر. قال الهيثمي (9/285):رواه الطبراني وإسناده حسن . قلت : رواه الطبراني في الكبير (10572) و أبو بكر الشيباني في الأحاد و المثاني (390) .
و أخرج ابن أبي شيبة وعنه أبو نعيم في الحلية : (5/322) وابن سعد في الطبقات: (5/403) عن عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عمرو بن مهاجر قال : " كان قميص عمر بن عبد العزيز ما بين الكعب والشراك ".
وأخرج ابن أبي شيبة في ( المصَنَّفِ ) (رقم 24845) قال : حدثنا ابن مهدي ، عن أبي عوانة ، عن مغيرة قال : " كان إبراهيم قميصُه على ظهر القدم " . إسناده صحيحٌ ، و ابراهيم هو ابن يزيد النخعي إمام الكوفة .


و تذكّرْ أنّ الأصل في اللباس الإباحة و الجواز ، لا يحرم منه شيء إلا بنص صحيح صريح لا معارض له . و قد ورد في الحديث :" كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة " رواه البخاري تعليقًا و وصله أحمد ( 6708) و ابن أبي شيبة (24877) و النسائي (2559) و ابن ماجه (3605) و الحاكم (7188) و صححه .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما :" كُلْ ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان ؛ سرف أو مخيلة " رواه البخاري تعليقًا و وصله ابن أبي شيبة في مصنفه (24878) .
فينبغي أن تراعي في لباسك ذينك المعنيين ؛ الإسراف وهو مجاوزة الحد المعتاد. والمخيلة ؛ و هو اللباس الذي يبعث على ازدراء الغير و احتقارهم ، و يثير في النفس مكامن العجب و الزهو .
 

بوجسوم

عضو ذهبي
يقو الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
لا يجوز إسبال الملابس مطلقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "ما اسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار" رواه البخاري في صحيحه، ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر بن سليم: "إياك و الإسبال فانه من المخيلة" و لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله و لا ينظر إليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب اليم . المسبل إزاره و المنان فيما أعطى و المنفق سلعته بالحلف الكاذب" أخرجه مسلم في صحيحه، و لا فرق بين كونه يريد الخيلاء بذلك أم لم يرد ذلك لعموم الأحاديث ولأنه في الغالب إنما أسبل تكبرا وخيلاء فان لم يقصد ذلك ففعله وسيلة للكبر و الخيلاء ولما في ذلك من التشبه بالنساء وتعريض الثياب للوسخ و النجاسة ولما في ذلك أيضا من الإسراف. و من قصد الخيلاء كان إثمه أكبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" أما قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبى بكر الصديق رضى الله عنه لما قال له إن إزاري يرتخي إلا أن أتعاهده: "إنك لست ممن يفعله خيلاء" فهو دليل على أن من يعرض له مثل ما يعرض للصديق فلا حرج عليه إذا تعاهده و لم يتعمد تركه. و أما الكم فالسنة ألا يتجاوز الرسغ وهو مفصل الذراع من الكف .
 

IMSE

عضو فعال
بوجسوم...مع تقديري لمشاركتك.
ولكن لعدم قدرتي على مجاراتك في النقاش معك حول مانقلته من الصحيفة الأبراهيمية.
اود ان "اسوي" مسابقة للأعضاء..وهي :
كل مرة ذكر أسم "محمد" و "قال فلان" في مشاركة الزميل بوجسوم,التي تمنيت لو ان كتبها بنفسه لا أن نقلها عن 17 ألف فلان الفلاني :)

هذا الي فالحين فيه الطنازة، لمه الواحد يرد عليكم رد علمي سليم قمتوا اتطنزون، ما عندكم شي مفيد تقوله لا تقول.

و الي يدل على ضحالتك الريال ما يبي يفتي على كيفه، الريال يزاه الله خير، راح و يابلك اقوال العلماء في هذا الموضوع، و هذا رد على كلام بو عبدالعزيز إنه في اختلاف بالموضوع، نعم فيه اختلاف و يزاه الله خير بوجسوم إنه وضح، و الواحد عاد يختار الي يريحه، بس للاسف الناس الي ما عندها إلا الجمبزة و التطنز هذا الي تقوله.

نعم بوعبدالعزيز للاسف في ناس يعطونك وجهة النظر الي هم يأمنون فيها و الي مثل ما قال بوجسوم اهي نظرة ابن عثيمين الله يرحمه، لكن في عدة وجهات نظر و إن شاء الله تلقى في الي قاله بوجسوم الي يفيدك و يجاوبك على نقطتك
 

بوجسوم

عضو ذهبي
(( لو كان الإسبال كله مخيلة لصار قوله صلى الله عليه و سلم " من جر ثوبه خيلاء.." لا معنى له..!! فتأمل منصفا )).

وهذا الكلام يقضي على النزاع في مهده.

فـ(((علة))) تحريم الإسبال هي ((المخيلة)), لا أي شيء اخر.
 

بوجسوم

عضو ذهبي
الشيخ عبدالعزيز الحنوط من منتدى أهل الظاهر:
بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه ، وصلاةً وسلاماً على رسول اللّه ، وآله وصحبه ، ومن اتبع سنته ووالاه .

أما بعد : فهذا تخريح لحديث تنازع فيه أهل العلم فمن مصحح له ومن محسن ومن قادحاً فيه ، من أجل ذلك أحببتُ أن أُدْلي فيه بما فتح الله به علي ، مستخدماً بذلك القواعد الحديثية التي وضعها اسلافنا ـ رضوان الله عليهم ـ فما كان فيه من صواب فبتوفيق من اللّه وحده ، وما كان فيه من خلل ونقص فمني ومن الشيطان ، وأسأل اللّه بِمَنِّهِ وكرمه أن يتجاوز ذلك كله عني .

أخرج أبو داود في " سننه " (4094) ، والنسائي (8/ 208) ، وابن ماجه (3576) ، وابن أبي شيبة في " المصنف " (5/ 168) رقم (24830) ، وابن أبي الدنيا في " التواضع والخمول " (221 رقم 251) ، وهناد السْري في " الزهد " (2/ 432) رقم (847) ، والطبراني في " الكبير " (12/ 311) رقم (13209) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " (5/ 491) وفي " شعب الإيمان " (5/ 146) رقم (6131) ، جميعاً من طريق حُسَينٍ بن علي الجُعفيّ ، عن عبالعزيز بن أبي رَوَّادٍ ، عن سالم بن عبدالله ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الإِسْبَالُ في : الإِزَارِ ، والقَميصِ ، والعمامَةِ ، مَنْ جَرَّ مِنْهَا شَيْئاً لم يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ " .

قُلْتُ : وهذا إسناد جيد ، رجاله كلهم ثقات .

ومع ذلك أعله بعضهم بعدة علل ، سوف أذكرها مع الجواب عنها ، وهي كالتالي :

أولها : ما قيل في عبدالعزيز بن أبي رواد .

ويجاب عن هذه العلة بأن يقال : عبدالعزيز بن أبي رواد ثقة ، وما قيل فيه لا ينزله عن ذلك ، وهاك أقوال أهل العلم فيه :

قال يحيى بن القطان : ثقة في الحديث ليس ينبغي أن يترك حديثه لرأي أخطأ فيه .

قوله : ( لرأي أخطأ فيه ) ، يعني كونه مرجئاً ، وهي علة غير قادحة في صدقه وثقته .

وقال ابن معين : ثقة

وقال أبو حاتم : صدوق ثقة في الحديث متعبد .

وقال العجلي : ثقة .

وقال النسائي : ليس به بأس .

وقال الساجي : صدوق يرىْ الإرجاء .

وقال الحاكم : ثقة مجتهد شريف النسب .

أما ذكر أبو زُرْعة له في كتاب " الضعفاء " ، فقد أفصح عن سبب ذلك وهو قوله : ( كان يرى الإرجاء ) ، وهذا في الحقيقة لا يضر ما دام صادقاً ضابطاً حافظاً ، والله أعلم .

وقال ابن حبان : وكان ممن غلب عليه التقشف حتى كان لا يدري ما يحدث به فروى عن نافع أشياء لا يشك من الحديث صناعته إذا سمعها أنها موضوعة كان يحدث بها توهماً لا تعمداً .

وتعقيباً على كلام ابن حبان الإمام ندع الحافظ ابن عبدالهادي يرد عليه ، فقد قال في كتابه " التنقيح " كما في " نصب الراية " ( 2/ 422 ) للزيلعي :

" وإن كان ابن حبان تكلم فيه ؛ فقد وثقه يحيى القطان ، وابن معين ، وأبو حاتم ، وغيرهم . والموثقون له أعرف من المضعفين ، وقد أخرج له البخاري استشهاداً " .

وتعقبه ـ أيضاً ـ الإمام الألباني في " الضعيفة " (4/ 309 ـ 310) بقوله :

" ذكره ابن حبان في " الضعفاء " وأورد له أحاديث استنكرها عليه بل عدها من موضوعاته فقال : روى عن نافع عن ابن عمر نسخة موضوعة لا يحل ذكرها إلا على سبيل الاعتبار ... وقد كان الأولى به أن يورده في ترجمة الراوي عنه : عبدالرحيم ( وهو ابن هارون ) ، ولكنه أتي من خطأ آخر وقع له ، وهو أنه أورد عبدالرحيم هذا في " الثقات " (8/ 413) ، وقال :

" يعتبر بحديثه إذا روى عن الثقات من كتابه ، فإن فيما حدث من غير كتابه بعض المناكير " !

فمن كان هذا حاله كيف يوثق أولاً ؟ ثم كيف يتهم شيخه ابن أبي رواد بما رواه عنه ، وقد وثقه جمع واحتج به مسلم ؟! وقد أشار الذهبي إلى إنكاره لهذا الصنيع منه في ترجمة عبدالعزيز بقوله :

" ثم أسند ابن حبان له حديثين منكرين أحدهما لعبدالرحيم بن هارون ـ أحد التلفى ـ والآخر لزافر بن سليمان عنه " .

قُلْتُ ( أي الألباني ) : وزافر هذا أورده ابن حبان في " الضعفاء " (1/ 315) ، فهذا من جنفه أيضاُ ، لأنه لا يجوز والحالة هذه تعصيب الجناية به في الحديث الذي أشار إليه الذهبي ، ما دام أنه من رواية ضعيف عن ضعيف عنده ، فالعدل في هذه الحالة التوقف ، وهذا هو الذي أعرفه من ابن حبان في كثير من " ضعفائه " .

وقال علي بن الجنيد : كان ضعيفاً وأحاديثه منكرات .

أقول : علي بن الحسين بن الجنيد هو إمام ثقة حجة ، غير أن ما ذهب إليه من تضعيف ابن أبي رواد مرجوح بتوثيق القطان وابن معين وأبو حاتم وغيرهم ، وهؤلاء الأئمة قد عُرِفوا بتشددهم في النقد فهم لا يوثقون إلا رجلاً صحيح الحديث ، قال الذهبي في " السير " (13/ 260) في ترجمة أبي حاتم :

" إذا وثق أبو حاتم رجلاً فتمسك بقوله فإنه لا يوثق إلا رجلاً صحيح الحديث ... " .

قُلْتُ : ويمكن أن يحمل هذا التضعيف على حديث معين أو راوي معين أو طريق معين وهكذا .

زيادة على ما ذكرت أقول : علي بن الجنيد لم يُعْرف بالنقد كأساطين النقاد الكبار من أمثال : يحيى بن سعيد ، وابن معين ، وأبي حاتم وغيرهم . فعند التعارض كلامهم هو المقدم حينئذ ، والله أعلم .

أما قوله : ( وأحاديثه منكرات ) ، الحمل فيها على من فوقه ؛ لأنه روى عن ضعفاء كما تقدم عند مناقشة كلام ابن حبان ، أو الحمل فيها على من دونه ، ولو اتهمنا كل من روى عن مجهول أو كذاب خبراً منكراً أو موضوعاً لتهمنا كثيراً من الثقات رووا مناكير عن مجاهيل وكذبين .

وقال البَرْقَانيُّ : سمعتُ الدَّارّقُطْنِيُّ يقول : عبدالمجيد بن عبدالعزيز بن أبي رَوَّاد ، لا يُحْتَج به ، يُعْتَبر به ، وأبوه أيضاً لَيِّنٌ ، والابن أثبتُ . قيلَ : إنه مُرجىءٌ ، ولا يُعْتَبر بأبيه يُتْرك ، وهما مَكِّيَّان .

وقال السُّلَمِيُّ : سُئِل الدَّارَقُطْنِيُّ عن عبدالعزيز بن أبي رَوَّاد ، فقال : هو متوسطُ الحديثِ ، ربما وَهِمَ في حديثه .

قُلْتُ : قوله : ( لين ) ، يفسره قوله الآخر ( متوسط الحديث ) ، بدلالة قوله : ( ربما وهم ) ، وهذا دليل صريح في أن خطأه قليل ، ومن ثبتت ثقته ، فلا يسقط حديثه لمجرد أن وهم في أحاديث .

وقال ابن عدي : وفي بعض روياته ما لا يتابع عليه .

قُلْتُ : وهذا ليس من الجرح في شيء ، وليس من شرط الثقة أن يتابع في كل ما حدث به ، وإنما شرطه أن لا ينفرد بالمناكير عن المشاهير فيكثر ، قال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ في " الصحيحة " (2/ 485) ، متعقباً ابن عدي :

" هذا جرح لين ، وقد وثقه جماعة ، واحتج به مسلم " .

وقال عبدالله بن أحمد : قال أبي : عبدالعزيز بن أبي رَوَّاد ، رجلٌ صالحٌ ، وكان مرجئاً ، وليس هو في التثبت مثل غيره .

وقال ابن هانىء : سألته ( يعني أبا عبدالله ) عن عبدالعزيز بن أبي روَّاد ؟ فقال : ليس حديثه بشيءٍ .

وقال أحمد بن محمد : سمعت أبا عبدالله يُسأل عن عبدالعزيز بن أبي روَّاد ، وأيمن بن نابل . فقال : هؤلاء قوم صالحون ، يعني في الحديث فيما أرى .

قُلْتُ : كلام الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ لا ينافي التوثيق ، وإنما يظهر أثر ذلك إذا خالف من هو أثبت منه . وإن عد من الجرح فيقابل حينئذ بتوثيق الجمهور ، فنخرج بنتيجة وهي : أنه ثقة ويحتج به ، ولا يرد من حديثه إلا ما قام الدليل على رده .

ويمكن حمل كلام الإمام أحمد فيه من باب الأغلاظ وترهيباً عن الاقتداء به في بدعته ، قال الحافظ في " مقدمة الفتح " (ص481) :

" تكلم فيه الإمام أحمد للإرجاء " .

وأما كون العقيلي ذكره في كتاب " الضعفاء " ، فهذا لا يضر ما لم يكن فيما ذكره ما يوجب ضعفه ، وذلك أن عادة المصنفين في " الضعفاء " أنهم يذكرون الرجل في كُتبهم ـ وإن كان ثقة ـ لأدنى كلام فيه ، قال ابن عدي في " الكامل " في ترجمة ابن أبي داود : لولا أنا شرطنا أن كل من تكلم فيه ذكرناه لما ذكرت ابن أبي داود .

وقال الذهبي : ثقة مرجىء ، عابد .

وقال الهيثمي : ثقة ينسب إلى الإرجاء .

قُلْتُ : إرجاؤه لا يضر حديثه ، كما هو مقرر في " مصطلح الحديث " .

وقال ابن حجر : صدوقٌ رُبما وَهِمَ ، ورُمِيّ بالإرجاءِ .

قال أبو عبدالرحمن : خلاصة الأمر أنه ثقة ويحتج به ، ولا يرد من حديثه إلا ما قام الدليل على رده ، وإذا كان الأمر كذلك فلا يضر حينئذ تفرده كما هو معلوم في " مصطلح الحديث " ، وتخطئة الثقات بالظن أمر مرفوض ؛ لأنه يؤدي إلى الشك في جميع الثقات .

( موسوعة أقوال الإمام أحمد 2/ 364 ، موسوعة أقوال أبي الحسن الدارطني في رجال الحديث وعلله 2/ 415 ، أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية مع تحقيق كتابه الضعفاء 2/ 635 ، الكامل 5/ 1929 ، المجروحين 2/ 119 ، الجرح والتعديل 5/ 394 ، الضعفاء للعقيلي 3/ 6ـ 10 ، تهذيب الكمال 18/ 136 ـ 140 ، معرفة الثقات للعجلي 2/ 96 ، تهذيب التهذيب 6/ 338 ـ 339 ، مجمع الزوائد 1/ 214 ، الكاشف 2/ 198 ، تقريب التهذيب ص386 ) .

وثانيها : إن الحديث روي عن سالم عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ : " من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " ، وليس فيه ذكر القميص والعمامة والحصر بالثلاث .

وقد رواه عن سالم عدد من الثقات بهذا اللفظ فمنهم : موسى بن عقبة كما عند البخاري وأبو داود والنسائي وأحمد وابن حبان والبيهقي وابن حزم وغيرهم .

ومنهم : حنظلة بن أبي سفيان كما عند مسلم وأبو عوانة .

ومنهم : قدامة بن موسى كما عند البخاري ومسلم وأبو عوانة .

وغيرهم ، كلهم رووه عن سالم عن ابن عمر بهذا اللفظ .

وقد ورد عن ابن عمر من طرق أخرى عن نافع وعبدالله بن دينار وزيد بن أسلم ومحارب بن دثار وجبلة بن سحيم ونعيم بن المجمر ومسلم بن يَنَّاق وغيرهم بنفس اللفظ : " من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " ، وجاء بلفظ : " إن الذي يجرّ إزاره من الخيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة " ، وورد ـ أيضاً ـ بلفظ : " مَنْ جر إزاره لا يريد إلا الخيلاء لم ينظر الله ـ عز وجل ـ إليه يوم القيامة " ، وورد كذلك بلفظ : " من جر إزاره من الخيلاء لم ينظر إليه يوم القيامة " ، وورد ـ أيضاً ـ بلفظ : " من جر ثوباً من ثيابه فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة " .

وهذا يعني أن تفرد ابن أبي رواد من بين اللذين رووا هذا الحديث عن سالم بهذا اللفظ منكر ، ويؤكد هذا أن كل الطرق الأخرى عن ابن عمر ( من غير طريق سالم ) ليس فيها هذا اللفظ .

ويجاب عن ذلك فيقال : ابن أبي رواد ثقة فلا يضر تفرده حينئذ ، وروايته مع غيره متفقة غير مختلفة ، وهاك البيان :

حديث الباب لا يعني حصر الإسبال في الثلاثة المذكورين بدلالة السياق وهو قوله : (من جر شيئا) فهذا تعبير عن اللباس بقرينة الحال .

ويمكن أن يقال : أن حديث الباب هو حديث آخر يختلف عن حديث ابن عمر الذي ليس فيه هذا التفصيل ، فإن كان الأمر كذلك فيقال لمن حصر الإسبال في الثلاثة المذكورين ، هذا محتمل وليس وجهاً متعيناً ، بل من المحتمل أن يكون الإسبال في غير الثلاثة المذكورين أيضاً ، وحديث ابن عمر مرفوعاً بلفظ : " من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر اللّه إليه يوم القيامة " ، يشهد للاحتمال الثاني ؛ لأن الثياب عام في كل ما يلبس مما يستر البدن ، فيدخل تحت هذا العموم : الإزار ، والقميص ، والعمامة وغيرهم ، ويقوي ذلك ما جاء في كتاب " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " (ص56 ـ 57) للإمام أبي بكر الخلال عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه مر برجل من قريش يجر شملة فقال له : ياابن أخي سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " .

قُلْتُ : و ( الشملة ) هي : شقة من الثياب ذات خمل يتوشح بها ويتلفع . وكساء من صوف أو شعر يتغطى به ويتلفف به ، فهي حينئذ زائدة عن الثلاثة المنصوص عليها في الحديث وفهم الصحابي مقدم على غيره ، كيف وهو راوي الحديث وكما قيل : الراوي أدرى بمرويِّه مِن غيره . والله أعلم .

وينبغي العمل بالمطلق لاختلاف التقييدات ؛ لأن العمل به يُخْرج جميع الإشكالات ويتضمن العمل بجميع الروايات .

ويقوي أن لا بن عمر أكثر من رواية ما نجده في الطريق الذي عند البخاري وغيره فقال أبو بكر : يارسول اللّه إزاري يسترخي ... ونجد كذلك في الرواية الأخرى عند أبي داود والترمذي وغيرهما ، فقالت أم سلمة : فكيف تصنع النساء بذيولهن ...

على ذلك فليس بين الطريقين عن ابن عمر منافاة بل الجمع أولى من الترجيح ، والأحاديث يفسّر ويؤيد بعضها بعضاً كما هو ظاهر .

قُلْتُ : ويزيد ذلك وضوحاً ما أخرجه البخاري وغيره من طريق شعبة قال : لقيتُ محاربَ بن دِثار على فرسٍ وهو يأتي مكانهُ الذي يَقضي فيه ، فسألته عن هذا الحديث ، فحدَّثني فقال : " سمعتُ عبدَالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يقول : قال رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : منَ جَرَّ ثوبهُ مَخيلة لم ينظر الله إليه يومَ القيامة " فقلت لمحارب : أذكر إزارَهُ ؟ قال : ما خَصَّ إزاراً ولا قميصاً .

قال الحافظ في " الفتح " (10/ 273) معلقاً :

" كان سبب شعبة عن الإزار أن أكثر الطرق جاءت بلفظ الإزار ، وجواب محارب حاصله أن التعبير بالثوب يشمل الإزار وغيره " .

واعلم أن أكثر الأحاديث إنما جاءت بذكر إسبال الإزار وحده ؛ لأن أكثر الناس في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانوا يلبسون الإزار والأردية ، فلما لبس الناس القميص وغير ذلك كان حكمها حكم الإزار ؛ لأنها داخلة في معنى الثوب ، قال الإمام الطبري :

" إنما ورد الخبر بلفظ الإزار ؛ لأن أكثر الناس في عهده كانوا يلبسون الإزار والأردية ، فلما لبس الناس القميص والدراريع كان حكمها حكم الإزار في النهي " أ.ه .

وثالثها : أخرج أبو داود (4095) ، ,احمد (2/ 110، 137) ، وهنّاد السْري في " الزهد " (2/ 433) رقم (848) ، والطبراني في " المعجم الأوسط " (1/ 267) رقم ( 425) ، والدلابي في " الكنى " (2/ 13) ، والبيهقي " في شعب الإيمان " (5/ 147) رقم ( 6132 ) ، كلهم من طريق أبي الصباح سعدان بن سالم الأيلي ، عن أبي يزيد بن أبي سمية قال : سمعتُ ابن عمر يقول : ما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الإزار ، فهو في القميص .

وهذا إسناد جيد ، رجاله كلهم ثقات .

فتبين بهذا أن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ليس عنده نص خاص في القميص ، ولذلك قال لهم ما قال رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الإزار فهو في القميص ولو كان عنده نص خاص في القميص لقاله ، لأنه أقوى .

فتبين بهذا بطلان هذا الحديث ونكارته والله أعلم .

وقد أجاب عن هذه الشبهة الشيخ المفضال عبدالله بن يوسف الجديع في كتابه " الأَجُوِبَةُ المَرْضيَّةُ عن الأَسْئِلَةِ النَّجْدِيَّةِ " (ص76) بقوله :

" وإنما قال ابن عمر هذا من أجل ما روى عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لا رأياً واجتهاداً " .

قال الحافظ في " الفتح " (10/ 273) :

" واستغربه ابن أبي شيبة " .

قُلْتُ : وهذا لا يعني التضعيف ؛ لأن الغرابة لا تنافي الصحة بل قد تجامعها أحياناً كما لا يخفى وهناك عدة أحاديث تفرد بها بعض الثقات ولم يُحْكم عليها بالنكارة ، بل صححها أهل العلم وفي كتاب سنن الترمذي الشيء الكثير من ذلك .

ومن ترجم لا بن أبي رواد من الأئمة لم يذكروا حديثنا مما استنكر عليه .

والسؤال الذي يطرح نفسه كما يقال : هل هذا الحديث حدث به سالم في مجلس واحد، كي نستطيع القول أن ابن أبي رواد قد خالف الجماعة ، وتوهين رواية الفرد أولى من توهين رواية الجماعة ، أم حدث به في عدة مجالس ؟ فإذا أردنا توهين رواية ابن أبي رواد فعلينا إثبات أن سالم حدث بهذا الحديث في مجلس واحد ، ودون إثبات ذلك خرط القتاد كما يقال .

وقد صحح هذا الحديث الإمام النووي في " رياض الصالحين " رقم (799) ، وفي " شرح صحيح مسلم " (14/ 62) ، وحسنه في موضع آخر (2/ 116) .

وصححه إمام العصر شيخنا الإمام الألباني في " صحيح الجامع " رقم (2770) .
 

عتيج الصوف

عضو مميز
هذا الي فالحين فيه الطنازة، لمه الواحد يرد عليكم رد علمي سليم قمتوا اتطنزون، ما عندكم شي مفيد تقوله لا تقول.

و الي يدل على ضحالتك الريال ما يبي يفتي على كيفه، الريال يزاه الله خير، راح و يابلك اقوال العلماء في هذا الموضوع، و هذا رد على كلام بو عبدالعزيز إنه في اختلاف بالموضوع، نعم فيه اختلاف و يزاه الله خير بوجسوم إنه وضح، و الواحد عاد يختار الي يريحه، بس للاسف الناس الي ما عندها إلا الجمبزة و التطنز هذا الي تقوله.

نعم بوعبدالعزيز للاسف في ناس يعطونك وجهة النظر الي هم يأمنون فيها و الي مثل ما قال بوجسوم اهي نظرة ابن عثيمين الله يرحمه، لكن في عدة وجهات نظر و إن شاء الله تلقى في الي قاله بوجسوم الي يفيدك و يجاوبك على نقطتك

الله يهداك و يوسع عليك أجرك و مثواك..ويعنين من جنان الآخرة تمرة و مسواك :وردة:
عزيزي اتهمتني بالطنازة..والعيارة و الجمبزة..والضحالة الفكرية..لعدم مقدرتي على نسخ خمطة أحاديث و آيات من اي مصدر انترنتي مسلم على سيرفرات الشياطين !
ولكن على العموم..الشرهة مش عليك و لا على ناقل الأحاديث..على السلف الصالح اللي ماعرف يربي أجيال تحترم العقل البشري و الأعراف الأنسانية قبل قراءة اجندات الفقهاء :)
 

بوجسوم

عضو ذهبي
((اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عتيج الصوف
بوجسوم...مع تقديري لمشاركتك.
ولكن لعدم قدرتي على مجاراتك في النقاش معك حول مانقلته من الصحيفة الأبراهيمية.
اود ان "اسوي" مسابقة للأعضاء..وهي :
كل مرة ذكر أسم "محمد" و "قال فلان" في مشاركة الزميل بوجسوم,التي تمنيت لو ان كتبها بنفسه لا أن نقلها عن 17 ألف فلان الفلاني

هذا الي فالحين فيه الطنازة، لمه الواحد يرد عليكم رد علمي سليم قمتوا اتطنزون، ما عندكم شي مفيد تقوله لا تقول.

و الي يدل على ضحالتك الريال ما يبي يفتي على كيفه، الريال يزاه الله خير، راح و يابلك اقوال العلماء في هذا الموضوع، و هذا رد على كلام بو عبدالعزيز إنه في اختلاف بالموضوع، نعم فيه اختلاف و يزاه الله خير بوجسوم إنه وضح، و الواحد عاد يختار الي يريحه، بس للاسف الناس الي ما عندها إلا الجمبزة و التطنز هذا الي تقوله.

نعم بوعبدالعزيز للاسف في ناس يعطونك وجهة النظر الي هم يأمنون فيها و الي مثل ما قال بوجسوم اهي نظرة ابن عثيمين الله يرحمه، لكن في عدة وجهات نظر و إن شاء الله تلقى في الي قاله بوجسوم الي يفيدك و يجاوبك على نقطتك))

حبيبي Imse, السلام عليكم, أخونا أنا في هذا المنتدى ما أعطي رأيي في موضوع الا و أنا مدقق فيه, بني ليبرال و علمان يقدسون عقولهم زيادة عن اللزوم, المسألة فيها نصوص, أنت تختلف يا بوعزوز و عتيج الصوف و ووالخ, عطونا الدليل ((النص الصريح الصحيح)) على حجة كلامكم, و اللي أوردته كلام مشايخ و علماء أعلم مني و منكم كلكم, و هذا التحدي قائم بيننا و بينكم يا أهل الإنفتاح الامبرر, و يكفي اللي قاله عتيج الصوف "ولكن لعدم قدرتي على مجاراتك في النقاش معك حول مانقلته من الصحيفة الأبراهيمية" هذا ينمي عن عدم المامه بما هو حوله و يكتفي بعبادة عقله و عدم إعطائنا الدليل عليه, روح تعلم يا جديد البريسم, و بالأخير عطونا دليلكم و من وين مصدره,,,,أرد و أقول مصدره....
بارك الله فيك أخوي Imse و وفقك الله و لجميع المسلمين
 

عتيج الصوف

عضو مميز
عزيزي بوجسوم
اتمنى انت و الشلة الصالحة "بتاعتك" تقرأو مشاركني في اول الموضوع..لكي تعرف ما الغرض من الرد عليكم و على (.......................) نقاشنا حول اسدال الثوب و تقصيره..قلنا رأينا بوجهة نظر انسان يعتمد على عقله في استنباط الأعراف و القيم الأنسانية التي امتزجت بالعادات و التقاليد التي توارثناها من قبل نزول الأسلام " (...........) ".
ولو كان عقلي اله..لعبدته ! و ش المشكلة ان كان تقديسي لعقلي هو تقديرا له على تبصيري ماهو خير لي..سواء كان من عرف انساني او دين لاهوتي او فائدة علمية.
(......................................................)
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

بوجسوم

عضو ذهبي
((عزيزي اتهمتني بالطنازة..والعيارة و الجمبزة..والضحالة الفكرية..لعدم مقدرتي على نسخ خمطة أحاديث و آيات من اي مصدر انترنتي مسلم على سيرفرات الشياطين !
ولكن على العموم..الشرهة مش عليك و لا على ناقل الأحاديث..على السلف الصالح اللي ماعرف يربي أجيال تحترم العقل البشري و الأعراف الأنسانية قبل قراءة اجندات الفقهاء))

وهم تتجرأ على من سلفنا؟؟؟؟ سبحان الله, هذا فكرك؟؟؟؟ هذا إحترام العقل البشري و الأعراف الإنسانية؟؟؟؟!!!! و أين هي هذه الأجندة و من هم فقهائها؟؟؟؟ أنت و ربعك؟؟؟؟ يا سلام على الفقهاء يا سلام عليك, حبيبنا ناقشنا علميا مو تتفلسف علينا, عطنا ردودك اللي تفحم الواحد ههههههه
 
أعلى